ما هي البكتيريا؟

ما هي البكتيريا؟

إن قضية نشأة المرض وانتقال العدوى كانت قضية شائكة بين أوساط العلماء منذ قديم الزمان حيث ظهرت نظرية أولوية miasma theory والتي عزت سبب نشأة المرض وانتقال العدوى إلى الهواء الفاسد والتلوث البيئي، وطلّت هذه النظرية قائمة حتى عام 1880 حيث ظهرت نظرية germ theory of disease التي درست البكتيريا وعرفت علاقة البكتيريا إلى نشأة المرض وكان الفضل للعالم الألماني روبرت كوخ الذي درس علاقة البكتيريا بالمرض وأسس علم الجراثيم المتخصص، أيضًا يعزى الفضل إلى اكتشاف البكتيريا إلى العالم الفرنسي لويس باستر عام 1872.

-فما هي البكتيريا؟ وما هي خصائصها وتركيبها الوظيفي؟ ومماذا تتكون، كل هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عليها في هذا المقال.

-أولًا: تعريف البكتيريا: هي كائنات حية مجهرية بدائية النوى وحيدة الخلية، هناك الآلاف من أنواع البكتريا المختلفة، وهي تعيش في كل بيئة ووسط حول العالم. فهي تعيش في التربة، ومياه البحار، وعميقًا ضمن قشرة الأرض وفي البراكين وفي جسم الإنسان أيضًا حيث أوضحت التحليلات الحديثة التي أجراها عالم الميكروبيولوجي الكندي، توماس لوكي، أن مجموعة الميكروبات التي تعيش في الجهاز الهضمي للفرد تحتوي على 10 مرات من عدد الخلايا الموجودة في جسم الإنسان وأن عدد هذه البكتيريا والميكروبات الأخرى تصل إلى 39 ألف مليار لدى الفرد الذي يزن 70 كجم، وتكون غالبية هذه البكتيريا تعيش دون أن تُسبب أي أذى. وتسمى هذه البكتيريا بالنبيت المُقيم resident flora أو الميكروبيوم microbiome. تكون العديد من أنواع النبيت المُقيم مفيدة للبشر، سواءً عن طريق المساعدة على هضم الطعام، أو الوقاية من نمو أنواع مختلفة خطيرة من البكتيريا.

-هناك أنواع قليلة فقط من البكتريا التي تُسبب الأمراض. يطلق على تلك الأنواع اسم مسببات الأمراض، طريقة البكتيريا في تسبب المرض مختلفة، بعض البكتيريا تقوم بإنتاج مواد مؤذية وسمية وبعض البكتيريا تقوم بغزو الأنسجة.

-ثانيًا: تصنيف وتقسيم البكتيريا: يتم تصنيف وتقسيم البكتيريا إلى أنواع متعددة بناءُ على عوامل متعددة، نوردها هنا:

1-صبغة جرام: يمكن تصنيف البكتيريا حسب اللون الذي تتحول إليه بعد استخدام مواد كيميائية معينة (الصبغات stains). نذكر من أنواع الصبغات الشائعة صبغة غرام Gram. تنصبغ بعض أنواع البكتريا باللون الأزرق. ويطلق عليها إيجابية الغرام gram-positive. في حين تنصبغ بكتريا أخرى باللون الأحمر. ويُطلق عليها سلبية الغرام gram-negative. تنصبغ البكتيريا إيجابية الغرام وسالبة الغرام بشكل مختلف بسبب الاختلاف في تركيب جدرانها الخلوية.

2-الشكل: يمكن تصنيف جميع أنواع البكتريا تحت أحد الأشكال الثلاث الرئيسية التالية: الدائري (وتُسمى مكورات cocci)، والخطّي (وتُسمى عُصيات bacilli)، الحلزوني أو اللولبي (وتُسمى ملتويات spirochetes).

3-الأسماء العلمية: تُصنف البكتريا، شأنها شأن بقية الكائنات الحية، وفق الأجناس genus (بناءً على وجود ميزات متشابهة أو مشتركة)، ووفق الأنواع species (ضمن الجنس نفسه). يتكون الاسم العلمي من اسم الجنس متبوعًا باسم النوع (على سبيل المثال، Clostridium botulinum). وقد تتفرع الأنواع إلى سلالات مختلفة strains.

4-الحاجة للأكسجين: صنفت البكتيريا أيضًا حسب ما إذا كانت تحتاج إلى الأكسجين للعيش والنمو أم لا. تسمى تلك التي تحتاج الأكسجين بالهوائية aerobes. في حين تسمى تلك التي تواجه صعوبة في العيش أو النمو عند وجود الأكسجين اللاهوائيات anaerobes. وتسمى بعض أنواع البكتريا الاختيارية facultative، إذا كان الممكن أن تعيش وتنمو مع وجود الأكسجين أو بدونه.

-ثالثًا: تركيب البكتيريا: تتكون البكتيريا من أجزاء مختلفة مهمة لأداء وظائف متنوعة ومهمة لبقائها:

1-الجدار الخلوي: هو عبارة عن غلاف يعمل بشكل رئيسي على دعم الخلية ويوفر لها أيضا القوة الميكانيكية و يعمل أيضًا على حماية الخلية من الانفجار.

2-المحفظة : توجد في بعض أنواع بعض البكتيريا حيث تتكون من السكريات السميكة وتحميها من المواد الكيميائية والجفاف بالإضافة إلى عملها كحافظة احتياطية للغذاء وبفضل تركيبها الهُلامي تعمل على لصق أجزاء الخلية مع بعضها.

3-الأسواط: هو ذيل صلب مُستدير مسؤول عن حركة الخلية مع عقارب الساعة ويساعدها في الدوران.

4-الغشاء السيتوبلازمي (غشاء البلازما): هو عبارة عن غشاء يسمح بنقل مواد معينة داخل وخارج الخلية ويساعد في تكوين حاجز ميكانيكي لها.

5-السيتوبلازم: هو السائل شبه الهلامي الذي تسبح فيه العضيات المختلفة ويتكون من سيتوسول وعضيات داخلية ويتألف السيتوسول معظمه من الماء الذي يحتوي على أملاح معدنية ومواد عضوية ذائبة.

6-الرايبوسومات: عبارة عن حبيبات صغيرة تتكون من البروتينات والحمض النووي الريبوزي وتساعد في نقل الشفرة الوراثية بالإضافة إلى تركيب البروتين داخلها.

7-البلازميد: عبارة عن دوائر صغيرة من الحمض النووي الخاص بها ويتم تبادل الحمض النووي بين الخلايا البكتيرية من خلالها فهي تتواجد بكثرة في البكتيريا.

8-الأشعار البكتيرية: حجمها أصغر من الأسواط وتساعدها على الثبات في مكانها فهي عبارة عن ملحق بالبروتين.

رابعًا: كيف تتكاثر البكتيريا: من المعروف أن البكتيريا من الكائنات التي تتكاثر بطريقة لا جنسية، حيث تتكاثر بأشكال متنوعة مثل:

1-الإنقسام الثنائي: وهذا النوع من التكاثر لا يحتاج إلى ذكر وأنثى بل تتكاثر ذاتياً من تلقاء نفسها عن طريق نمو جدار الخلية من المركز ليشكل خليتين صغيرتين تنقسم فيما بعد، حيث يكون تكاثر البكتيريا ونمو بزيادة عدد الخلايا البكتيرية وليس حجمها.

2-إعادة تركيب بكتيري: عملية التكاثر هذه تتم بثلاث طرق مختلفة مثل:

-الإقتران: وهي تتم عن طريق نقل بعض الجينات من خلية بكتيرية إلى خلية أخرى عن الطريق اتصالهما معاً.

-التحول: هناك بعض الخلايا “البكتيريا” التي لديها القدرة على انتزاع الحمض النووي من البيئة المحيطة.

3-التنبيغ: عندما تصاب “البكتيريا” بنوع  معين من الفيروسات ويسمى العاثية والتي تقوم بإدخال الجينات الخاصة بها إلى البكتيريا، فتتكاثر هذه الجينات مع جينات “البكتيريا” في داخلها.

-خامسًا: بعض الأمراض التي تسببها البكتيريا:

1-التسمم الغذائي: من الحالات المرضية الشائعة والتي تحدث بسبب البكتيريا الإشريكية القولونية وبكتيريا السالمونيلا.

2-مرض السيلان: من الأمراض المَنقولة جنسياً ويحدث بسبب البكتيريا النيسرية البنية .

3- هنالك العديد من الأمراض التي تسببها البكتيريا مثل القرحة والتهاب المعدة وغيرهم.

-سادسًا: البكتيريا واستخدام المضادات الحيوية:

-من الشائع استخدام المضادات الحيوية لعلاج الحالات المرضية التي سببها البكتيريا، ولكن الإستخدام المتكرر والخاطئ للمضادات الحيوية قد يقوم بمفعول عكسي وسلبي على الجسم:

-تكون بعض البكتيريا مقاومة بشكل طبيعي لبعض أنواع المضادَّات الحيوية، في حين تتطور المُقاومة تجاه المُضادات الحيوية لدى بعض أنواع البكتيريا بسبب اكتساب جينات من بكتيريا أخرى أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية، أو بسبب طفرات طرأت على جيناتها، يمكن للجينات التي تُمكن البكتيريا من مقاومة المضادات الحيوية أن تنتقل إلى الأجيال اللاحقة من البكتيريا نفسها، أو أحيانًا إلى أنواع أخرى من البكتيريا، وكُلما شاع استخدام المُضادات الحيوية، كلما ازداد خطر تطور بكتيريا مُقاومة لها. ولهذا السبب، يحاول الأطباء عدم استخدام المضادَّات الحيوية إلا في حالات الضرورة. حيث إن إعطاء المُضادات الحيوية لأشخاص غير مُصابين بعدوى بكتيرية، مثل المرضى المُصابين بالسعال وأعراض الزكام، لن يعود بالفائدة عليهم، وقد يؤدي إلى تشكيل بكتيريا مُقاومة للمضاد الحيوي. وبما أن المُضادات الحيوية قد شاع استخدامها على نطاق واسع وبشكل سيء، فقد تمكنت العديد من أنواع البكتيريا من تطوير مقاومة تجاه أنواع محددة من البكتيريا، يمكن للبكتيريا المقاومة للمُضادات الحيوية أن تنتقل من شخص لآخر. وبما أن السفر عبر الدول والقارات شائع جدًّا، فيمكن أن تنتشر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية إلى أجزاء كثيرة من العالم في وقت قصير. يُعد انتشار هذه البكتيريا في المستشفيات مصدر قلقٍ خاص، لذا من المهم معرفة والاستخدام الصحيح للمضادات الحيوية.

 

كل تمنياتنا لكم بالصحة والسلامة العامة.