اعلن هنا

دراسة نظرية نقدية لثلاث روايات لصنع الله ابراهيم للأستاذ محمود أمين العالم

دراسة نظرية نقدية لثلاث روايات لصنع الله ابراهيم للأستاذ محمود أمين العالم

  • مقدمة :


  • شارك الأستاذ محمود أمين العالم في ندوة عقدت في فاس بالمغرب حول الرواية العربية الجديدة ، واختار موضوع التاريخ والفن والدلالة في ثلاث روايات مصرية معاصرة هي : 
  • « نجمة أغسطس » لصنع الله ابراهيم .
  • « وقائع حارة الزعفراني » لجمال الغيطاني .
  • « يحدث في مصر الآن » ليوسف القعيد .
  • * المغزى من هذه الدراسة :


  • لقد حاول من خلال هذه الدراسة إبراز طبيعة العلاقة الجدلية بين الواقع والمتخيل ، بين التاريخ والفن ، وخصوصاً أن هذه الروايات الثلاث تعبر عن واقع واحد تقريباً أو مرحلة تاريخية واحدة ، رغم اختلاف المناهج الفنية وقيمها الدلالية .
  • وقد صدمته بعض التعقيبات التي أخذت تحاسبه بمعايير بعض المدارس النقدية الفرنسية المعاصرة ، وعندها وجد نفسه من جديد في قلب معركة النقد الأدبي بعد أن كان قد شغل عنها بالدراسات التراثية ، والتدريس الأكاديمي فترة طويلة ، ولهذا كان هذا المقال استكمالاً للحوار الذي لم يتم في ندوة فاس حول منهج دراسة الرواية العربية .
  • * دفاع الأستاذ أمين عن مرحلة الخمسينيات النقدية :


  • كالفارس القديم الجديد يحمل الأستاذ أمين العالم سيفه مدافعاً عن مرحلة الخمسينيات النقدية ، في نفس الوقت الذي يدعو فيه بعض الدارسين إلى إعادة النظر في تلك المرحلة وتقويمها في غير تعال أو تجن أو استخفاف ، مذكرآ أن ذلك التيار في النقد الأدبي في ذلك الوقت كان ثورة على التفسيرات والتحليلات الأكاديمية والوصفية والإنطباعية والتذوقية والنفسية ، التي كانت تسيطر بمستوى أو بآخر على النقد الأدبي آنذاك . 
  • وفضلاً عن هذا فقد كانت تلك المرحلة متواقتة ومتواكبة مع مرحلة النهوض الوطني والقومي والإجتماعي ، التي احتدم فيها الصدام بين القوى الوطنية والديمقراطية العربية من ناحية ..
  • والقوی الإمبريالية والصهيونية والرجعية من ناحية أخرى ، ومع ذلك ، فإن هذا التيار النقدي لم يهمل الجانب الفني أو الجمالي لحساب المضمون الأدبي ، بل كان يرى أن الشكل الفني هو عملية فنية يتشكل فيها الموضوع مضموناً ، وكان يحرص على التحليل الفني .
  • * رواية ثلاثية لاثلاث روايات :


  • يتناول الأستاذ محمود أمين العالم تطبيق لمنهجه الجدلي ، الروايات الثلاث لصنع الله ابراهیم ، محللآ البنيات الأساسية داخل هذه الروایات کاشفآ لدلالتها في إطار سياقها الإجتماعي والتاريخي ، ذاكراً أنها ليست ثلاث روایات مستقلة بل رواية ثلاثية واحدة ، سواء من الناحية الفنية أو الدلالية . 
  • فبطل القصص الثلاث هو نفس الرواي « الأنا السارد » وهو بلا اسم وبلا ملامح ، على أننا نستطيع أن نتبين بعض المعلومات عنه ، فهو كاتب وصحفي ذو اتجاه يساري يخرج من السجن في وسط الستينيات حين يفرج عن بعض السجناء السياسيين ، والرواية تعبر عن خيبة الأمل التي أسفر عنها اللقاء بين هذا السجين وبين هذا الواقع ..
  • * رواية تلك الرائحة :


  • رواية ( تلك الرائحة ) تعکس هذا التناقض الرهيب بين مجتمع يرفع شعارات وسياسات اشتراكية ، ولكنه يحجز ويراقب الإشتراكيين في الوقت الذي تستشري فيه روح الإستهلاك والفساد والتطلع الرأسمالي . 
  • وفي واقع الصدمة هذا يقف ( الأنا السارد ) مغترب داخل نفسه محاصر من السلطة باحثاً دون جدوى عن حب ، عن علاقة إنسانية ، عن عمل ، وفي ظرف آخر يقف المجتمع غارقاً في تطلعاته الإستهلاكية.
  • * الصدمة التي تشكل طبيعة العلاقات الإنسانية :


  • إن الحرية التي خرج إليها لا تثير في نفسه انفعالآ ، بل إنه يعاني منذ البداية شعوراً بأنه يسير في عالم غير مكترث به سواء كان سجيناً أو حرآ . 
  • أخوه لا يترك له شقته وكذلك صديقه ، والعسكري الذي يرافقه يسعى لإستغلاله ...
  • إنها صدمة البوابة التي تكاد تشكل طبيعة العلاقات بين الأنا السارد والآخرين ، وبين الأنا وعناصر واقع الرواية كلها بأبعادها الزمانية والمكانية واللغوية ، فالسارد يتحرك طول الرواية من غرفته في مصر الجديدة إلى القاهرة ، فإلى غرفة ثانية قبل الغروب ، إننا في حالة متصلة من الخروج والعودة . 
  • حركة متصلة ولكنها متكررة ومجدية لا تفضي إلى شيء جديد ، حركة بلا جدوى وبلا طائل ، على أننا نجد في مواجهة هذا المكان - القيد - ذلك المكان الحرية ، وهو مكان أو فضاء متخيل يتحرر فيه السارد من قيده ليتحرك بحرية في ذكرياته وأحلامه ، مستخدماً لغة أخرى غير اللغة المكانية التقريرية هي اللغة الغنائية الحلمية ، وهكذا يزدوج المكان في الرواية بين مكان أفقي محتجز ، ومكان متعامد على المكان الأفقي.
  • * تلك الرائحة وهذه النجمة : 


  • کما أننا نتبين تناقضاً من نوع آخر ، تناقضاً للزمان الذي يشكل إطارآ للقصة ، وتناقضاً للزمان الذي يعيشه السارد . 
  • وقد برز هذا التناقض زمان اجتماعي سائد معاش عبر الرواية كلها .. 
  • بهذه الرواية نشعر بزمان اجتماعي قوامه الفساد والإشتغال بثقافة التسطح والمغامرة ، وهو زمن اجتماعی متناقض دلاليآ للزمن ، حيث الشعارات والإجراءات التقدمية . 
  • كما يتناقض مع الزمن المحاصر الذي يعيشه السارد دلاليآ ، ولكننا نلاحظ أن الإزدواج والتناقض يعبران عن عالم ذي طبيعة ثنائية يغلب عليها التحاور لا التصارع . فالتناقضات بين المعلن والمحقق ، بين الشعار والتطبيق ، بين الحرية والقمع ، بين الرائحة النظيفة والرائحة التي لا تطاق ، ثنائيات متناقضة ولكنها غير متصارعة ، وكأن الرواية تريد أن تعبر في الحقيقة عن سيادة إحدى طرفي هذه الثنائية وغلبته على الطرف الآخر ، ولهذا تسود تلك الرائحة الكريهة من داخل واقع الرواية .
  • * خاتمة :


  •  إن هذه الرواية ليست إلا الجزء الأول ، فجزؤها الثاني هي رواية ( نجمة أغسطس ) ، وهي الرواية التي استلهمها من رحلته إلى السد العالي ، وتكاد هذه الرحلة إلى السد العالي أن تكون امتداداً لرحلة أيامه الأولى في القاهرة عند خروجه من السجن ..
  • إن نجمة أغسطس ( هي رواية رحلة ) ، والرحلة دائماً هي البحث والإكتشاف ، هي رحلة نحو الآخرين ونحو الذات ...
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.