الشاعر النابغة الذبياني

الشاعر النابغة الذبياني

 

●عُرفَ النابغة الذبياني : زياد بن معاوية بن ضباب الغطفاني الذبياني كواحدٍ من أشهر شعراء العرب في عصر ما قبل الإسلام (الجاهلي) ، إذ أنّه أبدع في صناعة الشعر إبداعاً عظيماً حتّى لُقِّبَ بالنابغة لتفوّقه في علمه وفنّه ومقدرته الخلّاقة في صياغة الكلام وإرساله في الشعر .

-مزاياه الأخلاقية وخِلاله الحميدة جعلت له هيبة ومكانة بالغة رفعت من شأنه بين معاصريه ،فكان الشعراء يؤمّون دياره من كل حدب وصوب يعرضون عليه قصائدهم ، ويحكّمونه ويذعنون لرأيه وحكمه وفصله .

 -من أعيان العرب الأشراف وعليّة قومه في عصره ،وسفيرهم إلى من بيدهم الحلّ والإبرام ،إذ كان له موطئ قدم في بلاط الملوك والسلاطين وعُرفَ بقربه من الملك النعمان بن المنذر وعلاقته الوطيدة معه على وجه الخصوص .

-اشتُهر شعره بحسن الديباجة وجمال التركيب ،وسبك العبارة ، ودقّته في إرسال الكلام على حقيقته من غير تكلّفٍ ولا تصنّع .

-كما أنّ تأثير البيئة الصحراوية بكل محمولاتها كان حاضرٌ في ذهنه ووجدانه ،وكان الباعث على إظهار ملكته الشعرية وإضفاء طابعاً فنيّاً متميزاً في شعره .

-إذ تميّز شعره برصانة اللفظ وجزالته ، والبراعة في انتقاء المفردات والمعاني ، وسَعة خياله وبُعده ،وعذوبة المبنى ورقة المعنى .

-تفرّدت قصائده بالقدرة العالية على البناء القصصي  ،على نحوٍ بديعٍ من التشويق والحماس والإثارة ، فعمد إلى رسم صورة الحمار الوحشي في كثير من قصائده كأحد الصور الحكائية المثيرة للخيال .

 

-له ديوان شعريّ ،وقصيدة عُدّت من قصائد المُعلّقات يقولُ في مطلعها : 

يا دارَ مَيّة َ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ،      أقْوَتْ، وطالَ عليها سالفُ الأبَدِ 

وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها،     عَيّتْ جواباً، وما بالرَّبعِ من أحدِ

إلاّ الأواريَّ لأياً ما أُبَيّنُهَا،      والنُّؤي كالحَوْضِ بالمظلومة الجَلَدِ

رَدّت عليَهِ أقاصيهِ،ولبّدَهُ       ضَرْبُ الوليدة ِبالمِسحاة ِفي الثَّأَدِ 

خلتْ سبيلَ أتيٍ كانَ يحبسهُ،      ورفعتهُ إلى                                                                        السجفينِ،فالنضدِ

 

أمستْ خلاءً،وأمسى أهلها احتملوا أخنى بلاءً الذي أخنى على لُبدِ 

فعَدِّ عَمّا ترى، إذ لا ارتِجاعَ له،     وانمِ القتودَ على عيرانة ٍ أجدِ

-وقد علا صوت النابغة الذبياني في الحقّ أكثر من مرةٍ ، مؤنباً ومحذراً وناصحاً ،وموجهاً للحكمة البليغة ؛لينصر مظلوماً أو يغيث ملهوفا، وكان يحتكم في ذلك من وحي تجربة حياته الشخصية وخبرته بأخلاق الناس وطبائعهم وإحاطته بأخبار السياسة وغوائلها ، له أبيات في الحكمة يقول فيها :

المرءُ يأمل أن يعيشَ           وطول عيشٍ قد يضرُّهْ

تفنى بشاشته ، ويبقى           بعد حلوِّ العيشِ مُرُّهْ 

وتخونُه الأيامُ ، حتى           لا يرى شيئاً يَسرُّه 

كم شامتٍ بي ، إن هلكتُ      وقائلٍ : للّه درُّه 

 

-وله أيضاً قصيدة (سهام الموت) : 

من يطلبِ الدهرُ تُدركهُ مخالبُهُ   والدهرُ بالوترِ ناحٍ غير                                                                   مطلوب

ما من أُناسٍ ذوي مجدٍ ومكرُمةٍ   إلّا يشدُّ عليهم شدّة                                                                    الذيبِ

حتى يبيد على عمدٍ سراتَهُمُ        بالنافذات من النُبل                                                                   المصاييبِ

إنّي وجدتُ سِهام الموت مُعرضةً  بكلّ حتفٍ،من الآجالِ،                                                                         مكتوبِ

 

-وقال في حديث الصداقة قصيدة (واستبق ودك) : 

واستبقِ ودّكَ للصّديقِ، ولا تكن     قَتَباً بعض بغاربِ ، مِلحاحا 

فالرّفقُ يمنُ، والأناةُ سعادةٌ ،      فتأنّ في رفقٍ تنال نجاحا 

واليأسُ مما فات يُعقِبُ راحةً ،   ولربّ مطعمةٍ تعودُ ذُباحا 

يعدُ ابن جفنه وابن هاتكِ عرشه ،  والحارثين، بأن يزيد فلاحا 

ولقد رأى أنّ الذي هو غالهم      قد غالَ حميَر قيْلَها الصّبّاحا