---

• لا يخفى على أحد حجم الاهتمام والتركيز الكبير الذي يوليه المسلمون لشهر رمضان، إذ يعد من أهم الشهور في السنة الهجرية والذي تتجدد فيه روح وعزائم المسلمين. فالصيام في شهر رمضان من أبرز الممارسات الدينية التي تقوم بها المسلمة، إلا أن هذا الموضوع قد يثير بعض التساؤلات على مختلف المستويات، مثلا: لِمَاذَا يَصُوْمُ الْمُسْلِـــــِمُوْنَ ؟ فقد جئت إليك ببعض المعلومات حول هذا الموضوع لإثراء معارفك وتجديد مفاهيمك.

1. شهر رمضان والصيام الإسلامي

• ---

  يمثل شهر رمضان والصيام الإسلامي أحد أركان الإسلام التي علمت من الدين بالضرورة، والتي يوجبها الله على كل مسلم بالغ وعاقل. يأتي شهر رمضان في المرتبة التاسعة من السنة الهجرية، ويتوقف فيه المسلمون عن تناول الطعام والشراب والمنع والجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لمدة 29 أو 30 يومًا، حسب رؤية الهلال. ويعد الصوم خلال هذا الشهر من الطرق المؤكدة لاكتساب الأجر والثواب، فالمسلمون يرفعون فيه درجاتهم الروحية ويحسّنون من أخلاقهم وسلوكياتهم. يعد الصيام وشهر رمضان فرصة لتعزيز الروحانية وبناء الوحدة الإسلامية في المجتمع، حيث يجتمع جميع المسلمين في العالم على صيام هذا الشهر المبارك.

2. فرض الصيام: حكم وأسباب

• ---

  فرض الصيام هو أحد الشعائر الإسلامية الهامة، ويأمل المسلمون من خلاله تقربهم إلى الله سبحانه وتعالى. يمكن تحقيق هذا الهدف عن طريق تحقيق التقوى وتعويد النفس على البذل والعطاء. كما أن الصيام له حكم وأسباب عديدة، فهو يساعد الإنسان على الابتعاد عن المعاصي والذنوب، وتعزيز العبادة والتضرع إلى الله عز وجل. كذلك، فإن الصيام يساعد في تحسين الصحة النفسية والجسدية، وترتيب الحياة اليومية. ومن الجوانب المهمة للصيام هي أنه يساعد في تحقيق الوحدة الإسلامية في المجتمع، حيث يجتمع المسلمون في هذا الشهر المبارك ويتبادلون الأطعمة والتهاني في جو من المحبة والتآخي. لهذا السبب، يعتبر الصيام من الأعمال العظيمة التي يقوم بها المسلمون على مدار شهر رمضان المبارك كل عام.

3. الصيام وتعويد النفس على البذل والعطاء

• ---

  لا يقتصر الصيام في شهر رمضان على الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل يتضمن أيضًا تعويد النفس على البذل والعطاء. يَستشعر الصائم حاجات الفقراء والمساكين، فيقدم لهم المساعدة ويحسن إليهم. وبذلك، يصبح المجتمع المسلم مجتمعًا متكاملًا يتميز بالتكافل والتعاون والمحبة. وعلاوة على ذلك، يُعَد الصيام فرصة لتدريب النفس على البذل والعطاء، حيث يتعلم الصائم كيفية تقديم يد العون والمساعدة لأخيه المسلم في الحالات المختلفة التي تتطلب العون والدعم. وبهذا يتأهل المسلمون لأن يكونوا أفضل أفراد المجتمع، الذي يُمكنه من الإعتناء بأبناء المجتمع وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وذلك في إطار تقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع وتحسين جودة الحياة للجميع.

4. الصيام وتحقيق التقوى

• ---

  تعد تحقيق التقوى هي المقصد الأساسي للصيام في الإسلام، حيث يساعد الصيام على تحسين مستوى الإنسان في الانضباط والتأمل في الحياة الدنيا والآخرة. يعيش المسلمون خلال شهر رمضان بروحٍ مختلفة، حيث يعتبرون الصيام والعبادة من الأعمال المستحبة في الإسلام. فمن تَقوى المسلمين الصائمين لربِّهم أنَّهم لو ضربوا على أن يفطروا في شهر رمضان لغير عذر لم يفعلوا، لعلمهم بكراهية الله تعالى لإفطارهم في هذا الشهر المبارك. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصيام يزيد من الوعي الروحي والذكاء النفسي، ويعزز الانضباط الجسدي والعقلي، ويساعد في تحقيق الوحدة الإسلامية في المجتمع. لذا، فإن الصيام هو عبادةٌ تعبديٌّ شُرِّعَ من أجل تحقيق التقوى، وليس من أجل فوائده المادية.

5. حكمة اختيار شهر رمضان للصيام

• ---

  يعد اختيار شهر رمضان لصيامه من الحكم العظيمة التي فرضها الله على عباده؛ حيث يتميز هذا الشهر بالكثير من الخصائص والفضائل الدينية. ففي هذا الشهر العظيم تتزايد النية الصالحة لدى المسلمين، ويكثر العمل الصالح والصدقة والذكر لله بمشاركة الآخرين. كما يعتبر شهر رمضان فرصة كبيرة للحصول على الخيرات والمثوبات المضاعفة، حيث تحظى الأعمال الصالحة بها بزيادة الأجر والثواب من الله. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصيام في شهر رمضان يساعد على تعزيز التواصل الاجتماعي والترابط الأسري والعائلي، ويخلق جوًا دافئًا من المحبة والتعاون والتضامن بين الناس. لهذه الأسباب وأخرى كثيرة، يعد شهر رمضان فرصة رائعة للمسلمين للتقرب إلى الله وتحقيق التقوى والتعاون والتعاطف.

6. أحكام الصيام وضوابطه

• ---

  تعدّ أحكام الصيام وضوابطه من الأمور الهامة التي يجب على المسلمين معرفتها قبل بدء صيام شهر رمضان. فالصيام يشمل الإمساك عن الطعام والشراب والجماع والغيبة والكذب وكل ما يفطر الصائم، منذ طلوع فجر الصباح وحتى غروب الشمس. وعلى الصائم احترام هذه الضوابط، وعدم الانخراط في أي عمل يفسد الصوم، مثل التدخين وتناول الدواء بالفم، ما لم يكن ضرورياً. كما يستطيع الصائم الرجوع إلى المفتي في حال وجود أي استفسارات أو شكوك في الأحكام المتعلقة بالصيام. وبهذا يتعلم المسلمون الالتزام بالأخلاق الإسلامية، واتباع الأوامر الشرعية بإخلاص وتفانٍ في سبيل الله تعالى.

7. الصيام والصحة النفسية والجسدية

• ---

  يؤثر الصيام في شهر رمضان المبارك على جسم الصائم بطريقة إيجابية. فإذا تم اتباع نظام غذائي صحي، فإن الصيام يحدث تأثيرات إيجابية على جسم الإنسان، كتنظيم الكوليسترول الضار وتحسين صحة القلب والكبد. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الصيام على تحسين الصحة النفسية وتخفيف الأعراض النفسية، مثل التوتر والأرق وتقلُّب المزاج. تُعد فوائد الصيام على الصحة النفسية أقل شهرة من الفوائد الجسدية، ولكنَّها لا يمكن تجاهلها. إن الصبر على عدم حصول النفس على شيء معين على الفور يعتبر جانبًا هامًا من جوانب نضج الشخصية الإنسانية، ويأتي الصيام في رمضان بمثابة دورة تدريبية سنوية على هذا الصبر. لذلك ننصح الصائمين في شهر رمضان المبارك باتباع نظام غذائي صحي وأداء التمارين الرياضية بشكل منتظم للاستفادة الكاملة من الفوائد الروحية والجسدية للصيام.

8. رمضان وترتيب الحياة اليومية

• ---

  خلال شهر رمضان المبارك، يصوم المسلمون من الفجر حتى غروب الشمس، مما يؤثر على ترتيب حياتهم اليومية. ولكن بالمثابرة والتحلي بالصبر والتعاون، يمكن تحقيق ترتيب جيد والاستفادة من وقت الصيام. بدلاً من توجيه الطاقة والتركيز على الطعام والشراب، يمكن للمسلمين التركيز على ممارسة العبادة والأعمال الخيرية. يستطيعون تخصيص وقت لتلاوة القرآن الكريم والصلاة وإحياء ليالي القدر بالوقوف في صلاتي التراويح والتهجد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من الأوقات المخصصة لتناول الطعام والشراب في إعداد وجبات صحية ومتوازنة، وتجربة وصفات جديدة وتطوير مهارات الطهي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمسلمين تحقيق ترتيب جيد في العمل والدراسة من خلال الاستغلال الأفضل للوقت والتنظيم الجيد للمهام المطلوبة. في نهاية المطاف، يمكن للمسلمين تحقيق التركيز والانضباط والتوازن في الحياة اليومية خلال شهر رمضان المبارك.

9. الصيام وتعزيز الروحانية

• ---

  يعتبر الصيام خلال شهر رمضان فرصة للمسلمين لتعزيز الروحانية، حيث يتم التحكم برغبات النفس والاقتراب من الله بالدعاء والذكر والإنابة. وليس الصيام فقط عن الطعام والشراب ولكنه يمتد إلى التحكم بالأخلاق ومحاربة النفس ودفعها إلى الخطايا والتصرفات السيئة. بالإضافة إلى أن الصيام يعمل على تحسين العلاقة بين الإنسان وخالقه عن طريق التقرب إليه بالعبادة والتأمل في آياته وعظمته. وبهذه الطريقة، يساهم الصيام في إعادة النشاط والحيوية للروح والجسد وتحقيق توازن وتناغم في حياتنا.

10. الصيام وتحقيق الوحدة الإسلامية في المجتمع.

• ---

  لا شك في أن الصيام في شهر رمضان يشكّل فرصة مثلى لتعزيز الوحدة الإسلامية في المجتمع. فعندما يصوم جميع المسلمين في كل أنحاء العالم وفي نفس الوقت، يشعرون بوجود رابط قوي يجمعهم ويجعلهم يتحدون كتجربة شخصية واحدة. ويحرص المسلمون على إظهار التكافل والتضامن والعطاء خلال شهر رمضان المبارك، حيث تنتشر البسمة على الوجوه وتتفاعل العائلات والأصدقاء في الإفطار المشترك، ويتبادلون الهدايا والمشاعر الإيجابية. وبهذا يؤثر الصيام في بناء جسور الثقة ونشر الأخوة والمحبة بين أفراد المجتمع الإسلامي، ما يدفعهم إلى التعاون والتآلف في مختلف جوانب الحياة.

مقالات ذات صلة :

---

- صوم شهر رمضان 

- لماذا يصوم المسلمين شهر رمضان 

- لماذا فرض الله الصيام في رمضان على المسلمين .. ومتي يتيح لك الفطار !؟