اعلن هنا

ماذا تعرف عن الوثائق الإسلامية التي ظهرت في الحرم القدسي

ماذا تعرف عن الوثائق الإسلامية التي ظهرت في الحرم القدسي

  • حين تتراءى كلمة القدس في خبر أو عنوان فسيجتذبك لتعرف ما وراء العنوان..
  •  ومع أن معظم ما يأتي عن القدس ، في هذه العاصفة من الزمن الرديء ، يزرع الجراح وينبت الزهر الأسود في كل صدر .. فإن خبرآ يحمل كلمة القدس ، خالف الموكب الجنائزي ، وكان يحمل بعض البهجة . 
  • - الوثائق الإسلامية :


  • والوثائق الإسلامية مأساة تاريخية قديمة ، الحروب والحرائق والزلازل وتقلب الدول وتوالي الإهمال ، آتت أولاً بأول على ماحوت الدواوين الإسلامية في مختلف الأمصار من الرسائل وجرائد الضرائب و بلاغات الحكم ونسخ المعاهدات والفتاوي والأقضية وسجلات حياة الناس ، تناثرت كلها مع الريح أو اللهب أو العبث أو ركام التراب ..
  • التاريخ الأوربي مثلاً لم ينكب نكبة التاريخ الإسلامي في هذه الناحية ، فمعظم وثائقه محفوظ اليوم في الأديرة والمكتبات ودور الوثائق ومؤسسات الحكم والتجارة والأثرياء، لكن تاريخنا ما عرف هذا الحظ . وإذا استثنينا العهد العثماني الذي سلمت كتلة كبيرة من وثائقه تعد بالملايين في اسطنبول خاصة ، والقاهرة وبعض المحاكم الشرعية والدوائر هنا وهناك في الأناضول والشام والعراق ، فليس لدينا من الوثائق الإسلامية السابقة لذلك العهد سوى المئات المتفرقة ...
  •  بلى ، حفظت بعض كتب التراث بعضاً من نصوص الوثائق ، ولكن بوصفها في الأعم الأغلب ، نماذج بلاغية وشيئا من الأدب لاوثائق للتاريخ !
  • - العثور على صندوق في المتحف الإسلامي :


  • لقد وقع ذلك منذ سنوات معدودة تعمل في المتحف الإسلامي بالحرم الشريف ، محتوى الصندوق كان مسجلاً في المتحف على أنه ( قطع من الورق الدشت ) لا قيمة لها ، وفتحت الموظفة الصندوق ثم استعانت بصديقة أمريكية تدرس تاریخ المماليك ، لاستعراض مافيه وفك رموز الخطوط .. 
  • الكنز كان أمامهم !
  • لم یکن دنانير ولامجوهرات تلمع ککنوز علي بابا أو القرصان ، ولكنه كان شيئاً آخر أثمن من ذلك ، شريطة أن يعرف من يتعامل معه أنه أثمن .. 
  • وعبثآ حاولت الموظفة أن تستثير اهتمام سلطات الأوقاف بهذه الأوراق وأنها « ثروة » أثرية وتاريخية ، ومع أنها فتحت بعد ذلك صندوقاً آخر من الوثائق والبقايا الأثرية زادت في شأن ( الثروة ) المجهولة وقيمتها إلا أن الخبر كان لايجاوز أبواب المتحف ، كان يموت عند أذان المسؤولين .. 
  • وأخيرا نشرت السيدتان بحثا عن الكشف الأثري - الكنز آخر سنة 1978م ، نشرتاه بالإنكليزية وفي مجلة أجنبية ..
  • - رأي الدائرة العلمية الأجنبية في الصندوق :


  • كانت الدوائر العلمية الأجنبية تتلقف الخبر بالضجة والدهشة وتعلق على قيمته وشأنه المنتظر ، كانت جامعة ماك جيل في كندا تتحرك بسرعة لتسبق إلى تلك المجموعة الوثائقية الفريدة ، كلية الدراسات العليا فيها تكفلت بإرسال بعثة من ثلاثة أساتذة تذهب إلى القدس وتصور أولاً تلك الوثائق.. 
  • واستطاعت البعثة بسرعة في أن تاخذ المعونة من شركة تصوير ومن مؤسسة تمويل علمي ومن مؤسسات أخرى لتنجز أعمالها في أسابيع محدودة .. 
  • وراء هذه العملية كلها كان المستشرق دونالد لیتل ، وصورت الوثائق المكنوزة ، وبدأت على الفور دراساتها ، وفي عدد من الجامعات ! 
  • - هذا ما يوجد في الكنز الوثائقي : 


  • في المقال الأول الذي نشرته الباحثتان الأوليان جاء أن عدد الوثائق يبلغ حوالي 354 وثيقة كلها أصلية ومعظمها في حالة جيدة جداً من الصون والحفظ . 
  • وقد عرضت الباحثتان خمسين وثيقة منها ، ثم تبين في أول مقال نشره دونالد ليتل عن الوثائق ، منذ أشهر معدودة أنها 883 وثيقة كاملة على الورق لم يمسسها أي سوء أو تدمير ، يضاف إليها مجموعة أخرى تزيد على مائتي وثيقة متباينة الحجوم والصون . 
  • فهي إذن في العدد ثاني مجموعة وثائقية إسلامية في الدنيا ، بعد مجموعات البردي المصرية تصلنا من العهود السابقة للعثمانيين ... 
  • كل ما كان معروفاً من وثائق العصر المملوكي من قبل كان لا يزيد على 500 وثيقة ، نشر منها حوالي 150 فقط وثمة في مجموعة سيناء 125 مما لم ينشر بعد . وقد صارت الوثائق من العهد المملوكي ، بهذا الكنز ، ثلاثة أضعاف مرة واحدة . .
  • - تاريخ الوثائق :


  • من الناحية الزمنية ، تمتد تواريخ هذه الوثائق على مدى قرنين ونصف القرن : مابين أوائل القرن السابع الهجري حتى مابعد أواسط القرن التاسع ( 13 م - 10 م ) لكن 80 ٪ منها يعود بخاصة إلى العقد الأخير من القرن الثامن للهجرة ، واذا كان أقدمها يعود إلى سنة 604 ھ / 1207 م وأحدثها إلى سنة 866 / 1461 م فإن كتلتها الكبرى تمتد بين سنتي 793 وسنة 796 هجري . 
  • في ذلك الوقت كان السلطان في مصر والشام الظاهر برقوق ، أول الماليك البرجية ، وقبل ذلك كانت دولة المماليك واحدة من خمس دول إسلامية كبيرة ، وكان سلاطينها وتجارها يسيطرون على طرق التجارة العالمية بين الشرق الغرب .، وعلاقات البلاد الاقتصادية والدبلوماسية تمتد من قلب السودان الإفريقي إلى ماوراء القفقاس ومن الهند إلى أقطار أوروبا ، وهو كل العالم المعروف يومذاك باستثناء الصين ...
  • - قيمتها وأهميتها :


  • ليست قيمة هذه الوثائق في عددها فقط ولا في قدمها، ولكنها كذلك في الموضوع ..
  • فوثائق الحرم القدسي يميزها أنها تخص المجتمع الإسلامي والنظم الإسلامية في الشام ، معظم الوثائق التي بقيت من العهد المملوكي أو ماقبله تخص دير سانت كاترين وعهود رهبانه ، أو تخص الجاليات والجماعات التجارية الأجنبية في الشام ومصر أو الجماعة اليهودية ...
  • أي تخص العلاقات الإدارية والتجارية بين النظام المملوكي والجماعات الذمية أو الأجنبية ... 
  • وثائق الحرم القدسي وحدها كلها إسلامية وهي لاتخص القدس وماحولها فقط ولكن تصور المجتمع الإسلامي في العهد المملوكي في حياته العامة وعلاقاته الإجتماعية والإقتصادية ، ونظمه في الإدارة والقضاء والدبلوماسية .
  • فمنها المراسيم السلطانية ومنها القصص ، ومنها أحكام القضاة والشهادات والمحاضر وبراءات الذمة وعقود الزواج والحسابات والشكاوي والخصومة والوقف والإقرار وقوائم المواريث ودفاتر المحاسبة والأسعار ...
  • - مضمون الوثائق :


  • هذه أول مرة تكتشف فيها أوسع مجموعة وثائقية إسلامية تعود إلى ماقبل العهد العثماني . 
  • وهذه أول مرة تقع فيها تحت الضوء القوى والوثائقي قطاعات كاملة من حياة مدينة عربية إسلامية في العصر الوسيط . 
  • إن نبضات المجتمع والحركة الإقتصادية والمعاملات وأمور الدنيا من حاجات البيت وأدواته إلى الملابس بأنواعها وألوانها ومناسجها إلى أسعار الجارية والمنديل والمسك والملح وأجرة العامل وشیخ الجامع هي الآن تحت ايدينا ، والحسابات سواء كانت في ( الدفاتر المباركة ) او في ( المخزونات ) أو في قوائم التركة وصكوك الإقرار ، ترسم الصورة الكاملة لحياة الناس اليومية وعلاقاتهم.. 
  • كما تكشف يومية الصوفي وعمل الشروطي ونشاط المؤسسات الإسلامية ، الحي في المدارس والبهارستانات والزوايا ...
  • لن يكتب بعد الآن تاریخ المجتمع الإسلامي المملوكي دون حضور هذه الوثائق .
  • ومن زاوية أخرى تقدم وثائق الحرم صورة من تطور الدبلوماسية الإسلامية في مراحلها الأخيرة قبل اليومية والتطبيق .
  • - ختاماً :
  • - إن القدس ، جرح العربي الكبير ، قد كسبت الكثير من هذه الوثائق التي كانت تحتضن وتخفي في صمت ، عدة قرون ، إن مرحلة هامة من تاريخها غير المكتوب قد عادت إلى الوجود ...
  • بلى ! حظيت القدس بالذات ، في العصر المملوكي بالرعاية التي لم تحظ بها من قبل إلا في العهد الأموي ، ولقد ضمت ، في تلك الأيام ، 63 مدرسة و 21 زاوية ورباطآ ، عدا مابني من بیمارستان ومسجد وسوق .. ولقد كتب في فضائلها وتقديسها في ذلك العهد نفسه ، ثمانية كتب كما ظهر أوسع كتاب في تاريخها کتاب : الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ، الذي أهداه : ( أبو اليمن مجير الدين الحنبلي ) ..
  • - بقي أن تبقى الوثائق في مستقرها وملكا لأهلها ، هل تراها تبقی أم تذهب مع مايذهب كل يوم ؟ 
  • - إن كل منها وثيقة منها وثيقة ملكية إضافية لتلك الأرض المقدسة ، وتصفع المعتدين ... والمتخاذلين على السواء !
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.