- " أحد .. أحد " شعار جميل ومقدس ، اتخذه رجل من مكة .. رجل لاقى أشد تعذيب وأسوأ معاملة ، لقوله أشهد أن لا إله إلا الله ..
- هذا الرجل الشديد السمرة ، النحيل ، الطويل ، كث الشعر ، قليل العارضين ..
- لم يكد يسمع كلمات المدح والثناء توجه إليه، إلا ويحني رأسه ، والعبرات في عينيه ، ويقول : ( إنما أنا حبشي ، كنت بالأمس عبدآ ) ..
- الرجل الذي كان بالأمس عبدآ .. إنه بطل مقالنا اليوم ، إنه بلال ابن رباح .. مؤذن الإسلام .
-
إسلامه :
-
عاش حياة الرقيق ، تمضي أيامه متشابهة ، قاحلة ، لا حق له في يومه ، ولا أمل له في غده .. - كان قد سمع أمية مولاه ، وهو يتحدث مع أصدقائه وأفراد قبيلته عن الرسول ، حديثاً يطفح غيظآ وشرآ ..
- وكان يستمع إليهم وهم يعترفون بشرف محمد وصدقه وأمانته ، ويقول بعضهم لبعض : ما كان محمد يوماً كاتبآ ولا ساحراً ولا مجنوناً ، وعلينا اليوم أن نصد عنه الذين يسارعون إلى دينه ..
- وسمعهم يتهامسون بالأسباب التي تحملهم على تحديه وعداوته ، وذات يوم يبصر بلال بن رباح نور الله ، ويسمع في أعماق روحه الخيرة رنينه، فيذهب إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ..
-
أذيته وصبره لإعلاء دين محمد :
-
ولم يلبث خبر إسلامه أن يذيع ، حتى تجثم شياطين الأرض فوق صدر أمية بن خلف ، فعبدهم الحبشي يسلم ، ويتبع محمد !! - فأنزل في بلال أقسى ألوان العذاب والتنكيل ، ولكنه صمد صمود الأبرار العظام .
- فقد وضع عريانآ فوق الجمر ، و كانوا يخرجون في الظهيرة التي تتحول فيها الصحراء إلى جهنم قاتلة ، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم ، ويلقونه فوق جسده وصدره ، ويتكرر هذا العذاب الوحشي كل يوم وهو يقول : أحد ... أحد .
- إن مشهد تعذيبه قد رقت له بعض قلوب جلاديه ، فأمروه أن يذكر آلهتهم بخير ، ولو بكلمة واحدة ،ولكنه أصر ويقول : أحد .. أحد .
- ويصيح به جلادوه ويتوسلون إليه قائلين : اذكر اللاة والعزة فيجيبهم أحد .. أحد .
- ويأخذونه إلى الرمضاء ، وهو صابر محتسب صامد و ثابت ، ويذهب أبو بكر ويراهم وهم يعذبونه ، فيصيح بهم : أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ؟
- ثم يصيح في أمية بن خلف ويقول : خذ أكثر من ثمنه واتركه حرآ .
- ولكأنما جعله الله للناس مثالآ على أن سواد البشرة ، وعبوديه الرقبة ، لا ينالان من عظمة الروح ، إذا وجدت إيمانها .
- لقد أعطى بلال درساً بليغاً ، للذين في زمانه ، أن حرية الضمير وسيادته ، لا يباع بملئ الأرض ذهباً .
-
تعيينه كأول مؤذن في الإسلام :
-
بعد هجرة الرسول والمسلمين إلى المدينة، واستقرارهم بها شرع الرسول للصلاه أذانها . - فمن يكون المؤذن للصلاة خمس مرات في اليوم ؟؟ فاختار بلال الذي صاح منذ ثلاثة عشرة سنة ، والعذاب يهده و يشويه ، أن الله أحد .. أحد ، فقد وقع اختيار الرسول عليه اليوم ليكون أول مؤذن في الإسلام .
-
مقتل أمية بن خلف على يديه في المعركة :
-
نشبت معركة بين المسلمين والمشركين ، ودارت حرب قاسية ، وفي هذه الغزة قد ألقت قريش بأفلاذ أكبادها ، وخرج أشرافها لقتالهم . - حتى أمية بن خلف شارك بالحرب ضد المسلمين ، ولا يعلم ماينتظره ، فاليوم هو تصفية الحساب ، فالديان لايموت وكما تدين تدان .
- وصاح بلال في المعركة أحد ..أحد ، فلم يصل الكلام إلى مسمع أمية حتى انخلع قلبه ، وقصفت قامته ، ولمح بلال في طريقه أمية فصاح : رأس الكفر ، أمية بن خلف ، لا نجوت إن نجا ..
- وصاح أخرى : يا أنصار الله رأس أمية بن خلف ، لانجوت إن نجا ..
- وأقبل المسلمون وأحاطوا بأمية ، وقتلوه ، ونظر بلال إلى جثمانه وهو يقول : أحد.. أحد .
-
حبه للجهاد :
-
ذهب يوماً إلى خليفة رسول الله ، وقال : يا خليفة رسول الله : إني سمعت رسول الله عليه السلام يقول : ( أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله ) .. - فقال له : أبا بكر فما تشاء يا بلال ؟
- قال : أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت .
- قال أبو بكر : ومن يؤذن لنا ؟
- قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع : إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله .
- فقال أبا بكر : بل ابق وأذن لنا يا بلال .
- قال بلال : إن كنت أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد ، وإن كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له .
- فقال أبا بكر : بل أعتقتك لله يا بلال .
- واختلفت الروايات فبعضهم يقول : أنه سافر إلى الشام حيث بقي بها مجاهداً أو مرابطآ ..
- وبعضهم الآخر يقول : أنه قبل أن يكون مع أبي بكر في المدينة ..
- فلما قبض أبا بكر ولي الخلافة عمر ، واستأذنه وخرج إلى الشام ..
- على كل حال فإنه نذر نفسه و بقية حياته وعمره للمرابطة في ثغور الإسلام ، مصممآ أن يلق الله ورسوله على خير عمل يحبانه .
-
وفاته :
-
كان آخر آذان له أيام زار الشام أمير المؤمنين عمر ، و توسل المسلمون إليه أن يحمل بلال على أن يؤذن لهم ، صلاة واحدة، فدعاه أمير المؤمنين ، وقد حان وقت الصلاة ، ورجاه أن يؤذن لها ، فصعد بلال وأذن فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله ، و بلال يؤذن وبكوا كما لم يبكوا من قبل أبداً ، وكان عمر أشدهم بكاء ... - وبعدها مات بلال في الشام مرابطاً في سبيل الله ، كما أراد ، وتحت ثرى دمشق ووري جثمان رجل من أعظم رجال البشر صلابة في الموقف ، وصلابة في العقيدة ، رحم الله بلال بن رباح .
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.
- الرئيسية
-
التصنيفات
-
مثال على الأدب العربي
- مثال على الأدب في العصر الجاهلي
- مثال على الأدب في العصر الأموي وصدر الإسلام
- مثال على الأدب في العصر العصر العباسي
- مثال على الأدب في العصر الأندلسي
- مثال على الأدب في العصور المتتابعة
- مثال على أدب البلدان
- مثال على الأدب في العصر الحديث و المعاصر
- مثال على النقد الأدبي
- مثال على الأدب المسرحي
- مثال على الخطابة
- مثال على الكتابة الأدبية
- مثال على أدب الأطفال
- مثال على الفروقات
- مثال على معاني المفردات و الكلمات
- مثال على منوعات في الأدب العربي
- مثال على القصص و الروايات
- مثال على الشعر العربي
- مثال على قواعد اللغة العربية
- مثال على مؤلفات وكتب
- مثال على التاريخ والحضارة
-
مثال على الإسلام والأديان
- مثال على علوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف
- الأدعية و الأذكار
- مثال على التفسير و التجويد
- الأخلاق و العبادات وتزكية النفس
- مثال على السيرة النبوية
- رمضان و الصوم
- الجنة و النار واليوم الآخر
- مثال على الفرق و المذاهب و الأديان
- مثال على علامات الساعة وعذاب القبر
- مثال على الفتاوى الإسلامية
- شبهات ومعتقدات خاطئة عن الإسلام
- مثال على العقيدة الإسلامية
- أحكام فقهية وشرعية
- معلومات دينية عامة
- معلومات دينية للأطفال
- الحج و العمرة
- مثال على تراجم القرّاء
-
مثال على المأكولات
- مثال على الأطباق الرئيسة
- مثال على أطباق منوعة من حول العالم
- مثال على أطباق سهلة وسريعة
- مثال على أطباق جانبية /مقبلات
- مثال على أطباق بالمكرونة
- مثال على أطباق للرجيم
- مثال على الحلويات
- مثال على السلطات
- مثال على المخبوزات /الفطائر
- مثال على المشروبات والعصائر
- مثال على أطباق بدون فرن
- مثال على الأطباق النباتية
- مثال على أطباق صحية
- مثال على الأطباق الغريبة
- مثال على ساندويتشات
- مثال على الشوربات
- مثال على أسئلة وأجوبة في المطبخ
- مثال على الطب و الصحة و الجمال
- مثال على العلوم
- المزيد...
-
مثال على الأدب العربي
- نبذة عنا
- سياسة الخصوصية
- الدخول إلى الحساب