-
* مقدمة تعريفية توضيحية :
-
باب النسب في لغتنا من أوسع أبواب الصرف وأكثرها تفصيلاً ، وهكذا شأنه في بعض اللغات الراقية الأخرى ، ولكن بعض علماء الصرف عندنا زادوا فيه بعض التعقيدات لعدم توسعهم في استقراء الشواهد التي تستمد منها القواعد .. -
* القاعدة العامة في النسب :
-
أن نزيد على الكلمة التي يراد النسب إليها ياء مشددة في آخرها دون تغيير في بنية الكلمة .. - فيقال مثلاً : إسلام وإسلامي ، وقرآن وقرآني ، لكن العرب غيروا أحياناً كثيرة في بنية الكلمة أيضاً ، كقولهم : ملك ، وملكي ..
- وهم يحذفون تاء التأنيث فيقولون مثلاً : مكة ومكي ، وفاطمة وفاطمي .
-
* صور الصيغ المختلفة :
-
ولهذه التغييرات صور مختلفة ، يعنينا منها هنا الصيغتان الآتيتان : - 1_ فعيلة ( بفتح فكسر ) : إذ تعسف الصرفيون في تقسيم الكلمات التي تأت على هذه الصيغة أقسامآ فقالوا :
- أ- إذا كانت عين الكلمة صحيحة غير مضعفة ولامها صحيحة ، حذفت الياء وفتح الحرف الذي كان قبلها مکسور ، ففي النسب إلى :
- ( مدينة ، وحنيفة وبجيلة وصحيفة ) ، يقال کما قالت العرب : مدني ، وحنفي ، وبجلي ، وصحفي .
- ب- وإذا كانت عين الكلمة معتلة لم تحذف الياء مثل : طولة ، فالنسب إليها طويلة .
- ج- وإذا كانت عين الكلمة مضعفة لم تحذف الياء أيضاً مثل جليلة ، فالنسب إليها جليلي ، ولو أنصف الصرفيون لأبقوا على الياء عند النسب إلى ما جاء على فعيلة ، ولم يوجبوا حذفها مادامت لأم الكلمة صحيحة ، كما في القسمين الثاني والثالث ، وكما أبقاها العرب في بعض أمثلة القسم الأول ، إذ نسبوا إلى عميرة وسلامة وسليقة ، فقالوا : عميري وسلیمی ، وسليقي ..
- 2_ فعيلة ( مصغرة ) : سمع عن العرب حذف الياء في النسب إلى بعض ما جاء على وزنها صحيح اللام مثل : جهينة وقريظة ، فقالوا : طلبآ للخفة : جهني و قرظي ، وعلينا قبول ذلك لوروده عن الفصحاء ، دون التزام حذف الياء فيها ولافي أمثالها ، فيجوز أن يقال : ( جهيني ، وقریظي ) ، قیاسآ على ما ورد من أمثالها ، فقد قالوا : ردينة ورديني ..
-
* إضافات العرب وحذفها :
-
وإذا كانت العرب قد حذفت الياء في بعض الكلمات ، مثل : مدينة و حنيفة وبجيلة وصحيفة ، عند النسب إليها ، فقالت طلبآ للخفة : - ( مدني ، وحنفي ، وبجلي وصحفي )
- فإن ذلك لا يوجب حذف الياء في أشباه هذه الكلمات ، كما يريد الصرفيون ، بل علينا أن نقبل هذه الكلمات مادامت قد سمعت عن العرب ، ولانلتزم حذف الياء فيها أو أمثالها ، بل نيقيها کما أبقتها العرب في :
- ( عميري وسليمي وسليقي ) ..
- _ كما إن بعض شيوخنا كانوا إذا رأوا في كراساتنا كلمة ( بديهي ) نسبة إلى بديهة ، ( وطبيعي ) نسبة إلى طبيعة ، اعتبروا ذلك خطأ وأوجبوا أن يقال :
- ( بدهي ) و ( طبعي ) ، مع أن الوجهين جائزان ، وقد يكون من الأولى إبقاء الياء لإظهار المنسوب إليه ، کما في النسبة إلى :
- ( جزيرة ، وطليعة ، وخليفة ) ، فقولنا :
- جزيري ، وطليعي وخليفي ، أفضل من قولنا :
- جزري ، وطلبي ، وخلقي .
-
* صيغة فعيل :
-
وهكذا يقال فيما هو على صيغة ( فعيل ) ، مثل ثقيف ، فقد نسب إليها العرب فقالوا : ( ثقفي ) ، ومن الواجب قبول هذا النسب ، الذي حذفت فيه الياء دون التزام بحذفها في كل ما ورد على هذه الصيغة مثل : - ( أمير ، ورئيس ، وعزيز ، وبريد ، وربيع ) ، بل نبقى الياء فنقول :
- أميري ، ورئيسي ، وعزيزي ، وبريدي ، وربيعي .
- وقد نسبت العرب إلى ( ربيع ) فقالوا : ربعي ، وسموا به بعض أولادهم أحياناً ، ومن ذلك أن سليمان بن عبدالملك أحد ملوك أمية ، أراد أن يبايع لأحد أولاده بعده ، ولما عرضهم في أحسن هیئاتهم وجدهم جميعاً صغاراً ، فقال متوجعاً :
- إن بني صبية صيفيون
- أفلح من كان له ربعيون
- واختار بعده ابن عمه عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ..
-
* وخلاصة المقال :
-
إن الأصل هو إبقاء الكلمة على أصلها ما أمكن عند النسب إليها ، وكان ذلك سائغآ ، ولكن لابد من قبول كل ماورد عن العرب مخالفآ لهذه القاعدة ، طلبآ للخفة دون التزام به أو التزام بقياس أمثاله عليه ، ومهما يكن فلا بد من مراعاة أمن اللبس في كل كلمة وكل جملة . - ومن هنا يبدو أن الصرفيين تسرعوا حين أوجبوا ما لا يجب وهو حذف الياء من صيغتي فعيلة وفعيلة واعتبروا اثبات الياء فيها شذوذ مثل : سلیقي ورديني مع أن هذا هو الأصل ، فهم قد جعلوا المطرد أو الغالب شاذ ، وجعلوا الشاذ مطرد.
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.