ما هي الملامح المميزة لشخصية الفنان ؟

ما هي الملامح المميزة لشخصية الفنان ؟

  •  - لاشك أن جميع أشكال النشاط البشري تتأثر بخصائص وصفات الشخصية التي تمارس النشاط.
  •  - منها : النظرة إلى العالم ، الإخلاص ، النزاهة ، سلامة الوجدان ، الفهم ، الموهبة ، الخبرة.
  •  - تلعب شخصية الفنان دورة استثنائية في الخلق الفني ، فقد تستطيع الاستعاضة عن أي انسان بغيره في جميع ميادين النشاط الإنساني إلا في ميدان الخلق الفني.
  •  - فالإنسان سواء أكان عاملا أم مهندس ... يمكن أن يستبدل بغيره ، وحتى في ميدان الاكتشاف العلمي حيث يكون للنبوغ الفكري الفردي أهمية كبرى يمكن أن يحل عالم مكان آخر ، فلو لم يكتشف نیوتن الجاذبية مثلا كان اكتشفها غيره لأن مضمون الحقيقة العلمية لا يتعلق بشخصية العالم.
  •  - لكننا لا نجد هذا فيما يتعلق بالفن فلو لم يكتب ( تولستوي ) رواية " الحرب والسلم "لما كتبت أبدا فثمرة الخلق الفني تختلف من فنان إلى آخر سواء في شكلها أو محتواها الفني.
  •  - أيضا نجد نفس المواضيع ومسائل الحياة الواقعية يصوغها فنانون كثيرون.
  •  - هل معنى هذا أن الفنانين يعالجون موضوعاتهم من مواقع إيديولوجية وسياسية مختلفة الأمر الذي ينعكس في الفن والآثار الفنية ؟
  •  - إن هذا الاختلاف يظهر أيضا لدى كتاب يتفقون في الإيديولوجية.
  •  - إذاً الجانب الذاتي ينفذ في الفن إلى المحتوى بكل ما يزخر به من ثراء وعمق ، لأن الشخصية لا تبقى خارج الآثار الفنية بل تتغلغل إلى أعماقها كما يتسرب اللون إلى النسيج.
  •  - إن الفنان لايمكن أن يستبدل بغيره ، كل أثر فني حقيقي هو شيء فذ لا يتكرر ، وبالتالي لايمكن لأحد أن يحل محله.
  •  - هل يعني ذلك أن إبداع الفنان يجسد فقط ما تزخر به حياته الواقعية اليومية العادية ؟
  •  - إن تاريخ الفن يثبت بوضوح الازدواج في شخصية الفنان . شخصيته في الحياة اليومية وشخصيته في الإبداع الفني ، ولكن ليس ثمة الشخصيتين هوة كبيرة ولكن ليس بينهما تجانس تام أيضا ومع ذلك تؤثر الواحدة في الأخرى.
  •  - الشخصية العادية اليومية بكل مالها من هموم ومصالح واهتمامات تصغر أمام روح الشاعر التي تعبر عن نفسها في الخلق الفني.
  •  - هذه الروح تحلق في الأعالي متطهرة من كل الصغائر والتوافه وتتجلی صافية مثالية تحمل أفضل المزايا والخصائص الإنسانية.
  •  - إذا ثمة واقع يومي اختباري وواقع شعري . لقد قال أحد المفكرين ، ينشب في شخصية غوته الشاعر الألماني الكبير صراع بين الشاعر العبقري الذي ينفرد ويشمئز من تعاسة البيئة التي يعيش فيها وبين ابن المستشار في مجلس فرانكفورت البلدي الذي يتسم بالحذر ويضطر إلى عقد هدنة مع بيئته والتكيف معها.
  •  - هكذا يختال غوته أحيانا ماردة عملاقة وفي أحيان أخرى وضيعة صغيرة لاشك أن الإبداع الفني يغدو أعمق وأروع كلما كانت شخصيته الشعرية أعظم وكلما كان قادرا على التحرر من العناصر اليومية التي تلازمه والتي تسد أمام شخصيته الشعرية منابع الإبداع والإلهام ، وهذا ينطبق على البطل الغنائي الذي هو وجه الشاعر الفني حيث يجسد أناه الشعرية لا صفاته الشخصية اليومية.
  •  - قد يتعبد البطل الغنائي الجمال والحب ويتيه في سماوات الإبداع والعاطفة وتكون حياته اليومية مع ذلك هادئة فقيرة شديدة هذا البعد الفاصل بين وجهي الفنان (الشعري _ العادي) قد يكبر أو يصغر ،وأحياناً يكون الوجهان متناقضان وأحيانا متقاربين أو متطابقين.
  •  - درجة البعد هذه تتاثر من المنطلق مهما كان الفنان أصيلا وعبقريا فهو لا ينتصب عاليا على البشر الذات وعن المجتمع الضارب جذوره في أعماق الذات ، وإذا تخلي الفنان عاد هذا البعد الفاصل بين وجهي الفنان الشعري - العادي ) قد يكبر أو يصغر ، أحيانا بالشروط النفسية والاجتماعية التي يعيش فيها الفنان ويبدع ويعمل.
  •  - الأنا اليومية والأنا الشعرية تعبران عن خصائص الوسط الاجتماعي وأسلوب التفكير والانفعال والمجتمع وقوانينه.
  •  - إن العبقرية والموهبة في الفن لا يفصلان الفنان عن مجتمعه بل يشدائه إليه ويجعلانه ينفذ إليه ويغوص في أعماق الحياة الاجتماعية.
  •  - إن الفنان العظيم هو الفنان الذي ينتسب إلأى المجتمع وتصبح موهبته أقوى كلما اتصل وثيقة بحركة المجتمع.
  •  - إن عظمة الشاعر تكمن في جذور آلامه وسعادته وشقائه في أعماق الحياة الاجتماعية والتاريخ والعصر والثقافة.
  •  - العظمة تقاس بمقدار عمق التعبير عن مشاكل المجتمع والعصر والإنسانية والشعب.
  •  - مع ذلك فكل خلق فني هو تعبير عن الذات والفنان دائما يقدم أفكاره وأحاسيسه ومشاعره وعالمه ، إنه يقدم لنا ذاته ولكن عندما يفصح عما يخصه شخصية وما يختبئ في نفسه فإنه يعبر بوعي أو بدون وعي عما هو هام اجتماعية وعما له من دلالة ومعنی اجتماعيان وانسانیان.
  •  - إن المجتمع لا يحيط بالفنان من الخارج فحسب بل ينفذ في أعماق ذاته رغم كل ما فيها من تجل فني . وبهذا المعنى إن الخلق الفني الحقيقي هو بذات الوقت تعبير عن أن الجانبين يتخلى عن صفة الفنان نفسها.
  •  - إن المجتمع يرى في الفنان لسانه الإيديولوجي والمنادي الناطق بإرادته وأهدافه ، والناس من هذا المنطلق يبجلون الفنان ويعجبون بنظراته الثاقبة لأنهم يجدون في آثاره شيئا مما في نفوسهم وتجربتهم ومطامحهم.
  •  - إنه يعلمهم أن حياتهم جدية رغم كل شيء بأن تعاش ، معبرا عن قوة الحياة ذاتها .
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.