- إن التاريخ في فرنسا يطل عبر الشاشة الصغيرة والإذاعة ، والصحف ..
- لكنه يتألق من خلال سبع مجلات متخصصة ، بعضها شهرية ، والأخرى فصلية غير أنها جميعها تتنافس للفوز بأكبر عدد من القراء .
-
* اهتمامات قراء فرنسا :
-
والقراء في فرنسا لهم اهتمامات جديدة : - الأحداث ، والمعارك ، والمعاهدات ، والملوك والحاشية .. لا تهمهم بقدر ماتهمهم أخبار عامة الناس في طريقة حياتهم ، ومعاشهم ، وسلوكهم اليومي .
- هذا الاهتمام جاء نتيجة للتجديد الشامل الذي طرأ على الأساليب المتبعة في دراسة التاريخ ، والذي أوجد ما يطلق عليه في فرنسا اسم ( التاريخ الجديد ) .
- * قول المؤرخ جاك لوجوف :
- المؤرخ ( جاك لوجوف ) الذي يعتبر من رواد التاريخ الجديد في فرنسا يقول عن مجال تخصصه :
- " أول من استعمل تسمية ( التاريخ الجديد ) في فرنسا هو المؤرخ ( هنری بير ) سنة 1930 م معتمداً على خاصيتين للتاريخ :
- 1_ تجدده .
- 2_ وتغلغله العميق في الماضي .
- وإذا ما استعرضنا بقية العلوم ، لوجدنا أن أغلبها قد تجدد في فرع واحد من فروعه ..
- أما التاريخ ، فقد تجدد في كافة فروعه ، إنه اليوم يستعين بكافة العلوم الإنسانية ليدرس الإنسان في نشاطاته المختلفة .
-
* تاريخ فرنسا بين الماضي والحاضر :
-
خلال القرن الماضي ، كان التاريخ يعتمد علم الوثائق المكتوبة ، أما اليوم فإنه يستخدم الوثائق المتاحة ، مکتوبة ، مروية ، منقوشة أو مصورة . - لقد أصبح التاريخ الجديد في فرنسا مدرسة ولدت مع مجلة ( الحولیات ) التي أسسها ( مارك بارك ) و( لوسيان فابر ) سنة 1929 م ، لتكون منبراً للتاريخ الإقتصادي والإجتماعي في مواجهة التصور التقليدي الذي يجعل التاريخ مقصوراً على الأحداث وأخبار الملوك .
- لقد نجح الرواد في تحطيم الحواجز التي كانت تفصل بين التاريخ وبقية العلوم الإنسانية ، فسددوا بذلك طعنة قاتلة للتاريخ السياسي ، کاشفين زيف الإعتماد على سرد الأحداث دون تحليل الأسباب الحقيقية التي أوجدتها ، وهي الأسباب الكامنة في الحياة الإقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات البشرية .
-
* تاريخ الحياة اليومية :
-
تعتبر النظرة الشمولية من أهم ماتوصل إليه رواد التاريخ الجديد ، وهي تقتضي تحطيم الحواجز بين العصور وصولاً إلى رصد شامل لحركة التاريخ . - إن الأحداث التي تمر بها المجتمعات البشرية قد تتلاحق في سرعة أو بطء ..
- غير أن القوى الكامنة خلفها والتي تحركها لايمكن اكتشافها إلا برصدها خلال فترة طويلة من الزمن .. ذلك أن النظم الإقتصادية والإجتماعية تتغير في بطء .. أما التاريخ القصير المدى ، فإنه عاجز عن اکتشاف وتفسير الثوابت والمتغيرات .
- وأن التاريخ السياسي الذي يعتمد على تغيير العروش والحكومات لايستطيع رصد الحياة الحقيقية للمجتمعات البشرية ، بما تزخر به من تغيير قد تسببه أساليب التغذية ، أو طرق العلاج ، أو وسائل النقل ، أو ظهور الطباعة ، أو انتشار الصحف ..
-
* النظرة الشمولية للتاريخ :
-
دفعت الدارسين إلى الإهتمام بالحياة اليومية ، وهكذا نشرت مذکرات العامل ، والفلاح ، والجندى .. - فتحولت إلى مصادر يستشهد بها كغيرها من الوثائق التي وقعها الملوك ورؤساء الحكومات ..
- الاهتمام بالحياة اليومية ، طور الأناسه ، وهو علم يبحث في أصل الجنس البشري وتطوره وأعراقه ومعتقداته ..
- کما طور السلالة : وهو علم يبحث في أصول السلالات البشرية ..
- غير أن هذين العلمين اتجها فقط إلى مجتمعات العالم الثالث ، مما جعل العديد من المؤرخين يتطلعون إلى اليوم الذي يأتي المتخصصون من العالم الثالث إلى أوربا لدراسة أجناسها وسلالاتها ، مثلما يفعل الأوروبيون في أقطار العالم الثالث .
- غير أن أغلب علماء الإجتماع لايرتاحون للتوسع الذي طرأ على التاريخ ، ويؤيدون حصره في حدود السجل الذي يدون التجارب الإنسانية ويحرى أمثلة يمكن الاستدلال بها .
-
* علاقة العلماء بالتاريخ :
-
_ إن علماء الإقتصادي فإن علاقتهم بالتاريخ الجديد ليست أوفر حظا ، إذ أن أغلبهم يقصرون دراستهم على الفترات القصيرة والمتوسطة ... - _ علماء الجغرافيا يجنحون اليوم إلى الإعتماد على المدى البعيد في دراساتهم ، مما يبشر بتجانس بينهم وبين التاريخ الجديد .
- _ علم النفس مازال بعيداً عن التاريخ الجديد ، وذلك لارتباطه الوثيق بعلم الإجتماع ..
- _ أما الألسنية ( علم اللغات ) : فهي مازالت بعيدة عن التاريخ برغم الجهود التي يبذلها بعض الرواد للإستفادة من أساليبها في تحليل النصوص والوثائق ..
- إن التحليل النفسي بدأ يأخذ طريقه إلى التاريخ الجديد ، غير أن عقبة كأداء مازالت قائمة وهي تكمن في صعوبة الإنتقال العلمي الدقيق من التحليل النفسي الفردي إلى التحليل النفسي الجماعي ..
-
* ختاماً نقول :
-
كل هذه الاتجاهات تؤكد أن الحواجز التي تفصل بين العلوم الانسانية في سبيلها إلى الزوال وتحويلها إلى تاريخ كامل شامل يدرس مختلف جوانب الحياة الإنسانية .. -
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.