
- من الثابت أن الشهرة كثيراً ما تجني على صاحبها في كل أمة وتاريخ ، لما يحاك حولها من الأخبار والنوادر إلى حد الأساطير ، ثم لا تلبث أن تتفشى في الناس تتفشي النار في الهشيم ، تتناقلها الأجيال لتعيش في الوجدان ملصقة بالتاريخ وما هي منه في شيء ، وكأنما على الأجيال المتعاقبة أن يأخذوا ما في الصحائف کما هو ، ولا يهم أصاب ابن خلدون أم اخطأ ابن عبد ربه ، والتاريخ بوصفه علم وفن - أو هكذا - يجب أن يكون يأبی أن يضاف إلى سجله ما ليس يدخل في منهجه حيث يقف منه شهود الحق للتزكية موقف الحذر والحيطة أو الرفض البات ...
-
- مؤرخوا التاريخ الإسلامي :
-
من حسن حظ التاريخ الإسلامي ، أن يكون مؤرخوه أو جلهم على الأقل من رواة الحديث ، اشتهروا بدقة الرواية ، وتحري الصدق فيما يكتبون ، وهي مفخرة من مفاخر الفكر الإسلامي ، إلا أن تكون هناك استثناءات ، والنادر لا يقاس عليه ، وشتان ما بين مؤرخ نزيه وقاص مغرض ، ولخبر مغلوط خير من خطأ مقصود . -
- سير المؤرخون على نهج صحيح :
-
لا يخالج أحداً شك في أن أي عمل يقبله المنطق ، ويطابق الواقع ، ويؤدي إلى غاية نبيلة ، إلا وكان معلمة على صانعه ، وهذا هو النهج الذي سار عليه في الغالب السلف من المؤرخين ، وليس هذا من قبيل المغالاة أو التنزيه ، وإنما هو شهادة اعتراف لأولئك الذين كانوا القدوة والمنار على درب الحق ، ولم يسلكوا البنيات التي هي مظنة الزيغ . -
- الهدف من هذا المقال :
-
ومهما كان فإن هذه السطور لن تكون إلا محاولة إنصاف لواقع تاريخي يمس حياة رجل قبل أن يكون دفاعاً عنه ، وذلك الرجل طالما تعسفت عليه بعض المصادر الأدبية ، وكالت له تهم أخلاقية صيغت في حكايات ماسخة تعبر في مجملها عن شهادة ب ( سوي السلوك ) لا بحسنه ، مستخرجة من سجل غير عدل لخلوه من دلائل الإثبات ، كي تجعل إدانته موضوعية ، ونحن عندما نستعرض أسماء من التاريخ فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو هارون الرشید ... -
- ماذا قالوا ؟
-
إن المنصف ليندهش وهو يرى هذا العدد الجم من الروايات المدسوسة ، التي ترد في بعض المصادر الأدبية ، کالعقد الفريد والأغاني وألف ليلة وليلة وغيرها ، كلها تصور هارون الرشید غارقاً في اللهو والمجون آناء الليل وأطراف النهار ، وقد اتخذ التشويه لسيرته أشکالآ عديدة ، وصوراً متباينة هي آية في الأحكام والسبك ، حتى ليوشك أن يترسخ في الأذهان أن ما قيل عن الرجل صحيح ، ولاسبيل إلى الشك فيه أو رده ... -
- أمثلة على تشويه سيرة الرشيد :
-
جورج زيدان يتخذ من قصة « العباسة » المختلقة ذريعة للتشهير ، ومطعن على الرشيد في عرضه .. - وأبي الفرج الأصبهاني قبله بقرون ، يرسم له صورة مقذعة يتحدث فيها عن مجالس لهوه وشرابه مع أبي نواس ..
- أما صاحب العقد الفريد فيطلعنا على صور للرجل أكثر بشاعة ، وتشويه ، يبدو فيها مستلقي بين أيدي الجواري في مختلف الأوضاع ، وكل صورة هو معهن في شأن . ولا نرى داعياً لذكر ما جاء في ألف ليلة وليلة وغيرها ، لأنه کتاب معروف .
- - وختاماً نقول :
- ليس غريباً بعد هذا ، أن يسهم في حملات التشهير والإفتراء على الرشید ، مستشرقون معادون للإسلام ، ولقادته الأعلام.
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.