-
* العالم آنذاك :
-
شهدت الأيام السالفة إعادة تقسيم المنطقة العربية بين النفوذ الامریکي والنفوذ السوفيتي ، ولكننا نلاحظ في نفس الوقت اختلافاً عما تعودنا عليه من أساليب وأشكال النفوذ وتقسيمه .. - و اختلافاً في درجة حماس الدولتين الأعظم ..
- و اختلافاً في الغرض من هذا النفوذ ...
- ويلفت النظر للوهلة الأولى أن الرغبة لدى الدولتين الأعظم لبسط النفوذ أقل إلحاحاً من رغبة بعض دول المنطقة لمنح النفوذ ..
- بل ولربما لاحظنا درجات من التمنع في بعض الحالات ، رغم تلويح الدول الداعية بالخطر الذي يتهدد الدولتين المدعوتين إذا تخلفتا عن الحضور والإقامة .
-
* الوفاق الدولي :
-
وليس كل التمنع ناتجاً عن الخشية من الوقوع في حبائل أزمات هذه الدول ، كما أنه لا يعني عزوفآ عن النفوذ أو زهدآ فيه .. - فلا توجد دولة لا تسعى إليه أو لا تتمناه ، ولكن منذ أن صار الوفاق بين الدولتين الأقوى هو الدعامة الرئيسية التي يستند إليها سلوكها الدولي ، أصبح كلاهما يحكم على درجة حدة أو جدية بقية القضايا الدولية وفقاً لمعيار محدد هو : مدى اقتراب هذه القضايا من دعامة الوفاق أو ابتعادها عنها .
- كذلك أصبح كلاهما أکثر وعي ودقة في حساب تكلفة النفوذ ، ولم يعد أي منها مستعداً لدفع أي ثمن في سبیل أي نفوذ خارجي في أي منطقة من العالم ..
-
* أسلحة مهربة من الدولتان العظمى :
-
كلنا نعلم أن بعض دول العالم الثالث وفي المنطقة العربية بالذات ، تلقت خلال الحرب الباردة بما قيمته بلايين الدولارات أسلحة وخبراء ومعدات من الدولتين الأعظم ، وفي غالب الأحوال لم تسددها ، أو لم تكن حينذاك تطالب بالسداد ... - أما في هذه الأيام - أیام الوفاق - فالسداد واجب قبل التعاقد أو بعده مباشرة ، بشروط لاتوصف بأنها میسرة .
- ونعلم أيضاً أن جدلاً طويلاً ومكثفآ دار في مراكز صنع القرار السياسي ، ومعاهد التحليل والدراسة في كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الأعوام القليلة الماضية عن مردود الانغماس والتورط في مناطق النفوذ .
- فقد خاضت كلتا الدولتين تجارب قاسية في مناطق أو دول ، ساد الظن وقتها أنها صارت قلاع لنفوذ هذه الدولة أو تلك ، وكانت المفاجأة حين انهارت هذه القلاع في مواجهة أول إعصار ، وفي أمثلة معروفة انهارت القلاع دون أي إعصار !
-
* حقيقة الوفاق :
-
والوفاق - كما هو معروف - حلقة من حلقات تطور نظام القطبين ، وهو النظام الدولي الذي أثمرته الحرب العالمية الثانية ، مر هذا النظاام أولاً بحلقة الحرب الباردة كضرورة فرضتها مرحلة ما بعد الحرب ، وحاجة كل من العملاقين إلى تأمين طاعة وولاء حلفائه وتأسیس دعائم قوية لنظام القطبين . - وقد فرضت هذه المرحلة قواعد معينة لسلوك الدولتين ، من بينها التسابق الحاد بينها لاكتساب مناطق نفوذ جديدة مهما بلغت فداحة التكاليف ، ثم جاء الوفاق كضرورة جديدة فرضتها ظروف تطور القوة الدولية وانتشارها و بروز طموحات أطراف دولية ناشئة، والظروف الإقتصادية في كلتا دولتي القمة ، وظهور ملامح تكاملية بين المعسكرين الشرقي والغربي .. وغيرها من العوامل .
- أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تغير العديد من قواعد السلوك الدولي لطرفي القمة ، ومنها العلاقات مع دول العالم الثالث ، ولكن ظلت المحافظة على نظام القطبين أهم أهداف القطبين ..
- والسبب !!
- فقط لأنه :
- 1_ النظام الذي يسمح لها بالهيمنة على النظام الدولي بأسره ..
- 2_ وأيضاً لأنه النظام الذي حقق منهما أقصى اتساع ممكن ، وأقصى أمن ممکن وأقصى استقرار ممكن .
-
* من قواعد اللعبة :
-
لا يوجد تناقض بين تمسك الدولتين بسياسة الوفاق وبين التنافس بينهما على النفوذ غير الباهظ التكاليف ، وبين مواصلة كل منها العمل لإثبات إمكانية تحقيق أقصى رفاهة وعدالة لشعبيهما ، عن طريق النظام الأيديولوجي السائد ، والاستمرار في اقناع دول أخرى بمزايا هذه الأيديولوجية ... - الوفاق إذن لا يعني أن يتجمد نظام القطبين أو النظام الدولي ، ليس فقط لأن الوفاق نفسه وليد حالة توازن متطور ومتحرك ، ولكن أيضاً لأنه في حد ذاته تفاعل دولي بين طرفين يؤثران في بقية أطراف النظام الدولي ويتأثران بها .
- ولذلك فإنه لايتصور أن يصل التوازان في اي وقت إلى حالة توازن ساکن حتى لو شاء طرفا القمة .
- كما أنه لا يتصور أنه بينما يتطور التوازن ويتحرك تسكن حركة القطبين أو تثبت .
- ومع فرصت ذلك نسمع في عالمنا الثالث عدداً من قادته السياسيين يتمسكون بأفکار ونظریات رسخت في أذهانهم منذ سنين الحرب الباردة عن علاقات القطبين ببعضهما وبغيرهما ، أو عن السلوك الدولي بصفة عامة ، وكأن العلاقات الدولية ومفاهيم القوة سكنت وتجمدت عند مرحلة معينة ..
- أو كأنهم يشعرون أن أفضل مناخ اطمأنوا فيه كان مناخ الحرب الباردة فيحاولون من مواقعهم الضعيفة إثارة نظام غرائز هذه الحرب عند العناصر المتطرفة في كلتا الدولتين الأعظم .
-
* اختلاف معايير الحكم :
-
لقد اختلفت معايير الحكم على خطورة القضايا اختلاف قواعد السلوك الدولي ... - الولايات المتحدة التي شنت حرباً ضارية وطويلة في فيتنام ، لتحول دون قیام نظام شيوعي في جزء من فيتنام ، تتغاضى اليوم عن محاولات إنشاء فدرالية شيوعية في شبه جزيرة الهند الصينية ...
- فالحرب الفيتنامية الأمريكية نشبت حين كانت مناطق النفوذ تبرر فداحة التكاليف ، ولا يتصور في ظل الوفاق أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع التوسع الفيتنامي لسببين :
- الأول _أن إنشاء فدرالية شيوعية في الهند الصينية لايمس قواعد الوفاق مساس مباشر .
- الثاني _ أن النشاط الفيتنامي يمثل في الحقيقة تجسيداً لواقع تزايد القوة السوفيتية بالمقارنة بالقوة الأمريكية ..
- وهي زيادة نسبية لاتعد خرق لأسس نظام التطبيق أو لمبادىء الوفاق ، إذ من الضروري أن يكون النظام مرن ، بحيث يسمح للزيادة في قوة طرف بأن تترجم نفسها في شكل توسع في النفوذ أو الإنتشار الأيديولوجي . أما إذا كان النظام جامداً متصلبآ ، فإن زيادة ولو طفيفة في قوة طرف فمالها الإنفجار في وجه الطرف الآخر ، وفي هذا يختلف نظام القطبين عن نظام الأقطاب المتعددة ، أو نظام توازن القوى ، لأنه في نظام الأقطاب المتعددة فعان أي زيادة في قوة قطب من الأقطاب تفرض فوراً تعديلاً في نظام الأحلاف ، يعود بعده النظام الدولي إلى حالة توازن جدید .
-
* خاتمة :
-
نلاحظ أن القطبين حريصان كل الحرص على أن تكون الزيادة في إمكانيات كل منها زيادة مقبولة ومحتملة ، أو أن يقوم القطب الذي سمحت قدراته على تحقيق زيادة في القوة في مرحلة ما بانغ يتغاضى عن توسع محدود في النفوذ الدولي ، يحققه الطرف الآخر ، بحيث لايدع فرصته للمتطرفين داخل القطب الأقل قوة لإثارة نعرات الحرب الباردة من جديد . -
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.
- الرئيسية
-
التصنيفات
-
مثال على الأدب العربي
- مثال على الأدب في العصر الجاهلي
- مثال على الأدب في العصر الأموي وصدر الإسلام
- مثال على الأدب في العصر العصر العباسي
- مثال على الأدب في العصر الأندلسي
- مثال على الأدب في العصور المتتابعة
- مثال على أدب البلدان
- مثال على الأدب في العصر الحديث و المعاصر
- مثال على النقد الأدبي
- مثال على الأدب المسرحي
- مثال على الخطابة
- مثال على الكتابة الأدبية
- مثال على أدب الأطفال
- مثال على الفروقات
- مثال على معاني المفردات و الكلمات
- مثال على منوعات في الأدب العربي
- مثال على القصص و الروايات
- مثال على الشعر العربي
- مثال على قواعد اللغة العربية
- مثال على مؤلفات وكتب
- مثال على التاريخ والحضارة
-
مثال على الإسلام والأديان
- مثال على علوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف
- الأدعية و الأذكار
- مثال على التفسير و التجويد
- الأخلاق و العبادات وتزكية النفس
- مثال على السيرة النبوية
- رمضان و الصوم
- الجنة و النار واليوم الآخر
- مثال على الفرق و المذاهب و الأديان
- مثال على علامات الساعة وعذاب القبر
- مثال على الفتاوى الإسلامية
- شبهات ومعتقدات خاطئة عن الإسلام
- مثال على العقيدة الإسلامية
- أحكام فقهية وشرعية
- معلومات دينية عامة
- معلومات دينية للأطفال
- الحج و العمرة
- مثال على تراجم القرّاء
-
مثال على المأكولات
- مثال على الأطباق الرئيسة
- مثال على أطباق منوعة من حول العالم
- مثال على أطباق سهلة وسريعة
- مثال على أطباق جانبية /مقبلات
- مثال على أطباق بالمكرونة
- مثال على أطباق للرجيم
- مثال على الحلويات
- مثال على السلطات
- مثال على المخبوزات /الفطائر
- مثال على المشروبات والعصائر
- مثال على أطباق بدون فرن
- مثال على الأطباق النباتية
- مثال على أطباق صحية
- مثال على الأطباق الغريبة
- مثال على ساندويتشات
- مثال على الشوربات
- مثال على أسئلة وأجوبة في المطبخ
- مثال على الطب و الصحة و الجمال
- مثال على العلوم
- المزيد...
-
مثال على الأدب العربي
- نبذة عنا
- سياسة الخصوصية
- الدخول إلى الحساب