كيف تتكون البروتينات؟

كيف تتكون البروتينات؟

إن عملية تكون البروتينات من المعجزة الإلهية في برمجة الخلايا الداخلية، حيث تعد عملية تصنيع البروتينات من العمليات الدقيقة والبديعة التي تظهر عظمة الخالق في بناء الجسد الإنساني، كيف يتم تصنيع البروتينات؟ وما هي البروتينات؟ وما هو الحمض الأميني؟ كل هذه الأسئلة وغيرها سيتم الإجابة عنها في هذا المقال.

-أولًا: تعريفات مهمة:

-البروتينات: هي جزيئات حيوية ضخمة تتكون من سلسلة أو أكثر من الأحماض الأمينية. تقوم البروتينات بوظائف كثيرة ومتنوعة داخل أجسام الكائنات منها: تحفيز التفاعلات الأيضية، تضاعف الدنا، الاستجابة للمنبهات، توفير بنية للخلايا والكائنات، ونقل الجزيئات من مكان لآخر.

-الحمض الأميني: هو الوحدة البنائية الأساسية للبروتينات والببتيدات في الكائنات الحية،وتدخل في تركيب الهرمونات والإنزيمات، وكذلك في تركيب خلايا المناعة وهي مجموعة من المركبات العضوية متكونة من مجموعة أمين (–NH2) على الأقل مشتبكة مع مجموعة كربوكسيل (–COOH). ينتج التمثيل الغذائي في جسم الإنسان عددا كبيرا من الأحماض الأمينية المختلفة، لكن توجد 10 أحماض أمينية لا يستطيع جسم الإنسان تصنيعها ولابد من أن يتناولها الشخص من غذائه ؛ تلك العشرة أحماض أمينية الأساسية تسمى الأحماض الأمينية الضرورية.

-النيوكليوتيد: الجزء الصغير الذي يبنى منه جزيء "دي أن أي". وحدة بنائية صغيرة، وعند ارتباطه بوحدات بنائية  أخرى يكوّن البوليمر أو الجزء الكبير الذي هو دي أن أي. ويتكون النوكليوتيد من:قاعدة نيتروجينية وسكر خماسي ومجموعة فوسفات واحدة على الأقل، وفي جسم الإنسان توجد خمسة أنواع من النيوكليوتيدات، وهي "أدينين" و"سايتوسين" و"غوانين" و"ثيامين" و"يوراسيل".

-الجينات: مقاطع أو أجزاء قصيرة من شريط "دي أن أي"، وكل مقطع يكون مسؤولا عن توارث صفة معينة. فمثلا هناك مقطع يحمل لون الشعر، وآخر مخزن عليه الطول. ويقوم الجين بإخبار الخلية ببناء بروتينات معينة للقيام بوظيفتها. وتوجد في كل خلية من جسم الإنسان قرابة 30 ألف جين.

-ثانيًا:كيف يتم تكوين البروتينات داخل الخلية: تعد هذه العملية عملية بديعة وجميلة تظهر قدرة الخالق وعظمته، وتمر عملية تصنيع البروتينات في ثلاث مراحل مهمة:

1-النسخ transcription : تتلقى نواة الخلية اتصالا من مكان ما في جسم الإنسان، ولا أحد يعرف كيف يتم هذا الاتصال حتى الآن، يخبرها أنه في حاجة إلى بروتين معين، فتقوم النواة فورا بتحويل الاتصال إلى الحمض النووي المناسب، الذي يكون محتويا على التعليمات المطلوبة، أو البرنامج المطلوب لتصنيع ذلك البروتين، وفور تلقي هذا الاتصال، يقوم الحمض النووي بتحديد الشيفرة البرمجية المطلوبة لتصنيع هذا البروتين، ثم يبحث عن الجزء من سلسلته الحلزونية الذي يحتوي تلك الشيفرة، وبعد أن يحدد أولها وآخرها، تبدأ السلسلة بالتفكك فقط في المجال المحدد الذي يحوي الشيفرة المطلوبة.

-ثم يستدعي المراسل الذي سيقوم بنقل التعليمات لتشكيل البروتين، واسمه (RNA) وهو شبيه بجزيء (DNA)، ولكنه يختلف عنه في أنه أصغر بكثير، وفي أنه سلسلة مفردة لا مزدوجة، طولها يعادل طول الشيفرة البرمجية للبروتين المطلوب، فيقوم هذا المراسل بالتموضع على أحد الطرفين المفككين من سلسلة (DNA)، وينسخ تسلسل القواعد، ثم ينفصل عنها وتعود السلسلة إلى الالتئام كما كانت سابقا.

2-الترجمة translation : تتم في هذه المرحلة ترجمة الأحماض الأمينية لبناء البروتينات  حيث أكتشف العلماء أن كل ثلاث قواعد متجاورة من السلسلة هي رمز لحمض أميني معين، وأنه إذا ما تموضعت الأحماض الأمينية حسب تسلسل هذه القواعد فسنحصل على البروتين المطلوب.

3-النقل: ينطلق المراسل من نواة الخلية ويخترق مسام النواة، لينفذ منها إلى الوسط السائل الموجود بين النواة وغشاء الخلية، وهذا الوسط اسمه (السيتوبلازما)، وفي هذا السائل العجيب تسبح مكونات وجزيئات عديدة وكثيرة، منها الحموض الأمينية، ولكنها لا تكون منفردة بل يكون كل حمض أميني محمول على جزيء يسمى (tRNA)، (الناقل).

-النواقل: هي بمثابة عمال البناء الذين يبنون البروتين، ولو تخيلنا أن الأحماض الأمينية هي الطوب الذي نبني منه البروتين فإن كل عامل يحمل فوق رأسه طوبة.

- في عملية الترجمة والبناء يعمل الرايبوسوم كمراقب في الخلية، ويتموضع على المراسل أي السلسلة المنسوخة من الحمض النووي، ثم يبدأ باستدعاء عمال البناء (النواقل) واحدا بعد الآخر حسب تسلسل الشيفرة التي يحملها المراسل، ويستجيب العامل ويحمل الحمض الأميني ويذهب إلى المراسل وتلتصق أرجل العامل (شيفرة الحمض الأميني) فوق ما يطابقها من سلسلة المراسل، وهكذا يصطف العمال فوق السلسلة ويتم بذلك ترتيب الحموض الأمينية حسب الشيفرة المنقولة من الخلية، وهذه هي عملية الترجمة أي ترجمة الشيفرة المنقولة من الخلية إلى تسلسل معين للحموض الأمينية ينتج عنه بروتين معين.

-بعد ذلك يقوم رئيس العمال بربط الحموض الأمينية بعضها ببعض بروابط كيميائية خاصة، وكلما ترابط حمضان ينفصل عن كل منهما ناقل يحمله وهكذا حتى تتشكل سلسلة الأحماض الأمينية التي يتكون منها جزيء البروتين، وبعد أن يضع جميع العمال أحمالهم وتتكون السلسلة، تبدأ السلسلة بالالتفاف بشكل محدد حسب نوع البروتين لتأخذ شكلها ثلاثي الأبعاد هو البروتين بشكله النهائي.

-ثالثًا: وظائف البروتينات في الجسم:

1-للبروتينات دور هام في تغذية الإنسان، فهي تكوّن الجزء الأساسي من خلايا الجسم، كما أنها موجودة في جميع سوائل الجسم ما عدا الصفراء، وتدخل في تركيب الهرمونات والأنزيمات، وتعتبر مصدراً من مصادر الكبريت في الجسم.

2-كما تدخل في تكوين الشعر والأظافر والغضاريف، وهي ضرورية لبناء الأنسجة الجديدة أثناء النمو، وتزداد حاجة الجسم الى المواد البروتينية عند الإصابة بالأمراض الشديدة كالسل والتيفوئيد، كما تحتاج الأم الحامل والمرضع الى كميات كبيرة من المواد البروتينية، وتقوم المواد البروتينية بعملية ضبط الضغط الأسموزي داخل سوائل الدم فتحافظ على ثبات سوائل الجسم.

3-تزويد الجسم باحتياجاته من الأحماض الأمينية الأساسية.

4-بناء أنسجة الجسم والاحتفاظ بها في حالة جيدة، وتعويض المفقود منها أو التالف.

5-الوقاية من أمراض نقص البروتين كالتأخر في النمو ومرض الاستسقاء.

6 ـ تدخل في تكوين الهرمون وتساهم في تركيب بروتينات بلازما الدم والهيموجلوبين.

7 ـ تزويد الجسم ببعض الفيتامينات ومركبات الكبريت وبعض المعادن الأخرى.

8 ـ تدخل في تركيب الأجسام المضادة التي تزيد من المناعة الطبيعية للجسم.

9 ـ مد الجسم بالطاقة والحرارة إضافة إلى تخزين الطاقة.

10 ـ المحافظة على التوازن الحمضي القاعدي في الجسم.

رابعًا: حاجة الجسم للبروتينات:

-تكون البروتيناتُ الموجودة في اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى بروتينات كاملة، أي أنَّها تقدِّم جميع الأحماض الأمينية التي لا يستطيع الجسم صنعها بنفسه.

-أمَّا البروتيناتُ النباتية فهي بروتينات غير كاملة، أي يجب أن تُضاف إليها بروتيناتٌ أخرى كي يحصلَ الجسمُ على جميع الأحماض الأمينية اللازمة له.

-من المهم أن يحصل الجسمُ على كمِّية كافية من بروتينات الألبان. كما أنَّ الإنسان في حاجة إلى تناول البروتينات يومياً، لأنَّ أجسامنا لا تخزنها مثلما تخزن الدهون أو الكربوهيدرات.

-بشكل متوسط يحتاج الشخص العادي البالغ من خمسين إلى خمسة وستين غراماً من البروتين كلَّ يوم؛ وهي كمِّيةٌ تعادل ما نحصل عليه من مائة وعشرين غراماً من اللحوم مع كوب من اللبن.

 

كل تمنياتنا لكم بالصحة والسلامة العامة.