اعلن هنا

الشرق عند الرحالة الغرب

الشرق عند الرحالة الغرب

  • * شاتوبريان.. لامارتين.. فلوبير.. نرفال.. غوتيه... وغيرهم، رحالة من الغرب استولت على ألبابهم وأخيلتهم مفاتن الشرق، واستوقفت تفكيرهم أسراره.
  • * ذاك الأفق الذي كان يمثل لهم قصيدة لتصعيد الخيال، قصيدة تمتزج فيها شمس الصحراء الحارقة وتنتقل بين أبياتها قوافل الإبل، وتمتد كلماتها فوق رمال الصحراء الموشاة بتاريخ امتدت فوقه مسارح الإنسانية، الشرق... الذي أغوى رحالة الغرب فما كان من هؤلاء إلا أن شدوا رحالهم نحوه.
  • وهذا الارتحال الذي اتجه به الغرب نحو الشرق إنما كان يتحدد بأطر عدة أبرزها:
  • - الإطار النخبوي والسياسي والديني والأدبي.
  • - إطار العلاقات الممتدة للصراع الإمبراطوري التوسعي والصراع الديني النقائضي.
  • * واتسمت هذه الرحلات بالعفوية والسطحية والتحيز لأنها بدورها تشكل عنصراً من عناصر رد الفعل الدفاعي لدى بعض الثقافات إزاء ثقافات أخرى، وما كان من هذا إلا أن خلق خلافاً في الدوافع بين كل من أولئك الرحالة الذين استهواهم الشرق وسحره فمن (شاتوبريان) الذي نجده يتوه في الشرق باحثاً عن عبقريته الدينية وتفوقه العرقي، إلى (لامارتين) الذي ارتحل باحثاً عن آثار الله المنقوشة في جنبات الشرق، ولكن ربما كان الدافع الوحيد الذي كان يجمع أولئك الرحالة هو البحث عن (الغرائبية) حيث أن الشرق بالنسبة لهؤلاء كان عبارة عن مساحة غامضة وجذابة بذات الوقت.
  • * وفي ذات الوقت الذي كان يرتسم فيه الشرق أمام من ارتحلوا إليه من الغرب على أنه أرض الشمس وقوافل الإبل والطبيعة الخلابة كان يرتسم أمامهم الجانب الآخر منه وهو أنه أرض التوراة والأديان والنور،  فالشرق لم يكن في لوحة الغرب فقط سحر الصحراء والشمس وإنما كان سحر الحضارة والتأصل الديني.
  • * فنجدهم يصورون الشرق بقولهم (هذا هو الكرمل ذو الانحدارات المعطرة) وفي الوقت نفسه (وبئر سليمان وأرض شنعان). 
  • *  فمثلاً نجد (لامارتين) يقول مصوراً الشرق: «بأنه الليل تحت الخيمة، ونهيق الخيول قربنا وخوار الخيل ودخان نيران المساء»،  ويضيف: «وهناك تتوغل أفواج الحجيج المسيحيين والمسلمين نحو الداخل عبر المضائق والشعاب».
  •  * ولو أردنا أن نلقي نظرة على ما حمله أولئك الرحالة الغربيون معهم من الشرق فهو أكثر بكثير مما قدموه له.
  • * "لامارتين وديديه وغوتييه وفلوبير وفروفتان" كلهم إنما قصدوا الشرق بحثاً عن الغرب الذي كانوا قد فقدوا معالمه.. فمن (ديديه) الذي قَدِمَ إلى الشرق مشمئزاً من باريس وفرنسا وأوروبا برمتها باحثاً عن الراحة والنسيان في الشرق، إلى (لامارتين) الذي جاء للشرق باحثاً عن ذكريات شبابه المسيحية إضافة لكونه كان عاشقاً «للبحر والصحارى والجبال وآثار الله المرسومة على الشرق».
  •  * ومن جهة أخرى نجد في رحلة الغرب إلى الشرق بحثاً عن صورة لفنّه ومشاعر وانفعالات يستوحي من خلالها المعاني.
  • *  وقد جاور كل من «لامارتين وغوتييه ومارميه جيرارد ونرفال وبيرلوتي" بقرب كافٍ حياة الإسلام، كي يخرجوا منها ببعض الملامح الخارجية التي سجلوها بدقة متناهية.
  • *  فنجد الرحالة الفرنسي (بيرلوتي) وقد أوحى له الآذان في الشرق جملة من الصفحات الرقيقة إلى حد الانفعال وقد كرسها للإسلام، إذ يقدم لنا في كتابه (المبرورون في السحر) مقطعاً شعرياً مكثفاً يصور فيه المؤمنين وهم يصلون بصمت في الجامع، بعد دعوة صوت المؤذن العذب لهم.
  • * فيبقى الشرق في ذهن الغرب بكل ملامحه وصوره هو الفضاء الذي يبحث فيه الغرب عن معالمه وذاته بين ثنايا سحره وفي أعماق غرائبيته وتحت ظلال شمسه.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.