تقدمت بزكريا السنون ، وأصبح شائب الرأس ، واهن العظم ، يعيش في بيت يحوي زوجه وهي عجوز مثله ، ولا يستطيع من العمل إلا بمقدار أن يذهب إلى حانوته ساعة من نهار ، صامتاً إلا عن ذكر الله ، ولكنه حتى هذه السنة التي أشرف فيها على التسعين ، لم يرزق طفلاً ، فكان يدخل البيت حزيناً ، فمن الذي يقوم على وراثة حكمته ، وهؤلاء مواليه وبنو عمومته أشرار ، لابد لهم من وازع ..
ماذا كانت أماني زكريا عليه السلام ؟
وبماذا دعا ربه ؟
تابعونا كي نعرف أحداث هذه القصة الشيقة .
زكريا راض عن قضاء الله في قصة زكريا ويحيى في القرآن
ظلت خواطر الخوف تحز في نفس زكريا ، ولكنه كان صابراً متحملاً متجملاً ، إلا من زفرات كان يلفظها كلما جن عليه الليل ، فذلك قضاء الله ، وتلك حكمته ، فلعل من وراء الحرمان حكمة لا يعلمها ، ولعل الله يؤجل ذلك لغاية هو يجهلها ..
حوار زكريا مع مريم في قصة زكريا ويحيى في القرآن
ذهب زكريا إلى الهيكل يوماً كعادته ، ويصلي ويعبد ويتهجد ، ثم يدخل على مريم في محرابها ، فإذا هي غارقة في صلاتها ، ثم يرى أمامها شيئاً يذهله ، هذه فاكهة أمامها ، عجباً !
ثم من أين دخلت إليها ، إنها من يوم أن تنازع مع القراء في شأنها ، وفاز سهمه بكفالتها لازالت حبيسة في محرابها ، محجوبة عن أترابها ، حتى إن أمها من يوم أن أودعتها لم تسع يوماً إلى لقائها ، فمن أين لها هذا الرزق العجيب ! ، فقال لها : ( قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ )
ومالك تدهش وتعجب ، أليس الله يرزق من يشاء بغير حساب !
زكريا يتفكر في قدرة الله في قصة زكريا ويحيى في القرآن
بعد حوار زكريا مع مريم وإجاباتها له المدهشة دخل في تأمل عميق ، فقد أثارت في نفسه الحنين إلى الولد ، والرغبة في البنين !
وبلغ به الكبر ولم يعد فيه للولد مطمح ، وامرأته العجوز العاقر ليس في نفسها للنسل رجاء ، ولكن أليس الله الذي اختص مريم بالكرامة ، ورزقها الفاكهة الغريبة ، بقادر على أن يرزقه ولداً !
رزق الله زكريا على الكبر يحيى ، غلاماً ذكياً ، عشق العبادة حتى أصبح منهوك الجسم ، واشتهر بالعلم ، حتى أحصى مسائل التوراة وأحاط بأصولها وفروعها ، وأضحى فيصل أحكامها ، ورف بين الناس أنه جريء في الحق ، شديد على الباطل ، لايخشى في الله لومة لائم .
الفتنة التي أوردت يحيى قتيلاً في قصة زكريا ويحيى في القرآن
نقل يوماً إلى يحيى أن هيرودوس حاكم فلسطين ، قد هوي هيروديا بنت أخيه إذ كانت جميلة التكوين ، وأنه قد عزم على زواجها ، فظاهرته على ذلك أمها ، وذوو قرباها ، فأعلن يحيى أن ذاك زواج باطل لا تقره شريعة ، وتأباه روح الكتاب ، وقال :" إني لا أعترف به وأجهر باستنكاره " .
وشاع رأيه في القصورر ، وفي أماكن اللهو ، وفي مواطن العبادة ، وبلغ هيروديا ما جهر به يحيى ، فسخطت عليه في نفسها ، وأضمرت العداوة ، واستحال غيظها إلى حزن وكمد ، ولكنها عزمت على أن تستعين بحسنها وجمالها ، لإنقاذ زواجها من عمها ، فتجملت ما استطاعت أن تتجمل ، ودخلت على عمها قسيمة وسيمة ، جميلة الهيئة ، فاقتنص بحبائل فتنتها ، واختُلب بعذوبة منطقها ، ثم سألها أي أمنية تتمنين !
مقتل يحيى في قصة زكريا ويحيى في القرآن
قال هيرودوس لهيروديا :" قولي ماذا تتمنين فأنا رهن لإشارتك ، قيد بكلمتك ! " قالت : " إن رضي الملك فلست أبغى إلا رأس يحيى بن زكريا ، ذلك الذي سممع بالملك وبي في كل مكان ، وغمزه في كل ناد ، إن رضى الملك بذلك فإني قريرة العين ، هادئة البال " .
فأجاب هيرودوس لداعي الهوى ، وأصاخ لكلمة الجمال ، وأصم عن نداء الضمير والوجدان ، وماهي إلا ساعات حتى كان رأس يحيى بين يديها ، فشفت غلها ، وأطفات وقدة غيظها ، ولكنها استنزلت لعنة الله عليها وعلى بني إسرائيل :( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا )[ مريم : 15 ] .
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.