نظرة الطبيب المعالج لمرض السرطان

نظرة الطبيب المعالج لمرض السرطان

  • تمكن الإنسان من التغلب على معظم الأمراض الخبيثة التي كانت تهدد وجوده كالطاعون ، والجدري ، والكوليرا ، والتيفوس ...
  • وكانت هذه الأمراض تشكل في أذهان الكثيرين من الناس في العصور الغابرة « لعنة » مأساوية ينزلها الله في عبادة متی حادوا عن الطريق السوي ..
  • إلا أن داء واحد ظل يتحدى الذكاء البشري ، ألا وهو السرطان .
  • * خطر السرطان :


  • رغم التقدم الكبير الذي طرأ على تشخيصه ومعالجته ، فلا يزال يهدد البشر ، لقد رسخت في أذهان الناس فكرة لاتزال تسيطر على عقولهم ، ذلك أن هذا الداء يعني الموت ، فإذا ما عرف المريض ، بطريقة ما ، أنه مصاب به نهر يعني الحكم بالإعدام لامحالة ، ويظهر الطبيب هذا القاضي حين يصدر حكمة النهائي بالقتل .. من هنا جاءت مسؤولية الطبيب الكبيرة ، كما جاءت فكرة العقاب الإلهي على ذنب أو ذنوب سبق وأن ارتكبها المريض في حياته قبل إصابته ..
  • ومن هنا أخيراً يظهر الوجه النفساني المعنوي للداء ، والعذاب الجسدي النفسي الذي يتعرض له المريض ، كما يمكن أن نستنتج من ذلك الدور الهام الذي يلعبه كل من الطبيب ، والمريض ، والعائلة والمحيط الإجتماعي ، والجهات المختصة المعنية .
  • * موقف الطبيب من المرض :


  • يبدو أن موقف الطبيب في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بلاد أوروبا الشمالية يمختلف تماماً , فهو إذا ما شخص السرطان عند المريض صارحه بذلك مباشرة ، فيتلقي المريض النبأ بشجاعة ، ويضع يده بيد الطبيب ليعملا سوية على مقاومة الداء ، إلا أن المال ليس بهذه السهولة والبساطة في البلاد الأخرى وخاصة البلاد المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط ، إذ تتميز شعوب هذه المنطقة بالعاطفة ، والارتکاس النفساني السريع ، وعدم الثقة بالنفس وبالطبيب وبعلمه ، وبضخامة الإنتكاسات النفسية ..
  • * طبيب شعوب شرق المتوسط :


  • وأما شعوب شرقي البحر المتوسط فهي علاوة على ذلك ذات بنية اجتماعية مختلفة ، إذ لاتزال الروابط العائلية والعشائرية جيدة ، كما أن الناحية الروحية لما لها أهمية كبرى في تصرفات الفرد ، لذلك فقد اتفق معظم الأطباء على إخفاء التشخيص على المريض والتلاعب بالكلمات والألفاظ ، بشكل متوازن دقیق ، فهو من ناحية لايخفي خطورة الداء ، ولكنه لا يصرح عنه قطعاً بشكل صريح ، أن يظل باب الأمل مفتوحاً ، ونوره مشرقاً حتى حياة المريض . 
  • ولا يقتصر هذا الموقف الأخير على المريض لوحده ، بل يتعداه إلى العائلة والأقارب والأصدقاء . 
  • * كيف يتصرف الطبيب في حالة إصابة المريض :


  • عمليآ يجد الطبيب نفسه أمام عدة احتمالات ، فقد يأتي المريض لوحده يعود الطبيب فيجد بهذا إصابة مشكوك فيها ، فكيف عليه أن يتصرف ؟ 
  • فهو إن أخفى الأمر ، ويجب أن يخفيه ، فقد تكون الإصابة سرطانية ، ولا يلقي المريض بالآ إليها فيتركها تنمو وتنمو حتى تقتله ..
  • كما أنه لا يستطيع التصريح عنها فقد يكون تشخيصة خاطئاً علاوة على إخافة المريض ...
  • ثم إن إيجاد الكلمات أصبح اليوم صعباً بسبب حملات التوعية ضد السرطان التي تقوم بها الجمعيات العلمية ، وكل وسائل الإعلام ، والتي رغم محاولاتها لاتزال تفتقر إلى التنظيم الجيد للوصول إلى غايتها الإنسانية النبيلة ، إذ لا يكفي أن نصر ونشدد على التشخيص المبكر ، بل يجب أن ننزع من أذهان الناس الفكرة القائلة بأن السرطان موت ، وأن نضع مكانها المعادلة القائلة بأن السرطان داء يقل مقاومته وشفائه .
  • * نتائج حملات التوعية :


  • ومن نتائج حملات التوعية أنه أصبح إذا ما قال الطبيب للمريض مثلاً : 
  • « أرى كتلة لحمية يجب أن آخذ منها عينة للفحص » نجد المريض يفهم الشيء ويقول : 
  • ( إذن فهو سرطان )... 
  • ومهما حاول الطبيب بعد ذلك التموية واللف والدوران فلا ينفع ذلك ، لأن وسائل الإعلام علمته أن الخزعة تعني الإصابة بالسرطان ، وأنها لاتجرى إلا في حالات الأورام الخبيثة ....
  • وإذا تجنب ذلك ، وسكن روع المريض ، فقد يذهب هذا ويختفي شهوراً ثم يعود ، وقد استفحل الداء وانتشر ولم تعد تنفع فيه حيلة ، وفي هذه الحالة ، الحل الأفضل أن يقول الطبيب لمريضه بأن ثمة كتلة لحمية سليمة حتى « الآن فقط » لأنها إذا أهملت ولو لبضعة أسابيع فقد تتحول إلى ورم خبيث ، ويكرر هذه الفكرة في صيغ مختلفة مرات عديدة . 
  • * سهولة الأمر بوجود مرافقون :


  • والأمر أسهل عندما يرافق المريض بعض من المهار ذويه : 
  • إخوته ، زوجته ، أولاده ...
  • فيطمئن الطبيب مريضه ، ويعمل على أن ينفرد بأحد هؤلاء مباشرة ، فيتصل به ويفهمه أن المريض مصاب بداء خبیث ، ولكن على الطبيب ألا يقطع الشك باليقين ، وأن يترك كما قلنا ، باب الأمل مفتوحاً ، ماعدا عندما يكون المريض قد وصل إلى مرحلة متقدمة جداً .
  • * قانون سر المهنة :


  • حتى في هذه الحالة فقد يقع الطبيب في مأزق وهي مشكلة سر المهنة ، فالقانون ينص على أن من واجب الطبيب إخفاء التشخيص على الجميع ما عدا المريض ، فهو الوحيد الذي يحق له قانوناً معرفة التشخيص ، وإذا كانت هذه المشكلة غير ذات قيمة عملية في بلادنا ، ولكنها في البلاد المتقدمة تثير مشکلات تنغص عيش الطبيب ، وتزيد من دخل بعض المحامين ، وربما كان هذا أحد الأسباب التي تدفع بالطبيب في أمريكا مثلاً إلى مصارحة المريض بدائه ، وأعتقد أن الوجه الإنساني من مهنة الطب يبتدي عمليآ في معالجة وعناية هؤلاء المرضى أكثر من غيرهم . 
  •  
  • * ختاماً نقول :
  • يجب مكافحة المرض ، ويجب أن نعلم أن المريض هذا يقبع ساعات طويلة ، وطويلة جدآ يفكر فيما قاله له الطبيب ، يجتر أحياناً كلمة واحدة أياماً وأياماً تدور في رأسه ، وتنغص عليه حياته ، وتمنع النوم عن عينيه ، لذا كان الحذر في إلقاء الكلمات على عواهنها وليس هذا بالسهل دوماً ، فنفسیات المرضى مختلفة وظروفهم أيضاً .. 
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.