- تعددت الأساطير حول أسباب نشأة الألعاب الأوليمبية القديمة ، كما لم تتعدد حول نشأة أي حدث من الأحداث ، وتقول إحدى تلك الأساطير أن الألعاب الأوليمبية القديمة نشأت ...برشوة !
-
* نظام الحكم في اغريقيا :
-
قبل سرد التفاصيل ، تجدر الإشارة إلى نظام الحكم في « إغريقيا » القديمة ، فقد كانت اليونان القديمة تتكون من « دويلات » ، أسموا كل واحدة منها : - « المدينة الدولة » أو « الدولة المدينة » ، فقد كان الإغريق يعشقون الحرية والإستقلال عشقاً مبرحآ ، ويكرهون الوحدة كرهآ ساخطآ ..
- وقد كانت كل مدينة تحكم المنطقة من حولها بما تضمه تلك الفرقة من مدن وقرى أصغر ، وبسبب تلك الفرقة طمعت القوى الأجنبية في بلاد الإغريق ، وجاء الفرس من آخر الدنيا لغزوها ...
- ولکن فيليب ملك مقدونيا ( والد الإسكندر الأكبر ) ، نجح في توحيد دويلات الإغريق في عام 338 ق م .
-
* قصة الرشوة :
-
نعود إلى الاسطورة ( هیبوداميا ) الدامية ! - حيث كانت هيبوداميا ابنة أنوموس ملك دويلة بيزا ،
- في القرن التاسع قبل الميلاد ، وتقع في جنوب غرب اليونان ، وأعلن آنوموس أنه سيزوج ابنته الساحرة الجمال لا لصاحب سلطان أو مال ، بل لمن يقدر على اختطافها في عربته ذات الجياد ، ثم يطارد الملك بعربته سارق ابنته ، وإن لحق به الملك ليسترد ابنته قتله الملك برمحه ، ولحق أنوموس بثلاثة عشر خطيباً من خطاب هیبوداميا وقتلهم ، إذ كانت مركبته أمتن عربة في اغريقيا ، وجياده أسرع الخيول ، ورمحه أمضى الرماح ، وكان أنوموس « ملك دقة التصويب والتسديد » ...
- ثم جاء الخطيب الرابع عشر وكان اسمه ( بیلوبس ) وكان شاب مليح قوي ذكي ، بل شديد الذكاء ، وأدرك بیلوبس أن مصيره رمح حاد ، تلقيه ذراع أنوموس المدربة ، يستقر في ظهره وينفذ لقلبه .
-
* الخرب خدعة :
-
الحرب خدعة ! - وكذلك الخطبة على عهد الإغريق القدامى ..
- وقدم بیلوبس کیس من الذهب إلى میرتیلوس سائس عربة أنوموس ، مقابل العبث بصواميل عجلات العربة الملكية ، وبدأت المطاردة الدامية ، بیلوبس وهيبوداميا في المركبة الأولى ، وتلاحقها عربة الملك ، وضاقت المسافة بين العربتين ، واستقل أونومس رمحه ليرمي به الساذج الرابع عشر ، وقبل أن يطير الرمح الحاد في الهواء ، طارت عجلات عربة الملك ، وانفصلت عن المركبة بفضل عبث میرتیلوس بصواميلها ، فانقلبت العربة ومات الملك ، ومات میرتیلوس ...
- فبعد أن تزوج بیلوبس من أميرة أحلامه هیبوداميا ، اتصلت الأحداث المأساوية ، فقد أمر بیلوبس بإلقاء میرتیلوس من فوق قمة جبل عال !
-
* أول ألعاب أولمبية :
-
ومن أجل إرضاء الآلهة وتكريمها ، أقام بيلوبس في أوليمبيا أول ألعاب أوليمبية في مهرجان فخم ضخم أقامه مرة كل ثماني سنوات .. - ثم حفضوا الفترة الفاصلة أي « الدورة » إلى أربع سنوات ، وتحولت أوليمبيا إلى عاصمة دينية بل وفنية وأدبية وثقافية ، فمع مرور الأيام و الأعوام ، أصبحت أوليمبيا مثل سوق « عكاظ » ، يحج إليها عشاق الرياضة والفن والأدب والفلسفة والشعر والخطابة ، مرة كل أربعة أعوام .. لإرضاء الآلهة ..
-
* لكن اسطورة أخرى تقول :
-
إن أخيلليس هو بدأ الألعاب الأوليمبية في عام 1250 ق.م تكريماً لصديقه الحبيب باتروكلوس الذي قتله هیکتور تحت أسوار طروادة ، قبل انتهاء حرب طروادة بأشهر خدعة حربية في التاريخ .. - خدعة « حصان طروادة » ، وكانوا يواظبون على تنظيم ذلك المهرجان الديني الرياضي ، على أمل عودة باتروکلوس العزيز من « دار الفناء » ..
-
* اسطورة هرقل :
-
هرقل هو منشىء الألعاب الأوليمبية القديمة ، وأنه الذي حدد طول « الأستاديون » الذي اشتقت منه كلمة « ستاد » أي « ملعب » ، وكان الأستادیون سباق جري يشكل المسابقة الوحيدة في الألعاب الثلاث عشرة الأولى ، قبل تصعيد البرنامج الرياضي ليضم ألعابآ أخرى كثيرة ، مثل : - ( الملاكمة والمصارعة و « اليانكر يشن » ، وهي مزيج من المصارعة والملاكمة والجودو ، وسباق الخيل ، وسباق العربات التي تجرها الجياد ، ومباريات الناشئين في الجري والملاكمة والمصارعة ) ..
- فقد كانت الألعاب الأولى لا تضم سوى « الأستادیون » وهو سباق جرى طوله 192 متراً و 27 سنتيمترآ !!
- فقد أخذ هرقل - ابن زيوس - والكمين وهي أنثى من البشر كما تقول الأساطير ، نفسآ عميقاً وكتم أنفاسه ، وسار مسافة حتى أخذ نفسآ جديداً ، وقاسوا المسافة التي مشاها وهو يكتم أنفاسه ، وقرروا أنها مسافة تشكل طول « الأستادیون » ..
-
* أسطورة أخرى :
-
منشيء الألعاب هو أثليوس ملك دويلة « ایلیس » ، والذي اشتقت من اسمه كلمة « اثيليت » أي « الرياضي » . - فقد وعد اثليوس أبناءه بمنح تاجه لمن يفوز منهم بسباق « الأستادیون » ..
-
* وتقول أسطورة أخرى :
-
أن نزاع قام بين ريوس وأبيه کرونوس « الذي عرف باسم آكل الاطفال » على عرش على الأوليمبياد ، وقررا حسم الموقف بينهما بمباراة مصارعة ، وقهر الابن أباه .. وأصبح زیوس رب الأرباب ، فبدأ إقامة الألعاب الأوليمبية تكريماً لفوزه على أبيه ... -
* اكتشافات المؤرخ سترابون :
-
ثم جاء سترابون ، وسترابون هو المؤرخ والجغرافي والرحالة الاغريقي الشهم ( 63 ق.م ) ، الذي درس في الأسكندرية ، وسافر في النيل حتی منابعه ، وقام ذلك المثقف المستنير بدراسة كل تلك الأساطير وغربلتها .. وانتهى إلى رأي يقول : - إن منشىء الألعاب هو اوكزیلوس زعيم القبائل « الأيتولية - الدورية » التي احتلت منطقة ايليس ، حيث توجد قرية أوليمبيا ، وبسطت نفوذها على سهل أوليمبيا « والحرم المقدس » ، حيث يوجد معبد زيوس ، وحيث أقيمت إحدى عجائب الدنيا وهو تمثال زيوس المغطى بالذهب الخالص ، وعلى قاعدة تلك الأعجوبة كتبوا :
- « صنعني فيدياس بن شار میدیس » ، وفيدياس الايثني هو أعظم فنان ورسام ونحات ، ظهر في التاريخ الاغريقي كله .
- وعلى بعد خطوات من أعجوبة فيدياس ، كانت الألعاب الأوليمبية القديمة تقام حيث يوجد الأستاد ومضمار سباق الخيل ، وسباق العربات التي تجرها الجياد .. وحمامات البخار وجرار الزيت لتدليك اللاعبين ، وحمام السباحة ، وثلاثة « جمنازات » للتدريب العنيف المنظم المقدس ، فقد كانوا يشطبون اللاعب الذي يحضر للتدريب في أوليمبيا تحت إشراف مدربين صارمین .. قبل ثلاثين يوماً من بدء الألعاب ....
-
* لباس اللاعبين :
-
كان اللاعبون يتدربون عراة ، ويحضرون شهادات تؤكد أنهم تدربوا عشرة شهور في بلادهم قبل حضورهم إلى أوليمبيا ، كما كانوا يشتركون في الألعاب الأوليمبية عراة تماماً ، فهكذا كانت تقاليد اغريقيا الوثنية ، وهي التقاليد التي حرمت على النساء حضور في الألعاب الأوليمبية ، وقتل أية حواء تضبط وهي تتلصص لمشاهدة الألعاب .. - ولم تنج من الموت سوی فيرينيس ، لأن أباها وزوجها وإخوتها وابنها ، كانوا أبطالاً أوليمبيين ، فقد كانت مكانة البطل الأوليمبي في ذلك العهد الغابر سامية رفيعة .
-
* سقوط إغريقيا :
-
كان الإشتراك في الألعاب الأوليمبية مقصوراً على الإغريق الخلص ، ولما قامت الإمبراطورية اليونانية القديمة ، سمحوا « للأجانب » بالإشتراك فيها دعمآ لسياسة « أغرقة » ولايات الإمبراطورية ... - والأيام دول ، فقد قامت الإمبراطورية الرومانية في 146 ق.م ، وسقطت إغريقيا ومعظم ولاياتها في يد الرومان ، الذين كانوا يغارون من حضارة اليونانيين وتقدمهم الفكري والفني والأدبي والرياضي ، ولكنهم أبقوا على الألعاب الأوليمبية ، لأن الرومان كانوا وثنيين أسوة بالإغريق .
-
* خاتمة :
-
وقد استمرت الألعاب الأوليمبية القديمة 1169 عام ، ثم أصدر الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الثاني في عام 393 ميلادية فرمان دیکتاتوري بإلغائها ، وكان السبب أنها مهرجانات وثنية لا يليق إقامتها في دولة مسيحية ، وكان ذلك بعد أن أصبحت المسيحية دين الرومان الرسمي ، وعلى مدى كل تلك السنين نظموا الألعاب الأولمبية القديمة 293 مرة . - وقضت غزوات القبائل البربرية والزلازل والفيضانات على « أجمل مكان في أرض هيلاس » ، وبعد طول رقاد کشف الأثريون الألمان عن بقايا « أوليمبيا » في حوالي منتصف القرن التاسع عشر ، وبعد طول كفاح نجح البارون الفرنسي بيير کوبیرتان في بعث الألعاب الأوليمبية ، ونظم أول ألعاب أوليمبية حديثة في أثينا عام 1896 م..
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.