اعلن هنا

تطبيق قواعد الشورى أيام الفاروق عمر

تطبيق قواعد الشورى أيام الفاروق عمر

  • تولى عمر بن الخطاب أمر الأمة ، وقد امتد الإسلام على رقعة أرحب ، ودخلت فيه شعوب جديدة ، وشمل بيئات مختفلة ، فاستجد نتيجة ذلك أمور ، وهذا ما يستدعي زيادة الشورى ومناقشة أهل الرأي والاستماع إلى الناس ، وإلى من يعايش القضايا المستجدة . 
  • وفي هذا المقال نقدم لكم صور مختلفة عن تطبيق الشورى من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فتابعوا معنا .
  • - استشارة عمر في بساط کسری لتطبيق قواعد الشورى : 


  • جاء بساط كسرى إلى عمر بين الغنائم ، وهو قطعة فنية لا يماثلها في عصرها قطعة أخرى ، الناظر إليها كالناظر إلى جنة حقيقية ، قيمته تعادل نصيب أعداد من المقاتلين ، فماذا يفعل الخليفة ؟ ....
  • جمع الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، واستشارهم في البساط ، وأخبرهم خبره ، فأشار كلهم عليه بأخذه ، إلا علياً ، رضي الله عنه ، فإنه قال :
  • " يا أمير المؤمنين ، الأمر كما قالوا ولم يبق إلا التروية إنك إن تقبله - على هذا ـ اليوم لم تعدم فيه غد من يستحق به ما ليس له " ، قال : 
  • " صدقتني ونصحتني ، فقسمه بينهم " . 
  • اقتنع أمير المؤمنين ، ولم يكن هناك معترض ، إذ لم يضع حق أحد ، ولم يقل أحد حرام تمزيق هذه القطعة الفنية ، فالحق والعدل أولى من إبقاء شيء جميل ، وفي نفوس بعض الناس غضة ..
  • - استشارة عمر أهل الرأي في سواد العراق لتطبيق قواعد الشورى : 


  • أفاء الله على المسلمين سواد العراق ، ورأى عامة الصحابة ، وعلى رأسـهـم عـبـد الـرحمن بن عوف ، وبلال بن رباح أن تـقـسـم الأرض ، ومزارعوها بين المقاتلين ، ورأى عمر غير ذلك إذ قال :" والله لا تفتح بعدي بلد يكون فيه كبير نيل ، بل عسى أن يكون كلا على المسلمين ، فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها ، وأرض الشام بعلوجها ، فما يسد الثغور ؟ وما يكون للذرية والأرامل بهذا البلد وبغيره من أهل الشام والعراق ؟ " ، فأكثروا على عمر ، وقالوا : " أتقف ما أفاء الله علينا بأسيافنا على قوم لم يشهدوا ولم يحضروا ، ولأبناء القوم ولأبناء أبنائهم ولم يحضروا ؟ " ، فكان عمر لا يزيد على أن يقول هذا رأي . قالوا : " فاستشر " . 
  • - فاستشار المهاجرين الأولين فاختلفوا ، وكان رأيهم كما يلي :
  • 1 - أما عبد الرحمن بن عوف فكان رأيه أن تقسم لهم حقوقهم . 
  • 2 - وكان رأي عثمان ، وعلي ، وطلحة ، وابن عمر رأي عمر . 
  • فأرسل إلى عشرة من الأنصار ، خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج من كبرائهم وأشرافهم ، فلما اجتمعوا عرض رأيه وحجته . وقال : 
  • " أعوذ بالله أن أركب ظلماً ، لئن كنت ظلمتهم شيئاً لهو لهم وأعطيته غيرهم لقد شقيت ، لكن رأيت أنه لم يبق شيء يفتح بعد أرض كسرى ، وقد ملكنا الله أموالهم وأرضهم وعلوجهم ، فقسمت ما غنموا من أموال بين أهله ، وأخرجت الخمس فوجهته على وجهه ، وأنا في توجيهه ، وقد رأيت أن أحبس الأرض بعلوجها ، وأضع عليهم فيها الخراج ، وفوق رقابهم الجزية ، يؤدونها فتكون فيئاً للمسلمين المقاتلة والذرية ولمن يأتي بعدهم ، أرأيتم هذه الثغور ؟ لا بد من رجال يلزمونها ، أرأيتم هذه المدن العظام كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر ؟ لا بد من شحنها بالجند ، وإدرار العطاء عليهم ، فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرض والعلوج ؟ " ..
  • فقالوا جميعاً : " الرأي رأيك " ، فقال :" قد بان لي الأمر ، فمن رجل له جزالة وعقل يضع الأرض مواضعها ، ويضع على العلوج ما يحتملون ؟ " فاجتمعوا له على ( عثمان بن حنيف ) ، وقالوا : " تبعثه إلى أهم من ذلك ، فإن له بصراً وعقلاً وتجربة . فأسرع إليه عمر فولاه مساحة أرض السواد " .
  • - استشارة الفاروق في الديوان تطبيقآ لقواعد الشورى : 


  • لما كثرت الأموال بعد أن فتح الله على المسلمين أمصاراً ، جمع عمر أناساً من أصحاب رسول الله ﷺ ، فقال : " ما ترون ؟ فإني أرى أن أجعل عطاء الناس في كل سنة ، وأجمع المال فإنه أعظم للبركة " ، فقال علي بن أبي طالب : " تقسم كل سنة ما اجتمع إليك من مال ولا تمسك منه شيئاً " ، وقال عثمان بن عفان :" أرى مالاً كثيراً يسع الناس ، وإن لم يحصوا حتى تعرف من أخذ ممن لم يأخذ ، خشية أن ينتشر الأمر " . فقال الوليد بن هشام بن المغيرة : " يا أمير المؤمنين قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديواناً وجندوا جنوداً ، فدون ديواناً وجند جنوداً " ، فأخذ بقوله ، فدعا عقيل بن أبي طالب ، ومخرمة بن نوفل ، وجبير بن مطعم ، وكانوا نشاب قريش وكتابه ، فقال : " اكتبوا الناس على منازلهم " ، فكتبوا فبدؤوا ببني هاشم ، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه ، ثم عمر وقومه ، على الخلافة ، فلما نظر إليه عمر ، رضي الله عنه ، قال : " وددت والله أنه هكذا ، ولكن ابدؤوا بقرابة النبي ﷺ ، الأقرب فالأقرب ، حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله " . 
  • - استشارة الفاروق في خليج أمير المؤمنين تطبيقآ لقواعد الشورى : 


  • دعا عمر بن الخطاب عمرو بن العاص أن يقدم عليه هو وجماعة من أهل مصر . ثم قال لهم : 
  • " يا عمرو إن الله قد فتح على المسلمين مصر وهي كثيرة الخير والطعام ، وقد ألقي في روعي لما أحببت الرفق بأهل الحرمين والتوسيع عليهم ، حين فتح الله عليهم مصر ، وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين أن أحفر خليجاً من نيلها حتى يسيل في البحر ، فهو أسهل لما تريد من حمل الطعام إلى مكة والمدينة ، فإن حمله على الظهر يبعد ولا نبلغ منه ما نريد ، فانطلق أنت وأصحابك فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل رأيكم " .
  • فتم الرأي ، وفتح الخليج . 
  • هنا نوع جديد من الشورى ، استشارة أهل الاختصاص والمعرفة في البلد لأن الموضوع يتعلق بالخبرة ومعرفة الأرض ، ولا علاقة له بالصحابة ، وليس أمراً فقهياً يعرفه أصحاب رسول الله ﷺ ، أكثر من غيرهم . 
  • - استشارة الفاروق في التقويم تطبيقآ لقواعد الشورى :


  • كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر : " إنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب ليس لها تاريخ فلا ندري على أيها نعمل " .
  • وقال قرة بن خالد : " كان عند عمر عامل جاء من اليمن فقال لعمر : أما تؤرخون ؟ إني رأيت باليمن شيئاً يسمونه التاريخ ، يكتبون من عام كذا شهر كذا "، فقال عمر :" إن هذا لحسن : فأرخوا " . 
  • قال عثمان :" أرخوا من المحرم أول السنة ، وهو شهر حرام ، وأول الشهور في العدة ، وهو منصرف الناس عن الحج " . فلما عزموا على تأسيس الهجرة رجعوا القهقرى ثمانية وستين يوماً وجعلوا التاريخ من أول محرم هذه السنة .
  • - استشارة الفاروق في اختيار القادة تطبيقآ لقواعد الشورى :


  • أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يكون على رأس المجاهدين الذين يتجهون إلى العراق ، فاستخلف علياً على المدينة ، وخرج حتى أتى صراراً وهو ماء على طريق العراق على بعد ثلاثة أميال من المدينة في طريق العراق ، وقد استشار الناس في ( صرار ) فاجتمع عليه الصحابة ، ومنعوه من الخروج ، واستشار الناس في اختيار القائد ، فقال عبد الرحمن بن عوف : " إنه ( سعد بن أبي وقاص ) " . فوافق الجميع ، وانطلق سعد بالجيش . 
  • - استشارة الفاروق في الطاعون تطبيقآ لقواعد الشورى :


  • لما خرج عمر إلى الشام لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة وأصحابه فأخبروه أن الطاعون وقع في الشام ، فقال لابن عباس :" ادع لي المهاجرين الأولين " ، فدعاهم واستشارهم فأخبرهم أن الوباء وقع في أرض الشام فاختلفوا ، فقال بعضهم : " معك بقية الناس وأصحاب رسول الله ﷺ ، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء " . وقال بعضهم : " قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه " ، فقال :" ادع لي الأنصار " ، فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا ، ثم دعا مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا : " نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء " ، فجاء عبد الرحمن بن عوف ، وكان متغيباً في بعض حاجته فقال : " إن عندي في هذا علماً ، سمعت رسول الله ﷺ يقول : « إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه » . 
  • فحمد الله عمر ثم انصرف . 
  • - وفي الختام:

  • ما أكثر الشورى في أيام عمر بل في أيام الراشدين عامة وإنما نستعرض بعضها ، ولا نعرض كلها ، ويكفي أن نأخذ منها الخطوط العريضة لهذا المبدأ العظيم كي نتعلم طريقه لنسير على نهجه.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.