اعلن هنا

هل نحن قادرون على إصلاح الأخطاء الوراثية الممرضة أو المميتة ؟

هل نحن قادرون على إصلاح الأخطاء الوراثية الممرضة أو المميتة ؟

  • منذ أن عرف العلماء كيف يقرأون ألف باء ، لغة الحياة ، بدأوا في معرفة الأسباب المؤدية إلى كثير من الأمراض التي كانت مثابة لغز عويص في بداية القرن العشرين ، ونحن لا نستطيع أن نتعرض لها هنا لضيق المجال ..
  • لكن يكفي أن نقدم مثلاً ومثلاً ، لندرك المزيد عن معنى الخطأ في هذه العوالم الدقيقة ...
  • * علاقة الوراثة ببناء الأحماض الأمنية :


  • بعض ظواهر التخلف العقلي في الأطفال ناتجة عن خطأ واحد في عملية واحدة من سلسلة العمليات الكيميائية التي تشرف عليها الخمائر أو الإنزيمات ، فهناك حامض أميني اسمه « فینایل آلانين » ، وهو واحد من الأحماض الأمينية العشرين التي تكون 
  • « ألف باء » البروتينات .. 
  • لكن الأمر الوراثي هنا لا شأن له ببناء هذا الحامض مع غيره على هيئة بروتين كما الحال في الهيموجلوبين ، بل يتناوله في سلسلة من التفاعلات ، ويحوله إلى مركبات أخرى محورة نحتاجها داخل أجسامنا .. 
  • * أهمية الحمض الأميني فينايل آلانين :


  • الواقع أن هذا الحامض عبارة عن خط تشغيل مقدر داخل الخلايا .. 
  • فلكي يتحول المركب ( A ) مثلاً إلى المركب ( E ) كان لابد أن يمر بالمراحل B ، C ، D ... ولكل مرحلة أنزيمها الخاص بها ، فلو توقف الأنزيم الخاص بالعملية C مثلاً ، فإن المركب B سوف يتراكم ، وعنده تتوقف كل العمليات التي تليه في خط التشغيل . 
  • وهذا ما يحدث بالضبط للحامض الأميني 
  • « فینایل آلانين » ، فهناك أنزيم يحوله إلى مركب آخر اسمه « تیروسین » ، وللتيروسين أنزيم آخر يحوله إلى مركب ثالث اسمه حامض « هوموجنتیسیك أسید » ولابد أن ياتي أنزيم ثالث ورابع وخامس ... إلخ ، ليحوله إلى مركبات أخرى على خط التشغيل الخلوي في خطوات مقدرة تقديراً مضبوطاً ، وإن ظهور التخلف العقلي عند الأطفال هو توقف أول خطوة في العملية .. أي تحويل الحامض الأميني فینایل آلانين إلى تیروسین ، وعندئذ يزيد تركيز الأول عن حدوده المرسومة ، فيؤثر على خلايا المخ ، خاصة في الشهور الأولى بعد الولادة ...
  • ويعتقد بعض العلماء أيضاً إلى أن هذا الحامض 
  • « المركون » يحدث بعض تحولات كيميائية أو جانبية ، وأن الناتج منها يوجد بتركيزات جد ضئيلة ، بحيث تؤثر على خلايا المخ أيضاً ، وتسبب التخلف العقلي .. 
  • * كيفية الكشف عن الحامض عند الأطفال :


  • ومن حسن الحظ أن هذا الحامض ومخلفاته الجانبية تظهر في بول الطفل بعد أسابيع أو أشهر من ولادته ، وأنه يمكن الكشف عليها بسهولة ، فإن ظهرت ، دل ذلك على أن الجينة المورثة المسؤولة عن إنتاج الأنزيم المكلف بتحويل الحامض بها عطب ..
  • * كيفية العلاج :


  • يمكن تلافي ظاهرة التخلف العقلي منذ البداية بعلاج معروف عند الأطباء المعالجين ، ويستمر العلاج حتى العام الخامس أو السادس من عمر الوليد ، حيث يكون الجهاز العصبي وصل إلى اكتمال نموه وتكوينه ..
  • * مرض وراثي آخر يسمى المهق !


  • ثمة مرض وراثي آخر يظهر في الخطوة الثانية من هذه السلسلة من التفاعلات التي تحكمها الأنزيمات ، إن الخطوة الأولى تتم بكفاءة ، وفيها يتحول حامض فینایل آلانين إلى تیروسین ، لكن التيروسين لا يجد الأنزيم أو المفتاح الكيميائي الذي « يفتحه » ويحوله إلى مادة اسمها ميلانين ، وهذه المادة هي المسئولة عن صبغة البشرة والعينين والشعر بألوانها المعروفة ، فإذا لم تتكون ، ظهرت على الإنسان ظاهرة « المهق » أو ( عدو الشمس - كما يجري على لسان العامة ) .. وعندئذ لا يستطيع أن يتحمل أشعة الشمس على بشرته أو عينيه ..
  • * سبب هذا الخطأ الجيني :


  • الخطأ في هذه العملية واقع على جينة - أو أكثر - من الجهاز الوراثي ، لأن الأنزيم أو الإنزيمات المسؤولة هذا التحويل الهام هي صنيعة الجينات في المقام الأول ، فإذا توقفت أو أعطت أمراً خاطئاً ، لتكوين أنزيم خاطىء ، فتنتج حالة المهق . 
  • * مرض آخر ناتج عن خطأ جيني :


  • هناك مرض خطير قد يظهر في الخطوة الثالثة في هذه العملية .. 
  • أي عند تحويل التيروسين إلى حامض الهوموجنتيسيك الذي سبق إليه الإشارة ، إذ لابد من وجود أنزيم ليقوم بتحويل هذا المركب إلى المركب الذي يليه ، فإذا غاب الأنزيم ، فغيابه يعني خطأ جديد في القيادة المركزية للخلية ، ويعني أکثر أن تتجمع نواتج التحويل وتتراكم ، وعندئذ تترسب في أماكن محددة من الجسم ، فتتلون الأذنان مثلاً بلون أزرق أسود ، وكذلك بياض العينين ، ومقدمة الأنف ، وكل نسيج غضروفي قريب من البشرة يظهر أيضاً بهذا اللون الغريب ، ولو تعرض الإنسان المصاب بهذا الخطأ الوراثي لأشعة لعدة ساعات ، فإن بوله يتحول إلى لون أسود أزرق ، وقد يترسب هذا الحامض في غضاريف المفاصل ، فیسبب فيها التهاب حاد . 
  • والأمثلة بعد ذلك بالمئات .. 
  • * أمثلة أخرى عن أخطاء المورثات :


  • النزف الدموي :
  • وهو نتيجة حتمية لغياب أو خطأ في تكوين أنزیم واحد من الأنزيمات المسؤولة عن تجلط الدم عند حدوث الجروح ، وقد ينزف المريض حتى الموت ...
  • وطبيعي أن الحياة تحاول دائماً أن تتخطى هذه الأخطاء ، خاصة اذا كانت خطيرة ، فتعطي الفرصة للأصحاء ، ولا تعطيها لذوي الأخطاء ، فلا تتيح لهم مثلاً فرص الحياة أو الإنجاب .. 
  • * خاتمة المقال :
  • حمداً لله أن معظمنا قد جاء إلى الحياة « بکتب » کیمیائية صحيحة .. وشفرات وراثية سليمة .. وقيادات لا عوج فيها ولا أخطاء .. وطوبى للأصحاء ..
  • وندعو بالرحمة لذوي الأخطاء .. 
  • فلا ذنب لهم فيها ، إنما الذنب ذنب الآباء الذين لم يرجعوا للأطباء قبل الزواج ، لمعرفة ما خطه القدر في « كتبهم المكتوبة » من أخطاء ! 
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.