-
* مقدمة عامة :
-
تم العثور مصادفة على 28 ألف صورة فوتوغرافية لمختلف نواحي الحياة في بلاد الشام قبل قرن من الزمان .. - كان مسرح هذا الإكتشاف المثير هو المتحف السامي التابع لجامعة هارفرد الأمريكية ، وبه انفتح الباب واسعاً لدراسة العمارة والبيئة والملابس في تلك الفترة الهامة من تاريخ الشام ..
- إذ تكمن أهميتها في أنها تعتبر أكبر وأقدم ما عثر عليه حتى الآن من صور تتعلق بتاريخ المنطقة ، فضلاً عن أنها تنقل لنا معلومات عن حياة السكان ، وعن البيئة التي كثيراً ما تشوق المؤرخون للتعرف على تفاصيلها ، وبخاصة أنها كانت بيئة نموذجية لمنطقة تحت سيطرة الحكم العثماني ، وكانت تعاني ظروفاً قلقة ، سببها الضغط العثماني بمتاعبه وتدهوره ، والتدخل الأوروبي بطموحاته وتقدمه ومؤامراته ، والنهضة العربية المتثاقلة التي تحاول تلمس النور .
-
* بسبب حرب فيتنام :
-
وقد لعبت الصدفة دورها في الكشف عن تلك الثروة من الصور الفوتوغرافية ، ذلك أن بعضها كان قد تم شراؤه من تاجر انجليزي في لندن ، وأودع منذ عام 1889 م في متحف هارفارد بعد عام من افتتاحه ، وكان مقرآ لدراسات الشرق أوسطية للغات والحضارة . - ولقد تم بعدئذ تظهيرها وترقيمها ووضعها في صناديق أودعت مستودعات ، وأهملت منذ ذلك الوقت ولم يخطر في ذهن الباحثين ، العمل على دراسة محتويات هذه الصناديق غابت عن الأذهان تماماً ..
-
* حدث عام 1950 م :
-
تم إنشاء طابق علوي لبناء المتحف ، وهكذا توزعت المحتويات ، وكان من حظ هذه الصناديق أن تنقل خطأ إلى مقر مركز الشؤون الدولية ، حيث كان ( هنري کیسنجر ) يشغل وظيفة مدير مساعد وكان المركز يجابه معارضة الطلاب لحرب الفيتنام .. -
* خراب الطابق العلوي :
-
وفي عام 1970 م تم انفجار قوي في سقف الطابق العلوي للمبنى ، كان قد دمره معارضو هذه الحرب المستنكرة ، مما أدى إلى خراب الطابق العلوي ، وظهور الصناديق التي لم تعرف هويتها في بداية الأمر . - ولكن أمين المتحف وهو السيد ( كارني غافن ) ، كان يقوم بإعداد دراسة أثرية للحصول على الدكتوراه ، قام بفتح هذه الصناديق المجهولة المحتوى ، وكانت دهشته كبيرة إذ تبين له أن هذه الصور تعود إلى أكثر من مئة عام ، وأن عددها يتجاوز الثمانية والعشرين ألفاً ، وكان من بين الصور صور أخرى تتعلق بتنقيبات أكثر قدماً .
-
* أهمية هذا الإكتشاف :
-
وتعتبر هذه المجموعة من أهم الوثائق التاريخية التي يحتفظ بها المتحف السامي في جامعة هارفرد والتي تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط . - وكان هذا الإكتشاف داعياً إلى إعداد فريق خاص من الاختصاصيين في التصوير وفي تاريخ الشرق الأوسط ، كما كان يتطلب ميزانية خاصة .
- ومما لاشك فيه أن هذا الإكتشاف ، من قبل مسؤول علمي ، فلقد وجد فيه فرصة لفتح ملف الدراسات الشرق أوسطية من خلال هذا الكشف الهام .
- ولقد كان أول عمل قام به مدير المتحف ومساعدوه ، هو الإتصال بالمسؤولين عن الآثار والمتاحف والأرشيف في سوريا ...
- ولعل أول زيارة قام بها كانت عام 1978 م إلى دمشق ، ولقد اطلعنا على بضعة عشرات من هذه الصور التي كانت تمثل شخصيات ومشاهد وأبنية وأحياء ، وكان غرض مدير المتحف بداية الحوار في الموضوع :
- 1_ مباشرة الدراسات حول هذه الصور ومحتوياتها
- 2_ إجراء مقارنة بين هذه الصور وصور محفوظة لدى الهواة ، أو في أرشيفنا
- 3_ التعرف على أخبار المصورين الفوتوغرافيين في القرن الماضي ..
- وأهم هدف من الزيارة كان تحديد هوية الأشخاص والأماكن والبيوت المصورة .
- ولقد قمنا بدعوة المؤرخين والعارفين من أهل دمشق للإطلاع على نماذج من الصور التي تتعلق ببلاد الشام ، ولقد تم التعرف عليها جميعاً ، وقامت بعثة المتحف السامي بتسجيل هذه الملاحظات .
-
* فيلم إنتاج تلفزيوني :
-
قام مدیر المتحف بالتعاون مع بعض مؤسسات التلفزيون ، إلى إنتاج فيلم تلفزيوني عن نماذج من الصور ... - اشترك في إعداد هذا الفيلم الدكتور ( صباح قباني ) سفير الجمهورية العربية السورية في واشنطن ، وعرض هذا الفيلم في مؤتمر تاریخ بلاد الشام في دمشق في بداية 1979 م .
- ثم أوفدت السيدة ( اليزابيث كوريللا ) إلى دمشق لتصویر نفس الأماكن والمشاهد التي تحتويها بعض الصور ، والتي مازالت قائمة حتی الآن .
-
* التقاط الصور من قبل مصور فرنسي :
-
ومن حسن الحظ أن عدداً كبيراً من الصور كان معروفاً باللغة الفرنسية في أسفل الصورة ، وكان اسم المصور في الطرف الثاني ، ولقد تبين أن عدداً من الصور يزيد عن ثمانمائة صورة كانت بتوقيع ( فیلیکس بونفيس ) ، وقد تبين أن هذا المصور كان ضابطاً في الجيش الألماني الذي وجد في البلاد . - ثم عاد مع زوجته وابنه أدريان لكي يستقر في بيروت منذ عام 1867 م وحتی وفاته 1880 م ، وكان بونفيس فرنسياً شديد الولع بالتصوير الفوتوغرافي ، وكانت طريقة التصوير الفوتوغرافي أكثر تعقيداً ، ولكنها كانت دقيقة ...
- ولقد أنشأ ( بونفيس ) في بیروت مرسمآ له ، وقام بممارسة مهنة التصوير لكي يرضي فيها الشخصيات والرجالات الذين يرغبون في التصوير ، في وقت كان التصوير التشبيهي عن طريق أو التصوير الملون ممنوعآ ومحرمآ .
- ولم ير الناس في التصوير الفوتوغرافي مايمنع من التصوير ، ذلك أن المنع كان يقوم على عدم مضاهاة الله في عملية الخلق ..
-
* ختاماً :
-
لعل أكثر الصور أهمية من الناحية الوثائقية ، المشاهد الخلوية التي تمثل المناطق الأثرية ( كبعلبك وتدمر والأهرامات ، والمدن القديمة ، كحيفا ودمشق وبيروت ) . - مما يدل أن المصور كان يسعى وراء المشاهد التاريخية لكي يظهرها في صور سياحية تنتشر في أنحاء العالم . لذلك فإن النية متجهة لإصدار كتب مصورة تحوى دراسات علمية عن هذه الصور التاريخية ، التي ستغني معرفتنا عن تطور الحياة في بلاد الشام وبعض المناطق في البلاد العربية الأخرى .
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.