"العولمة" بين الرفض والقبول

"العولمة" بين الرفض والقبول

  • نعيش اليوم زمن العولمة، زمن نفي المكان والجغرافيا، زمن الاستهلاك، زمن انسلاخ الإنسان عن حياته وواقعه وانكفائه على ذاتيته وفرديته، ومن هنا يحتدم النقاش حول العولمة والموقف منها، وتتصارع الأفكار والرؤى
  • وتنقسم المواقف من العولمة فهناك ثلاثة مواقف أساسية، هي:
  •  
  • أولاً: المؤيدون:
  • - يدعون للتعامل مع العولمة كظاهرة إنسانية إيجابية، وليس بوصفها استعمارية ساعية لتهميش الدول والمجتمعات لصالحها، ويرفعون شعارات مثل "تبادل التثقيف" وشعار "التواصل الثقافي" ويقولون أن هناك فروقاً بين العولمة، والغزو الثقافي، وأن العولمة قدر لا مفر منه، وعلى دول العالم، وشعوبه التعامل، والتفاعل معها (د. كمال الحاج – البرامج التعليمية والثقافية).
  • - وهذا الموقف ينادي بالاندماج الكامل مع مقتضيات السوق العالمية على حساب الخصوصية والهوية والشخصية الوطنية والقومية، وبذلك تتحقق التبعية المالية والإعلامية التامة للقطب الواحد، ويكون مركز العالم أمريكا، وتصح نبوءة نيكسون عندما دعا الولايات المتحدة للتقدم إلى قيادة العالم دون منازع بعد انتهاء الحرب الباردة (تركي صقر – الإعلام والعولمة).
  • - وأصحاب هذا الاتجاه يؤيدون- ودون تحفظ- عولمة الإعلام، ويبرزون إيجابيتها بوصفها تدعم التدفق الحر للمعلومات، وحق الاتصال، وتوفر للجمهور فرصاً غير محدودة لحرية الاختيار بين وسائل الإعلام والمعلومات.
  • ثانياً: الرافضون:
  • - وهذا الموقف يدعو للرفض التام ومقاومة العولمة بكل الوسائل والسبل ومحاربة اتجاهاتها وتبيان مخاطرها، وأنها لا تحمل سوى السلبيات، ونتائجها محكومة بالتبعية المطلقة ولا داعي للتفكير بنتائجها الإيجابية وتحويلها لصالح الشعوب بدلاً من أن تكون ضدها.
  • - ويقوم هذا الاتجاه على التمسك بالهوية القومية بمفهومها التقليدي، ولو أدى ذلك إلى الانغلاق والانكفاء.
  • - ويتحدث أصحاب هذا الموقف عن "الهيمنة الثقافية" و"استعمار الصورة التلفزيونية" و"الغزو الثقافي" و"الاختراق الثقافي".
  • - ويركزون على أخطار العولمة بالنسبة للهوية, والثقافة الوطنية. إذ يتم تحطيم القيم التقليدية، وفقدان الثقافات المحلية الأصلية، ويتم إدخال القيم الخاصة بالرأسمالية، ولذا فإن العملية تعد إمبريالية تقوم بشكل نظامي مخطط على إخضاع الدول الصغيرة، والنامية لمصالح القوى الرأسمالية المسيطرة والتي تقوم بتصدير المعلومات، والتكنولوجيا إلى دول العالم النامي فمن يملك العلم والتكنولوجيا يملك القوة والسيطرة.
  • - وأصحاب هذا التيار يعارضون بشدة عولمة الإعلام، ويرفضون ما يقال عن إيجابياتها وينظرون إليها بوصفها نفياً للتعددية الثقافية.
  • ثالثاً: المتحفظون:
  • - وأصحاب هذا الموقف يدعون إلى العقلانية، والواقعية في التعامل مع مناقب العولمة، دون الانبهار بآلياتها ودون الاندماج في عجلتها.
  • - فهم يدعون إلى التمسك بالهوية القومية مع التجديد وتطوير الخصوصية, دون اندماج هيكلي تابع للدول المهيمنة أي النظر بعملية لهذه الظاهرة والإفادة من معطياتها وتحويلها إلى موقف لصالح مصالح الشعوب وليس موقف مضاد لمصالحها. وهذه نظرة واقعية لظاهرة عالمية تريد أن تستغلها الدولة الأعظم كلية لصالحها، وتريد أن تقطف منجزات العلم والثقافة التي هي منجزات عالمية لصالح طرف واحد.
  • - هذا إلى جانب الكثير من التساؤلات التي تساور فكر المثقفين العرب، ومرادها: هل تنفتح الثقافة العربية الإسلامية أم تنغلق وتوصد أبوابها ونوافذها أمام العولمة الثقافية؟
  • -  وفي هذا الإطار، لا بد من التوضيح أنه ليس في صالح العرب في عصر الألفية الثالثة، عصر التطور الهائل في المعرفة البشرية، في العلوم الحديثة والتكنولوجيا والمعلوماتية وشبكات الإنترنت والأقمار الصناعية والاتصالات الفضائية والأرضية، أن توصد أبوابها أمام العولمة الثقافية، وتتقوقع داخل مجتمعاتها النامية، مما سيعرض الثقافة العربية الإسلامية إلى التهميش والجمود، بدلاً من الانفتاح والحوار وتبادل المعارف والعلوم مع ثقافات العالم، لذلك يجب أن نأخذ من العولمة الثقافية ما يتفق مع عقائدنا، تراثنا وتقاليدنا، ونرفض ما يتعارض معها.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.