اعلن هنا

استراتيجيات تعديل السلوك

استراتيجيات تعديل السلوك

"استراتيجيات تعديل السلوك " 

يعود الأصل اللغوي لكلمة السلوك إلى السِّلك وهو "الخيط "، والسَّلك بالفتح مصدر سلكت الشيء في الشيء بمعنى "أدخلته فيه" .

والأصل الثلاثي هو 'سلك' بمعنى الإدخال في الشيء ، وجاء قوله تعالى في هذا المعنى : 

"وكذلك نسلكه في قلوب المجرمين" أي بمعنى ندخله في قلوبهم.

والمسلك هو الطريق ، ويرد السلوك أيضا بمعنى الاستقامة على الطريق .

يراد بمصطلح السلوك : 

النشاطات التي يقوم بها الفرد مع المجتمع المحيط من حوله من خلال علاقاته مع الآخرين ، والتي تظهر بوضوح من خلال تعامله وتواصله معهم سواء كانت تصرفاته وأفعاله ظاهرة أم غير ظاهرة ، إرادية أو غير إرادية .

وتنقسم النشاطات إلى قسمين : 

إما ظاهرة : تظهر على الفرد عند قيامه بفعل أو رد فعل معين .

أو باطنة : كالأفكار والتخيلات والمشاهد التي تتحرك في داخله عند تعرضه لمثير معين أو حادث يحفز استجابته الداخلية للمثير .

ونعني بالمثير : بأنه لحظة الاستجابة الداخلية لمجموع الأحداث التي يتعرض لها الفرد ، والتي قد تكون إما : 

إما أحداث فيزيقية من ضوء وحرارة وبرودة .

أو أحداث معرفية عقلية اجتماعية انفعالية والتي تثير في داخله الإحساس بشعور ما ليقوم بفعل من الأفعالوالذي نعبر عنه بكلمة السلوك .

إذاً المثير : هو الدافع الحقيقي وراء السلوك الإنساني وهو المنبه الداخلي الذي يوقظ في نفسه القيام بالأفعال واتخاذ مواقف معينة للوصول إلى أهداف معينة .

▪︎من  الأفكار الخاطئة في وصف مصطلح السلوك : 

-ربط السلوك الإنساني بالخلق الأصيل ؛ لأن الدافع الحقيقي وراء القيام بأي سلوك لا يمكن تحديدها ومعرفتها على وجه الدقة والوضوح ، فقد يقوم الإنسان بعملٍ ما بنيّة مغايرة تماماً للوجه الظاهر على سبيل السمعة والرياء ، وقد يقوم بعمل ما نتيجة خوف أو قلق أو تكلّف في غير مكانه .

-جعل السلوك الإنساني مقتصر فقط على ما يظهر من الأفعال والأقوال ؛ لأنّ السلوك في الإسلام جمع بين الظاهر والباطن ، وجعل الباطن الخفي معيار التفاضل والتمايز بين الناس عند الله تعالى في الرفعة والدنو بالمنزلة .

▪︎من الأمور التي يعتمد عليها شدة السلوك : 

1.قوة المثير أو الدافع الذي ولّد السلوك عند الفرد .

2.أهميته بالنسبة للفرد .

3.كيفية فهم المثير أو الدافع وإدراكه من قبل الفرد .

4.الحصيلة المعرفية والخبرات الحياتية  المتراكمة عند الفرد.

●أهم العوامل التي يعتمد عليها تصنيف السلوك : 

سنتكلم في هذا المقال على أهم العوامل التي يعتمد عليها تصنيف تعديل السلوك : 

أصله ويتفرع إلى :

   أ. سلوك وراثي (فطري) : حيث يكون فيه الفرد مُزوَّداً به مع ولادته وليس بحاجة إلى تعلّمه كالجوع والعطش والجنس                 والأمومة وغيرها . . . 

    ب . سلوك مكتسب : وهو مجموع الخبرات والقيم والاتجاهات والأفكار المكتسبة من خلال تعامل الفرد مع الآخرين واحتكاكه  مع البيئة المحيطة به .

إمكانية ملاحظته أو ظهوره -السلوك- إلى : 

أ. سلوك خارجي (ظاهري) : وهو السلوك الظاهر والناتج بوضوح عن حركات وتصرفات وتعبيرات الفرد سواء اللفظية والحركية

ب. سلوك داخلي (باطن) : كالأفكار والتخيلات والتذكر وكل ما يتعلق بالأمور الذهنية والتي من المحتمل ملاحظتها عن طريق السلوك الظاهر ولكن ليس بشكل حتمي ومؤكد لحقيقة الداخل . 

حسب مصدره إلى : 

أ. سلوك جسمي : حركات وأفعال الفرد في حياته اليومية.

ب.سلوك عقلي : سلوكيات يتمايز بها الإنسان العاقل عن غيره من المخلوقات .

ج.سلوك انفعالي : ناتج عن الأحداث والمواقف التي تواجه الفرد ويقوم بردّ فعل تجاهها .

د.سلوك اجتماعي : وهي القيم الاجتماعية والمهارات التي يمارسها الفرد مع مجتمعه من حوله .

ك. السلوك الأخلاقي : المعاني الأخلاقية التي يسمو بها الفرد كالأمانة والصدق وإلخ . . . 

تصنيف السلوك حسب اتفاقه مع المعايير السائدة والقيم المتعارف عليها في المجتمع :    

       أ . سلوك سويّ : ويكون بما يتناغم مع الشريعة الإسلامية التي حباها الله في الأرض .

       ب. سلوك منحرف : وهو ما يخالف حدود الشريعة الإسلامية ومبادئها السامية .

《 والحكم على السلوك من حيث الإنحراف والسواء يختلف من مجتمع لآخر ومن بيئة لأخرى ؛ وذلك لاختلاف الأطر الثقافية والاجتماعية والتعاليم الدينية والعادات والتقاليد المتعارف عليها في كل مجتمع 》.

حسب عدد القائمين به إلى :  

         أ. سلوك فردي  .

         ب. سلوك جماعي .

أبرز الخصائص في بناء السلوك الإنساني القائم على التغيير والتعديل : 

●○ وقد بُنيَ السلوك الإنساني على خصائص تجعله قابلاً للتغيير والتعديل من وجهة نظر إسلامية لتمكين الفرد من تحسين سلوكياته وتغييرها نحو الأفضل وقد جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم دليلاً على ذلك :  "حسِّنوا أخلاقكم" وفي ذلك فسحة واسعة لطواعية السلوك للتعديل والتحسين، ومن هذه الخصائص :  

القابلية للتنبؤ : عن طريق مراقبة المثيرات التي حدثت قبل حدوث السلوك ، وإمكانية فهم وإدراك البيئة الحاضنة للفرد وطبيعة أفكاره وأسلوب حياته  ومن ثمّ يتم تقدير السلوك الناتج عن الفرد ولو بشكل تقريبي . 

القابلية للضبط : أي قابلية ضبط سلوك الفرد لتصرفاته مع الآخرين ، ويكون بالنظر إلى إمكانية ضبط الفرد لسلوكياته الذاتية ومن ثم للأشخاص المحيطين به .

القابلية للقياس : بمعنى فهم السلوك الإنساني من خلال طريقة القياس إبشكل مباشر على السلوك الظاهر كالملاحظة والتقدير ، وغير مباشر كاختبارات الذكاء والاختبارات الشخصية . 

والذي يتحكم سهولة عملية القياس هو ○كون السلوك قابل للملاحظة ○وكون السلوك إجرائياً (تلقائيا) أي نابعاًمن الفرد دون تكلّف وليس مفروضاً عليه من الخارج ○ وأن يكون السلوك محدد أي يمكن التعبير عنه كميّاً (رقمياً) .

السلوك محكوم بتوابعه : حيث يتوقع الفرد نتائج معينة من وراء هذا السلوك .

السلوك نسبي : قابل للزيادة والنقصان بمعنى أنه لا يكون على درجة واحدة سواء كان هذا السلوك إيجابي أو سلبي ، بل يتفاوت في شدته وأسلوبه ودرجته وشكل التعبير عنه من فرد لآخر .

السلوك متعلم وقابل للتعديل والتغيير : ومن هذا المبدأ فإن كل ماهو سلوك مكتسب بإمكاننا التحكم في تعديله وإصلاحه ، وهذا يحتاج إلى خطط ممنهجة ومراحل تدريجية وعلاقة مهنية إرشادية تبنى على الودّ والدفء والحب والتقبل الإيجابي غير المشروط من جانب المرشد ، وحتما تختلف طرق وأساليب تعديل السلوك حسب طبيعة الشخص وطبيعة المشكلة .

يتأثر السلوك عدة : منها ثقافة الفرد واعتقاداته ومفهومه عن ذاته وطرق تفسيره للمثيرات من حوله .

السلوك الإنساني نشاط كُليّ : بمعنى التعامل مع سلوك الفرد مع محيطه بوصفه وحدة متكاملة غير قابلة للفصل والتجزئة لأن من الخطر الفصل بين ما هو سلوك عقلي أو جسمي أو انفعالي ؛ لأن الإنسان بكليّته لا بجزأيته وعلى ذلك يتوقف فهم الشخصية وتحليلها ومعالجة ثغراتها ؛ إذ أنّ الجزء لا تتحدد دلالته إلا بالرجوع إلى الكل الذي ينتمي إليه وفق قانون العضوية . 

السلوك نشاط غائي : أي له هدف وغاية وليس اعتباطا أو عبثا ؛ لأن من غير وجود غاية لا نستطيع فهم الدافع وراء السلوك الإنساني بغض النظر عن طبيعة السلوك وصحته . 

السلوك هو الأداة الفعالة لتحقيق التوافق والانسجام مع البيئة : 

بما أن ظروف ومقتضيات الحياة متجددة ومتغيرة وغير ثابتة على حال معين ؛ لذا على الفرد أن يطوّع سلوكه بما يتناسب ويحقق التواؤم مع البيئة التي يعيش فيها سواء كانت بيئة مادية أو اجتماعية أو بيولوجية ، والأمر المهم بين الفرد والبيئة هو تحقيق التوازن عن طريق ○الامتثال لها أو○التحكم فيها أو○إيجاد حل وسط بينه وبينها.

سلوك الفرد يحدث في إطار البيئة الاجتماعية : أي يرتبط وظيفياً بالأحداث والمعطيات السابقة واللاحقة لظهور السلوك .

● أهم المعايير للحكم على السلوك الإنساني وهي : 

تطورت المعايير العامة للحكم على السلوك الإنساني وتقييمها وفق معايير محددة سنتعرف عليها من خلال المقال التالي:

ما هي أهم المعايير للحكم على السلوك الإنساني ؟ 

١. الحكم ذاتي : يحكم من خلاله الفرد على تصرفاته الذاتية من تلقاء نفسه .

٢. الحكم الاجتماعي : يكون الحكم على السلوك من قبل المجتمع المحيط بالفرد .

٣. الحكم الإحصائي : حيث يحكم على سلوك الإنسان من خلال إحصاء عدد المرات التي قام بها الفرد بسلوك أو نشاط أو تصرف ما.

● يعتمد اختيار الاستراتيجية المناسبة لتعديل سلوك الفرد على عدة أمور منها :

طبيعة المشكلة السلوكية التي يعانيها الفرد .

المرحلة  العمرية .

المستوى النمائي للفرد.

مميزاته الفردية . 

● تهدف أساليب -استراتيجيات- تعديل السلوك إلى تحقيق تغييرات في سلوك الفرد ، وقد تم تقسيم هذه الأساليب إلى ثلاثة أنواع : 

استراتيجيات تعديل السلوك المرغوب فيه عن طريق زيادة معدل السلوك المرغوب فيه (من خلال تعزيز التعلم بالملاحظة أو التقليد).

استراتيجيات خفض وإنقاص السلوك غير المرغوب فيه (عن طريق اتباع سياسة العقاب والممارسة السلبية ).

استراتيجيات اكتساب وتعلم سلوكيات جديدة ؛بهدف تكوين شخصية جديدة قادرة على مواجهة المواقف التي تتعرض لها في الحياة العامة والخاصة على حد سواء (عن طريق اتخاذ أسلوب النمذجة والقدوة ).

● ولابد هنا من الإشارة إلى صعوبة تصنيف استراتيجيات تعديل السلوك ضمن هذه الأنواع السالفة ؛وذلك لأنّ هناك استراتيجيات يكون لها أكثر من دور أو وظيفة ، ○منها ما يستخدم لزيادة السلوك المرغوب فيه وتقويته ، ○ومنها ما يستخدم لتغييره وخفضه .

أبرز الخطوات الأساسية في تعديل السلوك : 

تحديد المشكلة السلوكية المراد حلَّها ومعالجتها وتعريفها تعريفاً واضحاً وموضوعياً ودقيقاً .

قياس السلوك المراد تعديله عن طريق جمع المعلومات والبيانات ؛للوقوف على مدى تكرار السلوك ،وعدد المرات التي يظهر فيها السلوك في فترة زمنية معينة ،ومدى شدته والفترة الزمنية التي تنقضي بين ظهور المثير وحدوثه، والشكل الذي يظهر عليه السلوك (طبوغرافية السلوك).

تحديد الظروف السابقة واللاحقة لظهور السلوك غير المرغوب فيه من خلال :

○تحديد تاريخ حدوثه .

○ تحديد الوقت الذي يستغرقه .

○ مع من حدث وكم مرة .

○ الأحداث التي تجري قبل حدوث السلوك وبعده 

تحديد الأهداف المرجوة من برنامج تعديل السلوك .

تصميم خطة أو برنامج لتعديل السلوك وتنفيذها على أن يشترك الفرد وأسرته في وضع هذه الخطة على اعتبار أن هذه الخطوة تحتاج لمعرفة واضحة بطبيعة الفرد على كافة المستويات اللازمة للعلاج .

تقييم ودراسة مدى فاعلية البرنامج للتعرف على نسبة نجاحه وما إذا كان حقق الأهداف المرجوة ، أو كان بحاجة إلى إضافة جديدة .

تعميم السلوك المعدل واعتماده والحفاظ على استمراريته ومتابعة الحالة وذلك عن طريق وسائل التعزيز والضبط الذاتي والتشجيع حتى لا تحدث انتكاسة للسلوك الجديد الذي تعلمه الفرد .

●أبرز المجالات التي تُعنى في تعديل السلوك : 

الأسرة .

المدرسة .

التربية الخاصة .

العمل .

الإرشاد والعلاج النفسي .