- القصة القديمة معروفة ، وهي إحدى أشهر صفحات الصراع الطويل بين ( العقل الانساني ) ، وبين قوى القهر والغرائز والتسلط .
-
* ولادة عالمان في أوروبا :
-
في القرن السادس عشر ، وأوروبا تتهيأ للخروج من ظلام العصور الوسطى إلى انوار عصر النهضة ، ظهر عالمان هما أكبر وأهم علماء الفلك والعلوم الرياضية ، 1_ كوبرنيك في بولندا . - - جاليليو في إيطاليا .
- وكان كوبرنيك هو الأسبق زمنا بوقت قصير ( ولد سنة 1473م ومات سنة 1543 م ) ، وكان قد درس اللاهوت والرياضيات .
-
* قول المؤرخون :
-
يقول المؤرخون بأن هناك من الفلاسفة من قالوا منذ القرن الثالث الميلادي أن الشمس وليست الأرض هي مركز الكون . - ولكن هذه الآراء تم كبحها تحت سطوة السنوات الأولى لسلطة الكنيسة الرسمية .
-
* نتائج بحث كوبرنيك :
-
بعد دراسة عميقة ، توصل كوبرنيك إلى أن الأرض ليست ثابتة ولكنها تدور حول الشمس ، وكتب بحثاً هامآ ذلك كان الأول من نوعه ، ولكنه عندما أراد نشر هذا البحث لم عن يجد مطبعة تطبعه له ، فذهب بمخطوطه إلى نورنبرج ( ألمانيا ) ، ثم إلى ليبزج ، ولكنه فشل أيضاً في محاولاته . - كانت الكنيسة البروتستانتية ترفض نشر مثل هذا الكلام الذي لم يرد أي نص يؤيده في الأناجيل كلها ، على أنه تمكن من نشر بحثه أخيراً سنة 1543م ، قبل وفاته بشهور .
- وفي عصرنا هذا يؤرخ المؤرخون لتاريخ الحضارات لهذا البحث باسم ( الثورة الكوبرنیکیة ) لأنه قلب تصور الإنسان للكون المحيط به رأسا على عقب ، وإن كان وقتها قد ظل وجهة نظر ينقصها الدليل والإنتشار .
-
* أول معارك عصر العقل :
-
في وقت لاحق بفترة زمنية قصيرة ، ظهر عالم آخر في إيطاليا كتب له أن يكون أهم شأناً ، هو جاليليو جاليلي الذي ولد سنة 1564م في مدينة بيزا المشهورة ببرجها المائل ، وعاش حتى قارب الثمانين . - كانت صناعة ( التلسكوب ) قد بدأت تظهر بطريقة بدائية ولكن جاليليو ، ابن الموسيقار ، كان موهبة فكرية وعلمية هائلة ، فاستطاع أن يصنع أول تلسكوب انطوى على قفزة علمية هائلة ، واشتهر به وقتها في أنحاء أوروبا جميعاً ، واعتبر من ذلك الوقت وحتى الآن أبو الميكانيكا الحديثة والعلوم التجريبية في اكتشاف قوانين الحركة والجاذبية .
- وكان كذلك أول من استخدم المنطق الرياضي في تحليل الأشياء بدلاً من المنطق الأرسطوطالي .
-
* إكتشافات جاليليو :
-
نشر جاليليو بحوث متعددة في میادین شتی ، وأحرز شهرة عظيمة في عصره ، كما أنه اكتشف عدداً من الأجرام السماوية التي كانت مجهولة كالزهرة والمشتري ... - واكتشف أن وجه القمر مجعد وليس ناعماً ، کما يبدو للعين المجردة ، ولكنه في سنة 1910م أصدر أهم أبحاثه ، التي برهن فيها بشكل حاسم ونهائي على أن الأرض تدور حول الشمس وليست ثابتة في مكانها . وقد أحدث هذا الكشف ضجة هائلة ، وكان جاليليو ، على عكس كوبرنيك ، يمتلك أسلوباً أدبياً جدليآ ، وقدرة على تبسيط أعقد الأمور العلمية ، وبالتالي لم يقتصر بحثه على أهل الفلك وحدهم ، ولكنه وصل إلى الناس كافة ، الذين أقبلوا عليه بإهتمام كبير .
-
* اصطدام جاليليو بقيود رجال الدين :
-
ومرة اخرى ، اصطدم جاليليو مثل زميله كوبرنيك ، بالقيود التي وضعها رجال الدين على الفكر في القرون الوسطى ، وعدم اعترافهم بالعلوم ، بل ورفضهم أساساً لعلوم الرياضيات بالذات ، وأخذهم مبدأ أن مالم يأت به نص في الإنجيل فهو كاذب ، وغير قابل للبحث فيه.. - كان ( عصر العقل ) يخوض أول معاركه الكبرى مع عصر الجمود وضيق الأفق ، ورغبة رجال الكنيسة في استمرار احتكارهم للمعرفة و بالتالي رفضهم تقبل أي معارف جديدة مهما قامت عليها من براهين .
- وكالعادة ، كان هناك رجال الكنيسة المستنيرون الذين حاولوا مساعدته ، ولكن كان هناك رجال الكنيسة الجامدون ، الذين لجأوا إلى استغلال صراع الكاثوليكية مع البروتستانتية في ذلك الوقت لقهر كل فکر علمی جدید ، على أساس أنه يضعف موقفهم إزاء الخصوم ، وكانت لهؤلاء الغلبة ، فأقفلوا الباب بضرورة محاكمة جاليليو إذا صمم على آرائه .
-
* ثماني سنوات في الظلام :
-
اقتيد جاليليو وهو في شيخوخته إلى محكمة التفتيش ، وهناك كان عليه إما أن يعلن أنه مخطی ، ویتوب عن آرائه وإما أن يواجه أبشع أنواع التعذيب .. - وأعلن جاليليو في المحكمه أنه مذنب ، وأنه مخطيء ، وأن اکتشافاته غير صحيحة ، وأنها منافيه للإيمان ، إلى آخر القائمة المعروفة ...
- وبالتأكيد كانت المحكمة تعرف في ضميرها أنه إنما يسايرهم ، ولذلك لم يحكموا ببراءته ، ولكنهم حكموا بإدانته ، ولكنهم أكتفوا بتوبة ( بسيطة ) ، هي تحديد إقامته في منزل في قرية قرب فلورنسا ، بعيداً عن روما مدى الحياة ..
- وتقول بعض الروايات ، أنه خرج من قاعة المحكمة وهو يتمتم للجندي القابض عليه ذلك ، إن الأرض تدور !
-
* ختاماً :
-
عاش جاليليو في الإقامة الجبرية ثماني سنوات ، فقد خلالها بصره ، ثم مات ، دون أن يری نور الحرية مرة أخری .. - مات جاليليو واستمرت سلطة الكنيسة على حرية العقل والعلم زمنآ قبل أن تزول ، ولكن الأرض كما قال جاليليو للسجان بحق : ظلت تدور .. لم يوقفها الحكم عن الدوران !
- ومع الزمن صارت نظرية جاليليو في الحقيقة المسلم بها ، و وكان في الفاتيكان منذ قرون وظيفة ما زالت باقية ، وظيفة على شاغلها أن يطارد الهرطقة والهراطقة حيث يكونوا .
- ومنذ عهد نابليون بدأت حملة تبناها عدد من رجال الكنيسة ، للمطالبة بإعادة النظر في الحكم الصادر على جاليليو ولكن البابوات والكرادلة الكبار کانوا غير متحمسين لفكرة اعتراف الكنيسة بخطأ ارتكبته ، ويكفي أن الحكم الخاطىء قد طواه النسيان وصار جاليليو يدرس في مدارس العالم كلها .
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.