اعلن هنا

مثال على وفاق القطبين والوطن العربي بداية الثمانينات

مثال على وفاق القطبين والوطن العربي بداية الثمانينات

  • * العالم آنذاك :


  • شهدت الأيام السالفة إعادة تقسيم المنطقة العربية بين النفوذ الامریکي والنفوذ السوفيتي ، ولكننا نلاحظ في نفس الوقت اختلافاً عما تعودنا عليه من أساليب وأشكال النفوذ وتقسيمه ..
  • و اختلافاً في درجة حماس الدولتين الأعظم ..
  • و اختلافاً في الغرض من هذا النفوذ ...
  • ويلفت النظر للوهلة الأولى أن الرغبة لدى الدولتين الأعظم لبسط النفوذ أقل إلحاحاً من رغبة بعض دول المنطقة لمنح النفوذ ..
  • بل ولربما لاحظنا درجات من التمنع في بعض الحالات ، رغم تلويح الدول الداعية بالخطر الذي يتهدد الدولتين المدعوتين إذا تخلفتا عن الحضور والإقامة .
  • * الوفاق الدولي :


  • وليس كل التمنع ناتجاً عن الخشية من الوقوع في حبائل أزمات هذه الدول ، كما أنه لا يعني عزوفآ عن النفوذ أو زهدآ فيه ..
  • فلا توجد دولة لا تسعى إليه أو لا تتمناه ، ولكن منذ أن صار الوفاق بين الدولتين الأقوى هو الدعامة الرئيسية التي يستند إليها سلوكها الدولي ، أصبح كلاهما يحكم على درجة حدة أو جدية بقية القضايا الدولية وفقاً لمعيار محدد هو : مدى اقتراب هذه القضايا من دعامة الوفاق أو ابتعادها عنها . 
  • كذلك أصبح كلاهما أکثر وعي ودقة في حساب تكلفة النفوذ ، ولم يعد أي منها مستعداً لدفع أي ثمن في سبیل أي نفوذ خارجي في أي منطقة من العالم ..
  • * أسلحة مهربة من الدولتان العظمى :


  • كلنا نعلم أن بعض دول العالم الثالث وفي المنطقة العربية بالذات ، تلقت خلال الحرب الباردة بما قيمته بلايين الدولارات أسلحة وخبراء ومعدات من الدولتين الأعظم ، وفي غالب الأحوال لم تسددها ، أو لم تكن حينذاك تطالب بالسداد ...
  • أما في هذه الأيام - أیام الوفاق - فالسداد واجب قبل التعاقد أو بعده مباشرة ، بشروط لاتوصف بأنها میسرة . 
  • ونعلم أيضاً أن جدلاً طويلاً ومكثفآ دار في مراكز صنع القرار السياسي ، ومعاهد التحليل والدراسة في كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الأعوام القليلة الماضية عن مردود الانغماس والتورط في مناطق النفوذ . 
  • فقد خاضت كلتا الدولتين تجارب قاسية في مناطق أو دول ، ساد الظن وقتها أنها صارت قلاع لنفوذ هذه الدولة أو تلك ، وكانت المفاجأة حين انهارت هذه القلاع في مواجهة أول إعصار ، وفي أمثلة معروفة انهارت القلاع دون أي إعصار !
  • * حقيقة الوفاق :


  • والوفاق - كما هو معروف - حلقة من حلقات تطور نظام القطبين ، وهو النظام الدولي الذي أثمرته الحرب العالمية الثانية ، مر هذا النظاام أولاً بحلقة الحرب الباردة كضرورة فرضتها مرحلة ما بعد الحرب ، وحاجة كل من العملاقين إلى تأمين طاعة وولاء حلفائه وتأسیس دعائم قوية لنظام القطبين . 
  • وقد فرضت هذه المرحلة قواعد معينة لسلوك الدولتين ، من بينها التسابق الحاد بينها لاكتساب مناطق نفوذ جديدة مهما بلغت فداحة التكاليف ، ثم جاء الوفاق كضرورة جديدة فرضتها ظروف تطور القوة الدولية وانتشارها و بروز طموحات أطراف دولية ناشئة، والظروف الإقتصادية في كلتا دولتي القمة ، وظهور ملامح تكاملية بين المعسكرين الشرقي والغربي .. وغيرها من العوامل . 
  • أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تغير العديد من قواعد السلوك الدولي لطرفي القمة ، ومنها العلاقات مع دول العالم الثالث ، ولكن ظلت المحافظة على نظام القطبين أهم أهداف القطبين .. 
  • والسبب !!
  • فقط لأنه :
  • 1_ النظام الذي يسمح لها بالهيمنة على النظام الدولي بأسره ..
  • 2_ وأيضاً لأنه النظام الذي حقق منهما أقصى اتساع ممكن ، وأقصى أمن ممکن وأقصى استقرار ممكن . 
  • * من قواعد اللعبة :


  • لا يوجد تناقض بين تمسك الدولتين بسياسة الوفاق وبين التنافس بينهما على النفوذ غير الباهظ التكاليف ، وبين مواصلة كل منها العمل لإثبات إمكانية تحقيق أقصى رفاهة وعدالة لشعبيهما ، عن طريق النظام الأيديولوجي السائد ، والاستمرار في اقناع دول أخرى بمزايا هذه الأيديولوجية ... 
  • الوفاق إذن لا يعني أن يتجمد نظام القطبين أو النظام الدولي ، ليس فقط لأن الوفاق نفسه وليد حالة توازن متطور ومتحرك ، ولكن أيضاً لأنه في حد ذاته تفاعل دولي بين طرفين يؤثران في بقية أطراف النظام الدولي ويتأثران بها . 
  • ولذلك فإنه لايتصور أن يصل التوازان في اي وقت إلى حالة توازن ساکن حتى لو شاء طرفا القمة . 
  • كما أنه لا يتصور أنه بينما يتطور التوازن ويتحرك تسكن حركة القطبين أو تثبت . 
  • ومع فرصت ذلك نسمع في عالمنا الثالث عدداً من قادته السياسيين يتمسكون بأفکار ونظریات رسخت في أذهانهم منذ سنين الحرب الباردة عن علاقات القطبين ببعضهما وبغيرهما ، أو عن السلوك الدولي بصفة عامة ، وكأن العلاقات الدولية ومفاهيم القوة سكنت وتجمدت عند مرحلة معينة ..
  • أو كأنهم يشعرون أن أفضل مناخ اطمأنوا فيه كان مناخ الحرب الباردة فيحاولون من مواقعهم الضعيفة إثارة نظام غرائز هذه الحرب عند العناصر المتطرفة في كلتا الدولتين الأعظم . 
  • * اختلاف معايير الحكم :


  • لقد اختلفت معايير الحكم على خطورة القضايا اختلاف قواعد السلوك الدولي ... 
  • الولايات المتحدة التي شنت حرباً ضارية وطويلة في فيتنام ، لتحول دون قیام نظام شيوعي في جزء من فيتنام ، تتغاضى اليوم عن محاولات إنشاء فدرالية شيوعية في شبه جزيرة الهند الصينية ...
  • فالحرب الفيتنامية الأمريكية نشبت حين كانت مناطق النفوذ تبرر فداحة التكاليف ، ولا يتصور في ظل الوفاق أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع التوسع الفيتنامي لسببين :
  • الأول _أن إنشاء فدرالية شيوعية في الهند الصينية لايمس قواعد الوفاق مساس مباشر .
  • الثاني _ أن النشاط الفيتنامي يمثل في الحقيقة تجسيداً لواقع تزايد القوة السوفيتية بالمقارنة بالقوة الأمريكية ..
  • وهي زيادة نسبية لاتعد خرق لأسس نظام التطبيق أو لمبادىء الوفاق ، إذ من الضروري أن يكون النظام مرن ، بحيث يسمح للزيادة في قوة طرف بأن تترجم نفسها في شكل توسع في النفوذ أو الإنتشار الأيديولوجي . أما إذا كان النظام جامداً متصلبآ ، فإن زيادة ولو طفيفة في قوة طرف فمالها الإنفجار في وجه الطرف الآخر ، وفي هذا يختلف نظام القطبين عن نظام الأقطاب المتعددة ، أو نظام توازن القوى ، لأنه في نظام الأقطاب المتعددة فعان أي زيادة في قوة قطب من الأقطاب تفرض فوراً تعديلاً في نظام الأحلاف ، يعود بعده النظام الدولي إلى حالة توازن جدید . 
  • * خاتمة :


  • نلاحظ أن القطبين حريصان كل الحرص على أن تكون الزيادة في إمكانيات كل منها زيادة مقبولة ومحتملة ، أو أن يقوم القطب الذي سمحت قدراته على تحقيق زيادة في القوة في مرحلة ما بانغ يتغاضى عن توسع محدود في النفوذ الدولي ، يحققه الطرف الآخر ، بحيث لايدع فرصته للمتطرفين داخل القطب الأقل قوة لإثارة نعرات الحرب الباردة من جديد .
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.