اعلن هنا

مسيرة الفنان التشكيلي الشهير جمال كامل

مسيرة الفنان التشكيلي الشهير جمال كامل

  • * مقدمة :


  • منذ المرحلة الابتدائية ، كشف الطفل جمال عن مقدرة براعة في الرسم ، براعة جعلت مدرس الرسم يلجأ إليه في نماذج الدروس التي يسجلها في كراسة تحضير الدروس ، ليتباهي بعرضها بعد ذلك على مفتش الرسم ، باعتبارها من رسمه هو ، ولم تكن لتنجح هذه المؤامرة الصغيرة ، لو أن الطفل جمال كان يرسم كباقي الأطفال ، تعكس رسومه لزمات رسوم الطفل المعروفة فالطفل جمال لم يمر في تطور رسومه ، بالأطوار التي يمر بها الأطفال عادة ، لقد كان طموحه أقوى من طفولته ، فلم تظهر في رسومه اللزمات التقليدية للطفل ..
  • * اللزمات التي لم يمر بها جمال كامل كطفل :


  • من بين هذه اللزمات ، تضخيم الشخص أو العنصر محل الإهتمام في الصورة ، قياساً على غيره من العناصر أو الأشخاص . فالملك أو الزعيم أو الأب يبلغ في طوله أضعاف غيره من البشر الذين يظهرون في الرسم . ثم لزمة الشفافية ، أو ظاهرة الأشعة السينية التي تسجل ما بداخل الشيء وكأنه شفاف ، فيظهر الجنين داخل بطن الأم ، وتظهر اللعبة التي بداخل الصندوق المغلق كذلك لزمة التسطيح ، فيرسم الطفل بيته ، ليس کما يبدو لعين الإنسان من الزاوية التي ينظر منها ، لكنه يرسمه كما يرى من جميع الزوايا .
  • لكن الطفل بمال كامل لم یکن كباقي الأطفال لم تعكس رسومة هذه اللزمات ، بل كانت دائماً تحمل رغبة ملحة في نقل الواقع الذي يراه ، بكل المهارة والحرفة كانت عينه مدربة منذ الصغر على اكتشاف طاقة الجمال في واقع الأشياء كما هي ، کانت يده الصغيرة تكافح ، قدر طاقتها ، لتسجل ذلك الجمال على صفحات الورق . 
  • * صفقة بنصف قرش :


  • كان طفلنا يعود من الإسكندرية إلى بني سويف في نهاية العطلة المدرسية ، وقد تعلق بالمشاهد المثيرة التي تسجلها ملصقات الدعاية السينمائية . وكان هو في بني سويف ، يحن إليها ويحلم بها ، لذلك كانت فرحته لا توصف ، عندما نجح في عقد صفقة مع عامل سینما الأهلي ببني سويف ، تتيح له تسلم الملصقات الصغيرة للأفلام التي انتهى عرضها ، مقابل نصف قرش .
  • ففي ذلك الوقت كانت الدعاية للأفلام التي تعرضها دور السينما في الأقاليم ، تتم عن طريق عربة يجرها حمار ترتفع فوقها لوحتان خشبيتان تمیلان على بعضها ، بحيث تلصق الملصقات الخاصة بالأفلام على اللوحتين . 
  • وكان العامل يسحب الحمار ويمضي في انحاء المدينة ، مناديآ بين الحين والاخر ، معلنآ الجماهير بالأفلام الناطقة الجديدة التي تعرضها دار السينما ..
  • عقد الطفل صفقة مع العامل ، طالبا منه الحرص في انتزاع الملصق ، حتى يستحق نصف القرش الذي عقيد الطفل صفقته مع العامل ، طالبا منه الحرص سيأخذه ، وعندما كان الطفل يختلي بالملصق في حجرته بالبيت لم تكن الدنيا تسع فرحته ، كان يمضي الساعات الطويلة مستمراً في مكانه ، يتأمل الرسم الذي السمنة الملصق ، ثم يبدأ محاولات الدائبة لنقل هذه الرسوم .
  • * نقطة التحول في حياته :


  • كانت نقطة التحول ، من خلال تقصير ارتكبه في واجبات اللغة الانكليزية ، دفع مدرسها إلى إرساله إلى ناظر المدرسة ، حتى يتلقى على يديه العقاب المناسب ، قاده فراش المدرسة إلى حجرة الناظر ، تتسارع دقات قلبه خوفاً ذلك اللقاء المرتقب . 
  • فهو لم يكن أبداً طفلاً مشاكسآ مشاغبآ ، ولم يتلق من قبل عقابا على يد ناظر المدرسة أخذ يتطلع حوله ، فوقع نظره على لوحة معلقة على الحائط ، آنسته كل مخاوفه ، والوقت الطويل الذي قضاه وحيداً في تلك الردهة . 
  • كانت اللوحة عبارة عن نسخة عن اللوحة من رسم الفنان العالمي رامبرانت ، رسمها لوجه زوجته الثانية . راح صبينا يتأمل اللوحة ، والخلفية السوداء القائمة ، حتى أنه عندما انتهى من مقابلة الناظر ، وعاد إلى بيته ، لم يكن يتذكر سوى تلك الطريقة المدهشة التي صور بها الرسام ذلك الوجه . 
  • * محاكاته لرسومات كبار الرسامين الأوروبيين :


  • كان الصبي جمال ضعيفآ في اللغة الإنجليزية ، وكان لهم جار يدرس اللغة الانجليزية بالمدارس ، وذلك الجار كان يتمتع بحاسة جمالية لا بأس بها . 
  • وعندما رأی رسوم الصبي ، أبدی لوالده إعجابه بهذه الموهبة المبكرة فشكا له الوالد من انصراف الصبي عن استذكار دروس اللغة الانجليزية إلى هذه الرسوم . همس المدرس للوالد ( عندي العلاج الأكيد ) اصطحب الجار الصبي شقته ، وأعطاه كتابآ فنيآ ، وطلب منه الجار ألا يقتصر على مشاهدة اللوحات ، بل يحاول أن يعرف شيئاً عن اللوحة والفنان الذي رسمها ، من خلال قراءة النص الانجليزي . فرح الصبي فرحا شديدا بهذا الكنز الذي وقع بين يديه ، فأغلق عليه حجرته ، وراح يقلب صفحات الكتاب بحرص شديد ، يتطلع إلى لوحات كبار الفنانين العالميين ، وفجاة ، شهق عالياً ، عندما طالعته على إحدى صفحات الكتاب ، تلك اللوحة المحفورة في ذاكرته ، والتي رآها في ردهة حجرة الناظر .
  • قرأ الصبي بفضول شديد ، وعلى قدر ما سمحت له حصيلته في اللغة الانجليزية ، قرأ عن الفنان رامبرانت ، وعن اللوحة .. ثم قرأ عن غيره من الفنانين العالميين .. ولاحت منه التفاتة إلى حائط حجرته ، فأبصر تلك الملصقات الخاصة بالأفلام ، فأحس بها قبيحة بالقياس إلى اللوحات التي يضمها هذا الكتاب ، وهب على الفور ينتزعها من فوق الجدار ومزقها ويلقيها ، ثم تفرغ بعد ذلك لمحاولة نقل هذه اللوحات الفنية ..
  • * استخدامه لظلال زرقاء وخضراء بعد الأبيض والأسود :


  • سافر ووصل إلى المنيا ، أخرج أوراقه وأقلامه ، وراح يرسم ، كان يريد أن يتعرف على أقربائه ، من خلال رسم وجوههم . 
  • وكان من بين زوار البيت ، صديق للخال يعمل مدرسآ ، رأی وأعجب بها ، وقرر تقديمه إلى مدرس الرسم في المدرسة التي يعلم بها . 
  • قال الضيف أن زميله هذا من الفنون الجميلة ، وجری اللقاء مع مدرس الرسم ، لكن نقطة التحول الحقيقية في حياة الصبي كانت عندما أوفده مدرس الرسم ، إلى شقيق له ، ما زال طالبآ بالفنون الجميلة ، عندما دخل عليه رآه يرسم لوحة ذاتية ، كان يجلس أمام المرأة ، يتطلع إلى صورته فيها ، ثم يسجل رؤيته بألوان الباستيل على لوحة أمامه . 
  • وبلغت دهشة الصبي غايتها ، عندما رأى ذلك الطالب ، يرسم ظلال اللوحة بالألوان الخضراء والزرقاء ، وليس بالألوان البنية والسوداء ، التي اعتاد أن يعتبرها الألوان الوحيدة لرسم الظلال ، کما رأى في لوحات رامبرانت وغيره من رسامي عصر النهضة .
  • * الانتصار لدخول ميدان الرسم :


  • عندما انتهى الفتی جمال كامل من دراسته الثانوية ، جاء مجموع درجاته محددآ ، لا يسمح له بدخول كلية الطب . 
  • فقد كانت العائلة قد استقر رأيها على إدخاله كلية الطب ، ظن الفتى أن ما حدث سيضع حدآ لإصرار العائلة على دخوله كلية الطب ، مما يتيح له دخول كلية الفنون الجميلة ، لكن والده أصر على أن يعيد دراسة السنة النهائية ، رضخ الفتى لرغبة العائلة ، وأعاد السنة ، وحقق مجموع أفضل ، لكنه كان طوال هذه السنة يتأهل لدخول المعركة الحاسمة مع العائلة ، ويتزود بكل الطاقة اللازمة للتصميم . 
  • وعندما حلت ساعة الاختيار ، صمم على تقديم أوراقه إلى كلية الفنون الجميلة ، تعهد أمام والده وأمام باقي أفراد العائلة بالتنازل عن رغبته هذه ، إذا لم يكن ترتيبه الأول على جميع المتقدمين لامتحان القبول في كلية الفنون الجميلة . 
  • عندما ذهب الفتی لتقديم أوراقه ، وأدرج اسمه بين المتقدمين لامتحان القبول بتفوق . 
  • وهكذا عرف الفتى طريقه إلى ( البدروم ) الرطب لأحد بيوت حي شبرا ، يهبط من الطريق عدة درجات ليصل إلى مرسم الطالب الفنان أدوار مهنا . 
  • عندما استعرض الفنان أنتاج الفتی الذي كان يحمله ، أعجب بقدراته ، وقرر أن يساعده . 
  • وفي نهاية اللقاء ، كانت دهشته كبيرة ، عندما قال الفتى القادم من بني سويف بلهجة تقريرية ( ليس هدفي مجرد اجتياز هذا الامتحان ، أريد ان أكون الأول على الجميع هكذا وعدت والدي ).
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.