- ملحمة جلجامش (الثورة على الموت):
- - الثورة على الموت نلقاها في صورة سخط مكتوم وإحساس رفیع بالظلم هو إحساس أكثر منه تفكير ولكن مما لا يرقى إليه الشك هو أن هذا الإحساس منشأه الفكرة الجديدة عن حقوق الإنسانية والمطالبة بالعدالة في الكون فالموت شر وهو في قوته شر من كل عقاب بل هو العقاب الأكبر وما الداعي إلى موت الإنسان إذا لم يكن قد اقترف إثما ، لم يكن لمثل هذا السؤال في العالم الإحتياطي القديم أي خطر لأن الخير والشر يليهما أمر اعتياطي نجد معالجة لهذا السؤال في ملحمة غلغامش التي يعتقد أنها ألفت في أوائل الألف الثاني وهي ملحمة مبنية على أقاصيص أقدم منها غير أن هذه الأقاصيص أعيد سبکها في قالب جدید وجمعت حول موضوع جديد وهو موضوع الموت .
- غلغامش:
- هو شاب شديد العزيمة وهو حاكم مدينة أوروك في بلاد سومر إنه يسوق شعبه سوقا عاتية فيلتمس الشعب إلى الآلهة بأن تخلق منافسة له يشغله فيجد الشعب الراحة.
- - وتستجيب الآلهة وتخلق انكيدو ويصبح هذا رفيق غلغامش وصديقه ويخرج الإثنان في طلب المغامرات والأخطار ويشتاق الطريق على غابة الأرز في الغرب .
- - حيث يصرعان ( هواوا ) وهو وحش رهيب يحرس الغابة لأنليل وعند عودتها تقع الآلهة ( إنانا ) في حب غلغامش وعندما يعرض عنها ترسل ( ثور السماء ) المخيف لقتله .
- - وهنا أيضا يخرج البطلان ظافرين إذ يشتركان مع الثور في معرقة ضارية فيقضيان عليه فيبدو أن لاحد لقوتهما وبطشهما ويخر أرهب خصوم صرعى أمام سلاحهما فلا يتورعان عن معاملة الآلهة الجبارة بكثير من الإباء والعجرفة.
- - بعد ذلك يقرر أنليل أن أنكيدو يجب أن يموت عقابا له على صراعه هواوا وإذا انكيدو الذي لا يقهر يمرض ويموت.
- - لم يعد الموت حتى تلك الآون شيثأ لغلغامش ، فهو قد قبل مقاييس البطولة المعهودة ومقاييس حضارة معهودة والموت لا بد منه ،
- ومن العبث التخوف منه فإذا كان على المرء أن يموت فليمت ميتة المجد والفخار في مقاتلة خصم جدير به لكي يعيش شهرته من بعده.
- - وقبل بدأ المعركة مع هواوا تقاعس أنكيدو وقد خذلته شجاعته فراح غلغامش يؤنيه بقوله :
- - من الذي يا رفيقي أدرك من السموما يمكنه من .
- - الصعود إلى السماء والإقامة مع شماش على الأبد.
- - مجرد إنسان أيام معدودات.
- - ومهما فعل إن هو إلا هبة ريح.
- - أراك خشية الموت.
- - أين بأسك وشجاعتك.
- - دعني أقود وإذا سقطت مضرجا أكون قد بنيت أساسا لشهرتي.
- - فيقولون عني قتل غلغامش وهو يصارع هواوا الرهيب.
- - ويردف قائلا أنه إذا سقط قتيلا سيروى أنكيدو لابن غلغامش عن أبيه فليس في الموت رهية أو هول إنه جزء من اللعبة والشهرة تجعل اسم المرء صاعدة في الأجيال القادمة .
- -غير أن غلغامش لم يكن يعرف الموت عندئذ إلا كأمر مجرد.
- - يارفيقي يا أخي الأصغر يا من كان معي في التلال.
- - يصطاد حمار الوحش والفهد في السهول.
- -من كان يرفقني يفعل كل شيء.
- -وأمسك بثور السماء وأرداه قتيلا.
- -لم يرفع غلغامش عينيه عنه.
- -جس قلبه فلم ينبض.
- - ثم كسا صديقه فكأنه عروس الزفاف .
- -خسارته الفادحة أفجع من أن يتحلمها فيرفض أن يعترف بها كأمر واقع .
- -ذلك الذي شاطر في كل خطر .
- -حتف الإنسان المحتوم قد أحاط به.
- -ورفض الإذن بدفنه.
- -سبعة أيام وسبعة ليال.
- -إلى أن سقطت في أنفه دودة.
- -لا عزاء لي منذ أن راح.
- وتظل خواطر الموت تلاحق غلغامش لم يبق له إلا خاطر واحد وهدف واحد وهو العثور على الحياة الدائمة فيخرج للبحث عنها وفي نهاية العالم فيما وراء حياة الموت يقيم سلف له حظي بالحياة الأبدية سوف يذهب إليه غلغامش ليعرف سره فيرحل لوحده في الطريق لاطويلة النائية إلى الجبال التي تقرب الشمس فيها ويطرق العمر المظلم الذي تقطعه الشمس في الليل ويكاد ييأس من رؤية النور مرة ثانية إلى أن يخرج في نهاية شاطئ بحر فسيح .
- - وكل من يلقاه في ترحاله يسأله غلغامش عن الطريق إلى الحياة الأبدية والكل يجيبه بأن بحثه لا أمل يرجي منه .
- - أوتابشيتب ويسأله .
- - غلغامش أين رحلت تجول.
- - إن الحياة التي تبحث عنها لن تجدها أبدا.
- - لأن الآلهة عندما خلقت الإنسان جعلت.
- - الموت نصيب وأمسكت بأيديها عنه الحياة.
- - ولكن غلغامش لا يستطيع أن ينصرف عن بحثه ويستسلم لما هو من نصيب الناس كلهم إنه ليحترق شوقا إلى الحياة الدائمة .
- - وعلى شاطئ البحر يرى ملامح ( أوتنا بشيتم ) إلا أن أوتنا بشينم عاجز عن معونته فقد فاز في الحياة الأبدية في ظروف فذة لن تتكرر مطلقا.
- - ففي سالف الأيام عندما عزمت الآلهة سحق البشر وأنزلت الطوفان بهم بزعامة أنليل لم ينجو الا أوتنا بشيتم وزوجته فقد أنذر مقدما وبنى فلكا كبيرا أنقذ به نفسه وزوجته وزوجا من كل شيء حي.
- - وقد ندم أنليل فيما بعد على إرساله الطوفان معتبرة لك طيشاً منه.
- - ووهب أوتنا بشيتم الحياة الأبدية جزاء له على إنقاذه الحياة في الأرض .
- - ولكن بوسع غلغامش أن يصارع الموت فيأمره أوتنابشيتم بمنازلة النوم فإن النوم ليس إلا شكلا آخر للموت ويكاد يغلب جلجامش على أمره في الحال ويشرف على الهلاك عندما توقظه زوجة أوتنابشيتم شفقة منها عليه .
- - لقد أخفق مسعاه ويهيئ غلغامش نفسه للعودة إلى اوروك يائساً كئيباً.
- - وفي تلك اللحظة تحث زوجة أوتنابشيتم زوجها على اعطائه هدية فينجره اوتنا بشينم عن نبتة تنمو في قاع البحر تعيد إلى من يأكل منها شبابه فينعش غلغامش من بعد اكتئابه ويصحبه اوتنابشيتم إلى المكان المعين حيث يغوص غلغامش ثم يصعد وفي يدية النبتة العزيزة .
- - فيجران في اتجاه اوروك ويبلغان ساحل الخليج العربي ثم يرحلان في البر مشيا على الأقدام ولكن اليوم كانوا والسفر مقن وحينما يرى غلغامش برکه کفرية مياهها الباردة يخلع ثيابه ويلقي نفسه في البركة.
- - أما النبتة فيتركها على الضفة وفيما هي ملقاة هناك تشم رائحتها إحدى الأفاعي فتخرج من حجرها وتختطفها...
- - وذلك لأن الحية أكلت من تلك النبتة فإنها لا تموت فإذا ما طعنت في السن نضت عنها أجسامها الشائحة وولدت فتية من جديد ،
- - أما الإنسان فتستحيل عليه هذه العودة إلى الشباب لأن نبتة غلغامش ضاعت عليه وعندما فقد غلغامش أرضاً وبکی وجر من الدموع على خديه عن أجهرت عضلاتي با اورشنابي لمن سكبت الدم في قلبي.
- وأخيرا: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
- لاتنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
- ودمتم بكل خير .
- لاتنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
- ودمتم بكل خير .