- - لمَّا كان الإمام البخاري سيّد الحفَّاظ، وأمير المؤمنين في الحديث، كان لزاماً علينا أن نطَّلع على مقتطفات من سيرته العطرة، علَّنا نهتدي بهديه، ونستقي ممَّا تركه لنا من علم، فالنظر في سير السلف يُعيننا على تدارك ما بدر منَّا من تقصير كما ورد في طبقات الصوفية: "من نظرَ في سير السَّلف، عرفً تقصيرَهُ وتخلُّفه عن درجات الرّجال".
-
- الإمام البخاري:
- - اسمه: مُحمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بَرْدِزْبة، وهي لفظة بخارية، معناها الزراع.
- - لقبه: أبو عبدالله.
- - سبب تسميته البُخاري: نسبةً إلى بُخارى إحدى مدن أوزبكستان الحالية.
-
- ولادته ونشأته:
- - وُلد أبو عبد الله يوم الجُمعة في الثالث عشر من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة، سنة 194 هـــ
- - تربّى في عائلة فاضلة صاحبة علم إذ كان والده من العلماء المحدّثين، واشتُهر بين النَّاس بسمته وورعه، ورحل في طلب الحديث وروى عن مالك بن أنس وحماد بن زيد كما رأى عبد الله بن المبارك. وتوفّيَ والإمام البخاري صغير. فنشأ البخاري يتيماً في حجر أمه.
- - رُوي عن الإمام البلخي قال: سمعتُ أبي يقول: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره ، فرأت والدتُه في المنام إبراهيم الخليل -عليه السلام-، فقال لها: يا هذه ، قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو كثرة دعائك -شك البلخي- فأصبحنا وقد ردَّ اللهُ عليه بصرَه.
-
- بدايةُ حفظه للقرآن الكريم والحديث:
- - سعى البُخاري إلى طلب العلم وحفظ الأحاديث وهو حديث السنّ، فدخل الكتّاب صبيّاً فأخذ في حفظ القرآن الكريم، وأمَّهات الكتب المعروفة في زمانه.
- - رُوي عن محمد بن أبي حاتم قال: "قلتُ لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك؟ قال: أُلهمت حفظَ الحديث وأنا في الكتَّاب، فقلتُ: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين، أو أقل.... فلمَّا طعنتُ في ستَ عشرة سنة ، كنت قد حفظتُ كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفتُ كلام هؤلاء، ثم خرجتُ مع أمّي وأخي أحمد إلى مكَّة، فلما حججت رجع أخي بها، وتخلَّفتُ في طلب الحديث، فلمَّا طعنتُ في ثماني عشرة سنة جعلتُ أُصنّف قضايا الصَّحابة والتَّابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى وصنَّفتُ كتاب التَّاريخ إذ ذاك عند قبر النَّبي ﷺ في الليالي المقمرة وقلّ اسمٌ في التَّاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أنّي كرهتُ تطويلَ الكتاب"
- - إضافةً إلى حفظ الحديث، فإنَّ الإمام البخاري كان حريصاً على تمييز الأحاديث الصَّحيحة من الضَّعيفة ومعرفة علل الأحاديث وسبر أحوال الرُّواة من عدالة وضبط، ومعرفة تراجمهم وإتقان كلّ ما يتعلّق بعلوم الحديث عموماً.
-
- ورعه:
- - روى الخطيب بإسناده عن الفربري، قال: رأيتُ النَّبي ﷺ في النُّوم ، فقال لي : أين تريد؟ فقلتُ: أريدُ محمَّد بن إسماعيل البُخاري ، فقال: أقرئه منّي السَّلام .
- - كان محمَّد بن إسماعيل يختم في رمضان في النَّهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التَّراويح كل ثلاث ليال بختمة.
- - قال محمَّد بن أبي حاتم : سمعتُ عبد الله بن سعيد بن جعفر يقول: سمعتُ العلماء بالبصرة يقولون: ما في الدنيا مثل محمَّد بن إسماعيل في المعرفة والصَّلاح.
- - اشتُهر عنه كرهُ الغيبة، قال: "ما اغتبتُ أحداً قطّ، منذ علمتُ أنَّ الغيبة تضرُّ أهلها"
- - قال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفَّاف: حدثنا محمَّد بن إسماعيل التَّقي النَّقي العالم الذي لم أرَ مثله .
-
- ذكائه وسعة علمه:
- - قال الإمام البُخاري : كتبتُ عن ألف شيخ وأكثر، عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر، ما عندي حديث إلا أذكر إسناده .
- - قال محمَّد بن أبي حاتم الوراق : سمعتُ حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان : كان أبو عبد الله البخاري يختلفُ معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام، فكنَّا نقولُ له: إنَّك تختلفُ معنا ولا تكتب، فما تصنع؟ فقال لنا يوماً بعد ستة عشر يوم: إنَّكما قد أكثرتما عليَّ وألححتما، فاعرضا عليَّ ما كتبتما، فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر القلب، حتى جعلنا نحكّم كتبنا من حفظه، ثمَّ قال: أترون أني أختلف هدراً، وأضيع أيامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
-
- رحلاته في طلب الحديث:
- - قال الخطيب البغدادي: "رحل في طلب العلم إلى سائر محدثي الأمصار، وكتب بخراسان، والجبال، ومدن العراق كلها، وبالحجاز والشام ومصر."
- - قال الإمام البُخاري: "لقيتُ أكثر من ألف رجل من أهل العلم، أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر لقيتهم كرَّات، قرناً بعد قرن، ثم قرناً بعد قرن أدركتهم وهم متوافرون أكثر من ست وأربعين سنة، أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين، وبالبصرة أربع مرات في سنين ذوي عدد، وبالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد."
- - وأراد الرحلة إلى اليمن ليسمع من عبد الرزاق الصَّنعاني فلم يُقدّر له ذلك.
-
- شيوخه:
- - شيوخه الذين أكثر عنهم في الصحيح، ولهم عنده أكثر من مائة رواية فهم:
- - عبد الله بن يوسف التنيسي، وقد فاقت رواياته عنه الثلاثمائة رواية، علي بن عبد الله المديني فاقت مروياته المائتين، حيث قال البخاري فيه: "ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني"، أبو اليمان الحكم بن نافع ، موسى بن إسماعيل التبوذكي، عبد الله بن محمَّد المسندي، أبو نُعيم الفضل بن دكين ، محمَّد بن بشار المعروف ببندار، قتيبة بن سعيد، سلمان بن حرب، أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، محمَّد بن المثنى.
- - أما المتوسطون : وهم من لهم دون المائة رواية وأكثر من خمسين ، فهم :
- عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عبد الله بن الزبير الحميدي، إبراهيم بن موسى، إبراهيم بن المنذر، محمَّد بن يوسف الفريابي، محمد بن كثير، حفص بن عمر.
- - ومن أهم شيوخه الذين بلغوا رتبة الإمامة في العلم والدين :
- الإمام أحمد بن حنبل وإن لم يرو عنه في الصحيح، وإسحاق بن راهويه روى عنه نحو الثلاثين رواية، وأحمد بن صالح المصري، وأبو نُعيم الفضل بن دكين، وغيرهم.
-
- تلاميذه:
- - روى عنه خلق كثير منهم: أبو عيسى التّرمذي، وأبو حاتم، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وصالح بن محمد جزرة، ومحمَّد بن عبد الله الحضرمي مطين، وإبراهيم بن معقل النسفي، وعبد الله بن ناجية، وأبو بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة، وعمر بن محمَّد بن بجير، وأبو قريش محمَّد بن جمعة، ويحيى بن محمَّد بن صاعد، ومحمَّد بن يوسف الفربري راوي " الصحيح "، ومنصور بن محمد مزبزدة، وأبو بكر بن أبي داود، والحسين والقاسم ابنا المحاملي، وعبد الله بن محمَّد بن الأشقر، ومحمَّد بن سليمان بن فارس، ومحمود بن عنبر النسفي، وأمم لا يحصون، وروى عنه مسلم في غير " صحيحه "
-
- من كتبه ومصنفاته:
- - الجَّامع الصَّحيح
- - الأدب المفرد
- - التَّاريخ الكبير
- - التَّاريخ الأوسط.
- - التَّاريخ الصغير
-
- تاريخ وفاته:
- قال مهيبُ بنُ سًليم: "كان ذلك ليلةَ السبت عيدَ الفكر سنةَ ستَّة وخمسينَ ومائتين".
- قال الحسن: "وكان مدة عمره اثنتين وستين سنة إلَّا ثلاثةَ عشرَ يوماً"
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.
- الرئيسية
-
التصنيفات
-
مثال على الأدب العربي
- مثال على الأدب في العصر الجاهلي
- مثال على الأدب في العصر الأموي وصدر الإسلام
- مثال على الأدب في العصر العصر العباسي
- مثال على الأدب في العصر الأندلسي
- مثال على الأدب في العصور المتتابعة
- مثال على أدب البلدان
- مثال على الأدب في العصر الحديث و المعاصر
- مثال على النقد الأدبي
- مثال على الأدب المسرحي
- مثال على الخطابة
- مثال على الكتابة الأدبية
- مثال على أدب الأطفال
- مثال على الفروقات
- مثال على معاني المفردات و الكلمات
- مثال على منوعات في الأدب العربي
- مثال على القصص و الروايات
- مثال على الشعر العربي
- مثال على قواعد اللغة العربية
- مثال على مؤلفات وكتب
- مثال على التاريخ والحضارة
-
مثال على الإسلام والأديان
- مثال على علوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف
- الأدعية و الأذكار
- مثال على التفسير و التجويد
- الأخلاق و العبادات وتزكية النفس
- مثال على السيرة النبوية
- رمضان و الصوم
- الجنة و النار واليوم الآخر
- مثال على الفرق و المذاهب و الأديان
- مثال على علامات الساعة وعذاب القبر
- مثال على الفتاوى الإسلامية
- شبهات ومعتقدات خاطئة عن الإسلام
- مثال على العقيدة الإسلامية
- أحكام فقهية وشرعية
- معلومات دينية عامة
- معلومات دينية للأطفال
- الحج و العمرة
- مثال على تراجم القرّاء
-
مثال على المأكولات
- مثال على الأطباق الرئيسة
- مثال على أطباق منوعة من حول العالم
- مثال على أطباق سهلة وسريعة
- مثال على أطباق جانبية /مقبلات
- مثال على أطباق بالمكرونة
- مثال على أطباق للرجيم
- مثال على الحلويات
- مثال على السلطات
- مثال على المخبوزات /الفطائر
- مثال على المشروبات والعصائر
- مثال على أطباق بدون فرن
- مثال على الأطباق النباتية
- مثال على أطباق صحية
- مثال على الأطباق الغريبة
- مثال على ساندويتشات
- مثال على الشوربات
- مثال على أسئلة وأجوبة في المطبخ
- مثال على الطب و الصحة و الجمال
- مثال على العلوم
- المزيد...
-
مثال على الأدب العربي
- نبذة عنا
- سياسة الخصوصية
- الدخول إلى الحساب