ما هي نظرية المحاكاة في الفن والتراجيديا؟

ما هي نظرية المحاكاة في الفن والتراجيديا؟

  • - حاول كثير من الفلاسفة تفسير الفن على أنه نتيجة لعملية المحاكاة التي يحاول الفنان خلالها تقلید الطبيعة ، و قد سيطرت هذه النظرية زمنا طويلا على الفن ، تأثرة بتفسير أرسطو الذي ذهب إلى أن الفن هو محاكاة للطبيعة.
  • - فالمحاكاة هي أحد قوى النفس البشرية التي تميزه عن بقية الكائنات الأخرى ، وملكة يتلقی من خلالها معارفه ، فالشعر محاكاة للطبيعة عن طريق القول الشعري ، والموسيقا محاكاة للطبيعة عن طريق الصوت ، والرسم محاكاة للطبيعة عن طريق اللون.
  • - وكل فنان يخلق فناً لا بد أن يخلقه بحسب هذه النظرية الأرسطية من خلال ثلاث قنوات هي : 
  • 1. تصوير الأشياء كما هي في الواقع ، وهذا ما يعرف بالمحاكاة البسيطة.
  • 2. تصوير الأشياء كما يصفها الناس ، وهو ما يعرف بمحاكاة الجوهر .
  • 3. تصوير الأشياء كما يجب أن تكون ، وهو ما يعرف بمحاكاة المثل الأعلى.
  • -إن نظرية المحاكاة بالمعاني السابقة تجعلنا نقف أمام نظريات وأهمها: 
  • - نظرية المحاكاة البسيطة :
  • - يعد هذا الاتجاه من أقدم اتجاهات المحاكاة ، بحسب هذه النظرية يكفي أن يكون للإنسان  مهارة نقل الواقع ومحاكاته من حيز الوجود الطبيعي إلى حيز الوجود.
  • - فالفن الجميل يعرف بحسب هذه النظرية بأنه الترديد الحربي الأمين الموضوعات التجربة المعتادة وحوادثها ، وقد كان هذا الفن الأكثر انتشارا ، وقد روج لهذا المستوى من المحاكاة كثير من الفنانين والأدباء والنقاد .
  • - وذهب ليوناردو دافنشي إلى أن أعظم تصوير هو الأقرب شبهاً إلى الشيء المصور.
  • - ويصف أحد النقاد لوحة الموناليزا : إنه على كل من يود أن مدى قدرة الفن على محاكاة الطبيعة ، أن يتأمل هذه الرأس فيجد فيها المحاكاة كاملة ، إلا أننا لا نوافق على أن عمل الموناليزا عمل ينتمي إلى نوع المحاكاة البسيطة ، لأنها لم تكن نسخة متطابقة لوجه الموناليزا ، بل إن دافنشي أضفى على اللوحة من روحه وإحساسه وذكرياته وقد لاقت نظرية المحاكاة نقداً منذ المرحلة اليونانية.
  • - فقد اعتبرها أفلاطون محاكاة مزيفة ، لأنها تحاكي الواقع المحسوس ، من حيث إنها شبه مضلل أو مخادع ، وقد قدم أفلاطون نموذجين لهذا النوع من المحاكاة المزيفة والمبنية على الظن ، وتتمثل في فن الخطابة السفسطائية والشعر التمثيلي أو الدرامي.
  • - من حيث اعتبرت تفسيراً رديئاً عند فلاسفة الجمال و ذلك لأن الفن هو تعميق وإثراء للواقع وليس نقله بشكل حرفي.
  • - وقد أخرجها بعضهم من دائرة الفن على اعتبارها مجرد نقل للواقع ، ولو اقتصرت مهمة الفن على ذلك الكان عمل آلة التصوير أدق وأروع من عمل أعظم فتان في محاكاته.
  • -  نظرية محاكاة الجوهر
  •  - لعل الفهم السابق للفن هو ما دعا أفلاطون إلى المناداة بنوع من المحاكاة التي أكد فيها الفنان عالم المثل وليس عالم الواقع ، لأنه لو أقدم على محاكاة الواقع يكون بذلك قد نسخ ما هو مستنسخ بالأصل ، فيشوه ما هو مشوه .
  • - والأصل بالفنان أن يستنسخ القيمة الموجودة في عالم المثل ، وليس القيمة التي كانت محاكاة لها ، وكذا المعنى تصبح المثل العقلية أولى بالمحاكاة.
  • - بحسب هذه النظرية التي تصور لنا أولويات النظر الفني تتحدث عن: 
  • - انتفاء حرية الفنان في اختبار موضوعاته ، فيفقد الفن بذلك كل الحرية ، وهذا ما جعل أرسطو ينتقد هذه المحاكاة للطبيعة ، ويخرجها عن التصور الراقي للفن.
  • - لأن الفن بحسب ارسطو لیس کالرجع العسدي أو انعكاس المرأة ، فمثل هذا التصور للمحاكاة و الفن يلغي إبداع الفنان وقدرته على الخلق.
  • - وقد دافع ليوناردو دافنشي عن هذا للفن بقوله : إن أعظم تصوير هو الأقرب شبهاً إلى الشيء المعمور ، لكن إذا اقتصر الفن على تصوير الواقع كما هو تصويراً مطابقاً لكان فناً ساذجاً.
  • - إن أقرب الفنون لهذه النظرية هي الدراما التي تحاول محاكاة الصراع الموجود في الواقع ، فالتصوير الفي للدراما لا يكون من خلال نقل الواقع نقط حرفية ، إنما محاكاة الصراع كعقدة وحبكة.
  • - وقد حاول أرسطو تجاوز العقبات الإبستمولوجية التي وضعها أفلاطون وقيد فيها الفن فجعل التراجيديا.
  • - التراجيديا
  • - هي الصورة العليا للدراما ومحاكاة لفعل جاد تام في ذاته ، له طول معين في لغة ممتعة ؛ لأنها مشفوعة بكل نوع من أنواع التزيين الفني.
  • - وتتم هذه المحاكاة في شكل درامي لا في شكل سردي وبأحداث تشير الشفقة والخوف ، وبذلك يحدث التطهير ، فنحن في الدراما لا تسجل التفاصيل التافهة التي لا أهمية لها بالعمل الدرامي.
  • - فالمؤلف الدرامي يحاول أن يجعل للتجربة الإنسانية معنى ، ومولف التراجيديا على وجه الخصوص يبين لنا أن للتجربة الإنسانية معنى.
  • - وهكذا فإن المؤلف الدرامي حسب أرسطو ينتقي من المادة الخام للحياة الواقعية ، فهو لا يحاكيها دون تميز.
  • - ويذهب أرسطو إلى أن المحاكاة هي مبدأ الطبيعة في الخلق والإبداع وليست لشخصيات الواقعة ، وبذلك يصبح للفن عالم مستقل يستمد وجوده من مبدأ مغایر لمبدأ الطبيعة.
  • - ولكن تعريف أرسطو للفن بقي مبهماً لأنه لم يوضح لنا حقيقة مبدأ الطبيعة في الخلق ، وهذا يعني أن الفنان يجب أن يمتلك الطبيعة المزدوجة التي تتجلى في کونه موجود طبيعي ، وفي كونه كائن خالق ومبدع.
  • - ولهذا المعنى أربعة جوانب وهي : 
  • - 1. المادة.
  • - 2. الوسيلة.
  • - 3. الموضوع.
  • - 4.هدف المحاكاة.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.