- في عصور سابقة ..
- لم تكن هناك مشكلة عندما كان السلطان موظفاً لصالح القرآن بوعي و بصيرة ..
- ولكن التحول حدث عندما انقلبت الآية ، وأصبح القرآن موظفاً لصالح السلطان !
-
* بداية التحول :
-
أستاذنا مالك بن نبي يعتبر معركة ( صفين ) في العام الثامن والثلاثين بعد الهجرة ، بداية هذه المرحلة ، التي أدت إلى انفصال القرآن عن السلطان ، أو انفصال الضمير عن العلم على حد قوله ، منذ ذلك الحين ، حدث الإنقلاب الأول في التاريخ الإسلامي ، وقد كان هذا الإنقلاب أعمق وأخطر مما نتصور ، لأن حدود التغيير الذي أحدثه أمتدت إلى رقعة أوسع بكثير مما رصده المؤرخون . -
* تبعات الإنقلاب :
-
ذلك الإنقلاب السياسي ، أفرز انقلاباً فكرياً على نفس المستوی ، فانفصال القرآن عن السلطان ، أقام بمضي الوقت حاجزاً ما بين العقيدة والشريعة ، وانتصار السلطان على القرآن ، أدی تلقائياً إلى تزايد الإهتمام بفقه العبادات ، وتعطيل نمو فقه المعاملات .. -
* نتائج غياب تطبيق الشريعة :
-
تلك نتيجة منطقية ، إذ أن غيبة التطبيق الأمين للشريعة ، لا بد أن ترتب إحدی نتیجتين : - 1_ أما أن يتأخر نمو رصيدها الفكري ..
- 2_ أو أن ينمو هذا الرصيد نمواً غير طبيعي ، في غير الإتجاه الصحيح ..
- وفي ظل منطق الإنصراف إلى تثبيت السلطان كان طبيعياً أن تظهر على سطح الحياة الفكرية الإسلامية تيارات تتحرك - ربما عن غير قصد ، نحو الإنصراف عن تثبيت القرآن .
-
* نمو مدارس التفسير :
-
من هنا نمت مدارس تفسير النصوص و حفظ المتون ، التي لا ترى جوهر الإسلام وحقائقه الأساسية ، ولكنها تقف جامدة أمام الكلمات والحروف ، عاجزة عن النفاذ إلى ما هو أبعد من ذلك ، صار الإسلام نصاً وليس فكرة ورسالة ، وغلبت مباحث اللغة على مقاصد الشريعة .. -
* كتابة محيي الدين بن عربي :
-
حتی کتب محيي الدين بن عربي - مثلاً - رسالة عنوانها ( کتاب الميم والواو والنون ) باعتبارها أسمى الحروف وجوداً ، وأعظمها شهودآ ! - وكان طبيعياً في هذا المناخ ، أن ينصرف كثير من علماء المسلمين إلى الإشتغال بفلسفة الكلام ، وعلم التوحيد ، وفقه العبادات ، وفقه اللغة ، أو أي شيء آخر لا علاقة مباشرة له بحياة الناس أو واقعهم ، وكان طبيعياً أن يدور محور القضايا المنارة ، والمعارك الفكرة الكبرى ، حول القرآن ، وهل هو أزلي أم حادث ، وحول التناسخ والحلول ووحدة الوجود ، وحول صفات الله وهل هي حقيقية أم مجازية ..
- ثم الإنسان وهل هو مخير أم مسير ( الجبروالإختيار ) ، والقرآن ظاهره و باطنه ، وكان طبيعياً أن تنمو التيارات الداعية إلى الدروشة والتصوف ، والزهد والإعتزال ، وكان طبيعياً أن تجد الخوارق والمعجزات و کرامات الأولياء مكاناً في الفكر الإسلامي ..
-
* أزمنة صعبة :
-
جاءت أزمنة لم يعد يحتج فيها الفقهاء لا بقول الله ولا برسوله ، ولكن ما ردده السلف من أصحاب المذهب ، وسجلت كتب التراث أن واحداً من شيوخ الحنفية المتأخرين - أبو الحسن الكرخي - قال في هذا الصدد : - " كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ "
- وإذا كان المسار الرئيسي للفقه والفقهاء ، لم يمنع من ظهور نماذج فذة في تاريخ الفكر الإسلامي ..
-
* صدمة الإحتكاك بالعالم الغربي :
-
إلى الآن لازلنا نستضيء بشعار علمهم ، إلا أنهم ظلوا بمثابة ومضات عابرة ، تركت بصماتها على المسيرة بغير شك ، لكنهم - أيضاً - لم يتمكنوا من تغيير مسارها ، أو يحدثوا تحولات ذات قيمة فيها ، لقد كانت هذه الخلفية هي التي هيأت مجتمع المسلمين لتلقي شعور الصدمة عند أول احتكاك بالعالم الغربي ، فيما بعد عصر النهضة ، وهي ذاتها التي أسهمت في النمو غير الصحي للتفكير الإسلامي حتى اللحظة الراهنة ، ونعني التفكير الذي يقوم أساساً على التفرقة بين الدين والدنيا ، وإقامة علاقة شك وارتياب بين المسلم ودنياه ، فنحن أمام تراث فکري وبناء نفسي « أخروي » بالدرجة الأولى ، غرست فيه منذ انفصال القرآن عن السلطان بذرة إلغاء الدنيا من اهتمامات وتوجهات المسلم - وتحقيرها أحياناً - بحجة التطلع إلى الآخرة والإعراض عن مصادر الشر والغواية .. - * النتيجة كانت كمايلي :
- وكانت نتيجة هذا الغرس أننا عرفنا نموذج المسلم
- « العابد » ، بالمعنى التقليدي للعبادة ، لكننا افتقدنا في الوقت ذاته صورة المسلم « العامل » أو الفاعل ، لقد أصبحت طريق المسلم إلى الآخرة سالكة أحسن الأحوال ، لكن طريقه إلى الدنيا ظلت بحاجة إلى مغامرة الاقتحام والاكتشاف .
- * ختاماً نقول :
- إزاء هذه الحقيقة ، فقد ظل نصيب المسلم من الدنيا ، الذي نبهه إليه القرآن الكريم ، مهدوراً ومهضوماً ، إذا ما أراد أن يحصل عليه من باب الإسلام وتحت مظلته ، وبات من الضروري أن تقام من جدید علاقة صحية بين المسلم ودنياه ، لا تحل اللغز بالضرورة ، ولكنها على الأقل تضع إطاراً معقولاً ، وتعطي الإحتمالات لحله و کیف نزيل ذلك « الحاجز النفسي » - بتعبير المرحلة - بین المسلم ودنياه ؟ .. تلك قضية أخرى !
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.
- الرئيسية
-
التصنيفات
-
مثال على الأدب العربي
- مثال على الأدب في العصر الجاهلي
- مثال على الأدب في العصر الأموي وصدر الإسلام
- مثال على الأدب في العصر العصر العباسي
- مثال على الأدب في العصر الأندلسي
- مثال على الأدب في العصور المتتابعة
- مثال على أدب البلدان
- مثال على الأدب في العصر الحديث و المعاصر
- مثال على النقد الأدبي
- مثال على الأدب المسرحي
- مثال على الخطابة
- مثال على الكتابة الأدبية
- مثال على أدب الأطفال
- مثال على الفروقات
- مثال على معاني المفردات و الكلمات
- مثال على منوعات في الأدب العربي
- مثال على القصص و الروايات
- مثال على الشعر العربي
- مثال على قواعد اللغة العربية
- مثال على مؤلفات وكتب
- مثال على التاريخ والحضارة
-
مثال على الإسلام والأديان
- مثال على علوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف
- الأدعية و الأذكار
- مثال على التفسير و التجويد
- الأخلاق و العبادات وتزكية النفس
- مثال على السيرة النبوية
- رمضان و الصوم
- الجنة و النار واليوم الآخر
- مثال على الفرق و المذاهب و الأديان
- مثال على علامات الساعة وعذاب القبر
- مثال على الفتاوى الإسلامية
- شبهات ومعتقدات خاطئة عن الإسلام
- مثال على العقيدة الإسلامية
- أحكام فقهية وشرعية
- معلومات دينية عامة
- معلومات دينية للأطفال
- الحج و العمرة
- مثال على تراجم القرّاء
-
مثال على المأكولات
- مثال على الأطباق الرئيسة
- مثال على أطباق منوعة من حول العالم
- مثال على أطباق سهلة وسريعة
- مثال على أطباق جانبية /مقبلات
- مثال على أطباق بالمكرونة
- مثال على أطباق للرجيم
- مثال على الحلويات
- مثال على السلطات
- مثال على المخبوزات /الفطائر
- مثال على المشروبات والعصائر
- مثال على أطباق بدون فرن
- مثال على الأطباق النباتية
- مثال على أطباق صحية
- مثال على الأطباق الغريبة
- مثال على ساندويتشات
- مثال على الشوربات
- مثال على أسئلة وأجوبة في المطبخ
- مثال على الطب و الصحة و الجمال
- مثال على العلوم
- المزيد...
-
مثال على الأدب العربي
- نبذة عنا
- سياسة الخصوصية
- الدخول إلى الحساب