- خلق الله الأرض ، وجعل فيها شروطاً مناسبة للمخلوق الذي سيوجده ، ثم فطر هذا المخلوق ، ومنحه مؤهلات وقدرات يستخدمها لاستخراج ما يصلح له من هذه الأرض ، وفي الوقت نفسه سخر له الأرض وذللها ، فكل ما فيها موافق لحياة هذا المخلوق نعمة وفضلاً ، وإن كان الإنسان ينسى هذه النعم لأنها تغمره باستمرار ،
- ولقد أنعم الله على ابن آدم نعم لاتعد ولا تحصى ، فقد أودعه الله من أرزاق وخيرات في الأرض ، وفي جوفها يستطيع الإنسان أن يحصل على هذه الخيرات بما منحه الله من عقل يستعمله ، ويستفيد من تجاربه وخبراته التي يكتسبها هو وغيره على مدى الدهر فالقوانين ثابتة ، وسنة الله لا تتغير .
- ولقد منح الله الإنسان العقل ، غير أن بعضهم قد هداهم عقلهم للإيمان فآمنوا ولهم أجرهم عند ربهم ، وجحد بعضهم نعمة الله وأنكرها ، وأنكر وجوده فله جزاؤه أيضاً عند ربه يوم القيامة ، أما في الحياة الدنيا فالجميع يعملون وكل مسؤول عن عمله أيضاً ..
-
- الأرض بين المؤمن والكافر في مفهوم السعي لإستخراج خيرات الأرض :
-
إن الأرض قد جعلها مذللة للمسلم والكافر على حد سواء ، وكل يستعمل عقله ، ويتخذ الأسباب ، وكلما جد حصد النتائج وتوصل إلى معطيات أفضل ، وكلما توانى وتكاسل لم يظفر بحاجته وعاش عالة على الآخرين ، هذه سنة الله في الكون ، وسنة الله لا تتبدل . -
- الإسلام يحث على العمل في مفهوم السعي لإستخراج خيرات الأرض :
-
الإسلام حث على السعي ، وحض على البذل لاستخراج ما في الأرض من خيرات وكنوز ، والأرض مذللة للجميع لا تمتنع عن أحد ، ولا ترصد أبوابها في وجه أحد ، والقوانين مبذولة للجميع ، وثابتة للكل لا تتحول عن صياغتها ، والعقول ممنوحة للناس سواء ، وما على المرء إلا أن يعمل عقله ، ويتعرف على ما أودع الله من خصائص وأسرار في قوانين هذا الكون ، ويمكنه الإفادة مما توصل إليه الآخرون ، ويضيف ، ويستنبط ، ويستخرج الخيرات ، قال تعالى : ( هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ ذَلُولًا فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِۦ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ )[ الملك : 15 ] . - فمن اتخذ الأسباب ، وسلك السبيل الصحيح تم له ما يريد إن أراد الله له ذلك .
-
- نتائج السعي ونتائج الكسل في مفهوم السعي لإستخراج خيرات الأرض :
-
لقد قام المسلمون الأوائل بما فرضه عليهم دينهم من :( السعي والبذل ) ، فدانت لهم الأرض ، وألقت بكنوزها لهم ، وتوصلوا إلى أشياء كانت آنذاك ابتكارات رائعة . - ثم نام منهم من نام ، وتواكل من تواكل وظن أن الرزق يأتي دون سعي ، بركات الأرض تخرج دون تعب ، وما ذلك إلا للجهل الذي انتشر ، وعدم المعرفة الذي ساد ، فالتواكل ، والجهل ، والقعود عن العمل ، خسران مبين..
-
- تفسيرات خاطئة في مفهوم السعي لإستخراج خيرات الأرض :
-
لقد فسّر الكسالى كتاب الله تفسيراً ما سبقهم إليه أحد ، ولا قاله قبلهم أهل علم :( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )[ الاعراف : 96 ] . - فالإيمان وحده لا يكفي فالسماء لا تُمطر ذهباً على المؤمنين ، ولا تخرج لهم فضة ، ولكن لا بد من العمل واتخاذ الأسباب ، كذلك العمل بلا إيمان لا يكفي أبدأ فالإيمان قوة دافعة نحو الحق والخير .
-
- الفرق بين الدول النامية والمتطورة في مفهوم السعي لإستخراج خيرات الأرض :
-
- من هذا المنطلق فإن الدول الغنية والمتطورة :
- هي التي تطبق العلم على العمل ، وتسلك سبيل التنظيم والتخطيط ، وتقوم بالمشروعات الإنمائية ، وتوفر كل ما يحتاج إليه بناء الدولة والتطور الاقتصادي من وسائل علمية وعملية .
-
- أما الدول المتخلفة :
- فلا تطبق العلم لعدم توفره ولانتشار الجهل ، ولا تقوم بالمشروعات لإهمال الدولة واهتمامها بشؤون المتنفذين ، وهذا ما يفقد أعمال التنظيم والتخطيط ، وفوق كل هذا فاقتصاد الأمة نهب بين رجالاتها الذين إن طالت مدتهم تسلطوا على الخيرات .
-
- في نهاية موضوعنا نحتاج أن نقول :
- أن الإيمان ليس قضية تعبدية بحتة لا صلة لها بواقع الناس في الأرض ، وإنما هو عمل في واقع الحياة ، يدفع صاحبه للعمل ليحقق مشيئة الله في خلافة الأرض وعمارتها ، ويدفع صاحبه ليحصل على بركات من السماء والأرض ، ويدفع صاحبه لأنه مأمور بذلك ، وهذا العمل يؤدي إلى الإنتاج ، ويؤدي إلى ترقية الحياة وتطورها ، ونموها باستمرار.
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.