جامعة القرويين منارة العلم الساطعة في إفريقيا

جامعة القرويين منارة العلم الساطعة في إفريقيا

  • مقدمة :


  • جامعة القرويين ، إحدى قلاع الحضارة العربية في المغرب كله ، ورمز معركة ما زالت قائمة من أجل تأكيد الهوية .. 
  • ففي مراحل طويلة من التاريخ تبادل الأدوار خلالها العرب والغرب ، المغرب وأسبانيا عبر مضيق جبل طارق ، وانتقلت من التأثير على التأثر ! 
  • ومع كل هذه المراحل اتصل دور جامعة القرويين ما يزيد عن ألف عام ، جامع وجامعة ، رسالة وحضارة ، بل وأكد بعض المستشرقين أن دورها أسبق حتى من جامعات أوكسفورد والسوربون ..
  • * موقعها :


  • اقتربت من مركز فاس ، الذي يقود جامع القرويين كل أزقتها ، ليس لجامع القرويين بقبته المرتبة الخضراء منظر خارجي وشكله لا بما في داخله من جمال ، فهو يتعشق مع مباني فاس التاريخية ، وتطل على المشهد المهيب من وسط صحنه الداخلي ، والذي تصله عبر أزقة متعرجة وأحياناً تمشي بين جدران لا نوافذ لها ، حتى تصل إلى فناء تنتشر فيه أشجار الليمون والبرتقال .. 
  • تقف أمام قطعة من التاريخ ، أخذ كل من الحكام يضيف إلى بنائه قطعة فنية ، والمحكومون يستمدون منه المعرفة وكل ما ينعش الوجدان ..
  • * أعلام جامع القرويين :


  • وهنا ظهر رواد كانوا طلابآ ثم أساتذة ، وهم من علامات الفكر العربي مثل ابن خلدون ، وابن باجة ، عندما شهد الجامع أوج شهرته في عهد الموحدین بین القرنين الرابع عشر والسادس عشر الميلادي .
  • * التاريخ الاسلامي للجامع :


  • هنا لاذ الدين والعروبة بالجامع في أحلك أيام الغزو الإستعماري ، واستمر الجامع يؤدي دوره کأحد علامات الحضارة الإسلامية ، وبقي كتاباً حافلاً بالأحداث.. 
  • وعلى جدرانه تقرأ صفحات من تاريخ الفن الإسلامي . يقول التاريخ : ( كان في البداية جامعاً صغيراً يطلق عليه جامع الشرفاء ، أقامه ادريس الثاني في : ( عدوة القرويين ) ، أقيم في ذات الوقت الذي أقيم فيه جامع الأشياخ في ( عدوة الأندلس ) ، منذ أحد عشر قرناً ، وظل جامع الشرفاء وجامع الأشياخ على حالها حتى عام 254 هجري ..
  • تتسع العمارة في الدولتين ، ويتوفی رجل في فاس من عرب القيروان يدعى محمد بن عبد الله ، ويترك لابنتيه فاطمة ومريم ثروة كبيرة ، وتهتم فاطمة بجامع الشرفاء وتنفق ما تركه أبوها من مال في تجديد بنائه وتوسعته ، وتضاعف حجمه وتعيد بناء مجنباته ، وتنشيء للجامع محراباً ومنبراً جدیدین ، وتبني المنارة أو الصومعة كما يطلق عليها في المغرب والتي ما زالت قائمة على نفس التخطيط منذ ذلك الوقت ، وهي اليوم تظهر فيه معالم التقشف ..
  • وقد أعيد بناؤها على نفس الطراز عندما وسع الجامع للمرة الثانية عام 344 هجري .
  • * وصف الجامع :


  • إن أول ما نلحظه ، تحف بالصحن المكشوف ، زخارف أندلسية ، ومنحنيات دقيقة ، واستخدام للخط العربي ، يعتبر متحفاً حياً للفن العربي ، نلمح معها التقوى على الوجوه ..
  • أعمدة المسجد وأروقته تمتد على طول البصر ، وفي الصحن المغطى يقوم ثلاثمائة وخمسة وستون عموداً ، بعدد أيام العام ، ويوجد عدد وافر الأشكال المختلفة للأقواس ، أقواس ذات عقد واحد وأخرى متضاعفة العقود ..
  • يقف عشاق الفن الإسلامي يتأملون منمناته الدقيقة وكل تفاصيل عمارته . 
  • عند القبة الرابعة أقدم لوحة في الجامع ، والتي يعود تاريخها لمنتصف القرن الثالث الهجري ، سجل عليها أن فاطمة الفهرية تطوعت ببناء الجامع ، وأن الأساس حفر في أول رمضان سنة 245 هجري ..
  • وعند لوحة بين أفاريز القبة المربعة نقرأ الوثيقة التالية : " ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أمر بعمله عن أمر الملك العادل الآمر بالخير والفضل أمير المسلمين وناصر الدين علي بن يوسف بن تاشفين بحمد الله وعونه وتوفيقه في شهر رمضان المعظم من سنة إحدى وثلاثين خمسمائة "
  • وفي مكان آخر عند ( العنزة ) الوسطى كتب : " صنعت هذه العنزة في شهر شعبان المكرم سنة أربع وعشرين وخمسمائة " ، وقد كانت عنزة المرابطين .
  • وصنع للجامع محراب و منبر جديدان ، وأعيد بناء أبواب الجامع ، وهذه الأبواب من أجمل ما أقامه المسلمون ، فقد كسيت الأبواب الخشبية بالنحاس ، وأقيم على كل باب قبة صغيرة ، ونجد معظم الأبواب الثمانية عشر ذات حلقات معدنية كبيرة ، وعلى الأبواب الخشبية صفوف من المسامير ذوات رؤوس ..
  • وترى في صحن الجامع الثريات الكبيرة التي تتوزع في جميع أنحاء المسجد ، وفي وسطه ثريا ضخمة من صنع حرفيي فاس ، وإلى جانبها ثریا أصغر ، وكانت في الأصل ناقوساً ، حمل من إحدى المعارك التي جرت في الأندلس ، وکسی الجرس بثلاث حاملات للقناديل ، ونقش عليه : ( وصلی على سيدنا محمد .. الملك لله والعزة لله .. ) ، ويضم المسجد عدداً آخر من الأجراس التي تحولت إلى ثريات والتي اقتلعها الجنود من أعالي الكنائس القتشتالية ، ويحمل أحد هذه النواقيس عبارة مكتوبة باللغة الإسبانية تقول : ( على الروح الطيبة أن تشكر الله الذي أنقذها من الضلال ) ، ومؤخراً تحولت الإضاءة من الزيت إلى الكهرباء .. 
  • * القرويين جامع وجامعة في آن معآ :


  •  بين جدران الجامع انتعشت المعرفية وتطورت العلوم ، وتشهد على ذلك تلك الغرفة القائمة في الجامع ، والتي كان الموسرون يضعون بها نفائسهم والتي ما زالت تحتوي حتى اليوم على كافة أدوات ( المرصد ) ، وبها أقدم الساعات المائية في العالم وهي الوحيدة المتبقية ، وبها ساعتان شمسيتان ، ساعة ( ابن الحبال ) ، وساعة ( القسطوني ) ،وساعات رملية والإسطرلابات ، وبها كل ما يكشف الظواهر الجوية ويساعد على تحديد مواقيت الصلاة ورصد النجوم ..
  • * أسباب تغيير الجامع لجامعة :


  • وجاء هذا التغيير بعد أن أدرك المجددون أن المشروع الإستعماري يهدف إلى أن يتوقف دور الإسلام ، وبعد أن وصلت صيحات التجديد التي أطلقها كل من جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده إلى علماء فاس ، وبعد أن قام الشيخ عبد الله السنوسي بالمناداة بالإصلاحات وفتح باب الإجتهاد . 
  • کما عاد الشيخ أبو شعيب الدوكالي من الأزهر وهو ينادي بتحرير الفكر من قيود التقليد ودعا إلى : 
  • ( أخذ العقائد من القرآن الكريم ، والاستدلال بالطريقة السهلة التي سلكها الإسلام ، وأن ما وقع فيه الخلاف في صدر الإسلام غير ملزم ، كما دعا إلى تربية وتعليم البنات والبنين ، وإصلاح کتب العلم وطريقة التعليم ، وشهد القرويين ذات التطور الذي شهدته الجامعة الأزهرية ) ..
  • * التصدي للإستعمار الفرنسي :


  •  ولم تكن القرويين بعيدة يوماً عن التصدي للإستعمار الفرنسي ، فقد قامت فاس بثورتها الدامية في أعقاب التوقيع على معاهدة الحماية ، وأطلق عليها الجنرال الفرنسي ( المدينة المحرمة ) ! 
  • ونعت الماريشال ليوتي جامعة القرويين بأنها : ( البيت المظلم ) ، وورد في تقرير عميد السلك الدبلوماسي في فاس أن عدد علماء القرويين كان عند اقتحام الجيش الفرنسي للمدينة مائتي عالم ، وأنهم كانوا وراء حركة التمرد على الجيش ، وواجه بعضهم الموت في ساحات المعارك ، وألفى البعض منهم في غياهب السجون . وبعد المواجهة أخذ الصراع شكلاً جديداً عبرت عنه العبارة القائلة : (لا ينبغي أن يمس المريض الذي يعاني سكرات الموت ، بل يترك ليموت في هدوء ) . 
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.