- كان الخلفاء الراشدين يستشيرون أهل الرأي والعلم من صحابة رسول الله ﷺ ، ونأخذ مثالآ واضحاً عن أحد الخلفاء الراشدين وهو ( علي رضي الله عنه ) ، الذي فقد أصحاب العقول الراجحة كسند له يستشيرهم أثناء حدوث قضايا عصيبة، حيث دعته الظروف إلى الانتقال إلى الكوفة ، ومغادرة المدينة موطن الصحابة ، ومقر رجال الشورى ، ولم تعد للشورى نتائجها الإيجابية ..
- وكان أكثر رجال علي ، رضي الله عنه ، من الجيل الجديد الذين أتوا بعد صحابة رسول الله ﷺ ، فكانوا دونهم ، إضافة إلى وجود عدد بينهم من أهل الأهواء ومثيري الفتنة ، منهم الأعراب ، ومنهم الذين دخلوا في الإسلام حديثاً ، إذ كان ينصحهم فلا يقبلون ، ويشير عليهم فلا يهتمون ، ويدعوهم فلا يستجيبون ، ويأمرهم فلا يطيعون حتى تمنى الخلاص منهم ..
-
- قواعد الشورى التي سار عليها الخلفاء الراشدين :
-
هناك مجموعة أسس وقواعد سار عليها الخلفاء الراشدون ، وسنذكرها تباعاً : -
1 - الشورى واجبة على الخليفة :
- فيها نُصح للأمة ، وعلى الرعية وأصحاب الرأي ، وأهل الحل والعقد أن يبدوا رأيهم بوضوح ولو كان يخالف رأي الخليفة .
-
2 ـ لا يجبر الخليفة أو الأمير إنساناً على رأي ما .
-
3 ـ لا يصح أن يستمر الإنسان يدافع عن رأيه :
- ويعارض بقية الآراء بعد صدور أوامر الخليفة ، حيث لا توجد معارضة في الإسلام ، وإنما عليه ويطيع وأن يحتفظ برأيه لنفسه .
-
4 ـ لا يستشير الخليفة مع وجود نص من القرآن الكريم أو السنة الشريفة :
- فالشورى قاعدة اجتهادية ، ولا اجتهاد مع وجود نص .
-
5 ـ إذا اتجهت أكثر آراء أهل الشورى نحو رأي معين :
- وتمت القناعة لديهم بذلك الرأي ، فإن الخليفة أو الأمير ملزم به ، وإن لم يلتزم فإنما يكون قد عطل الشورى ، وترك النصح للأمة ، وكلا الأمرين واجب عليه .
-
6 - إذا تمت قناعة الخليفة بأمر وذلك :
- بعد سماع آراء ولو كانت قليلة ، ولم يسمع آراء مخالفة التزم به ، وأنفذه .
-
7 ـ يمكن للخليفة أن ينفذ أمراً ولو خالف آراء أكثرية أهل الشورى :
- إن كانت هناك مصلحة للأمة ، ولا يستطيع أن يبوح فيها أمام الجميع ، كإخفاء رسول الله ﷺ ، مهمة عمه العباس ، إذ لم يكن يعلمها سوى الصديق .
-
8 - ليست هناك أقلية وأكثرية وإنما يتكلم من له رأي :
- ويعرض رأيه وتناقش الآراء المطروحة ، وتُقلب وجهات النظر حتى بصراحة ووضوح ، تتم القناعة بوجهة نظر معينة ، فيعمل الأمير على إنفاذها .
-
9 - إذا لم تتم قناعة الجميع بوجهة نظر :
- وبقي اختلاف في وجهات النظر فإنه يمكن للأمير أن يعمل بإنفاذ وجهة النظر التي يراها دون البحث في موضوع أقلية أو أكثرية ، وعلى الناس أن يسمعوا ويطيعوا أميرهم .
-
10 - الشورى ليست للرعية كلها :
- وإنما لأصحابها من أولي الرأي ، ولكن هذا لا يمنع من أن يبدي أي فرد رأيه ، وله حق الاعتراض حتى يصل إليه الجواب ، فإن وصل إليه رأي المسؤول المستند على أصحاب الحل والعقد سمع وأطاع وترك ما كان يراه .
-
11 - يناقش المسؤول وأهل الرأي أي اعتراض مهما كان :
- ومن أي كان ، ويرسلوا لصاحبه الجواب الصحيح .
-
12 - يمكن للأمير أن يوسّع دائرة الشورى إذا لم تتم القناعة بالشورى من دائرة معينة .
-
- الشورى بعد عصر الخلفاء الراشدين :
-
استمرت الشورى بعد الخلفاء الراشدين غير أن صفاءها بدأ يقل تدريجياً وإيجابياتها تضعف مع الزمن ، وربما كان ذلك لأن بعض من يستشيرهم الخليفة بدؤوا يزينون له رأيه ، يبغون التزيف ، ولا ينصحون له ، حتى أصبحت بطانة الحكام في النهاية تحجبهم عن الرعية فلا يسمعون إلا من البطانة التي لها مصالح ولها أطماع... - لقد قل الخوف من الله ، ولم يعد للشورى مفهومها الذي وجدت له ، ولم يعد لرجالها تلك المكانة التي خولتهم أن يكونوا فيها .
-
- وفي النهاية لا بد من أن نقول :
- إن الشورى تحتاج إلى رجال مؤمنين ، ومجتمع سليم يعرف معنى النُصح ، ولا يفسّره بالمصلحة ولا يعلله ولا يؤوله ، فإن سوء الظن من مرض النفس وشغلها بهواها ، ولذا علينا الاهتمام الكبير بالتربية ، والعناية الكبيرة بالأخلاق ، والرعاية الشاملة لتهذيب النفوس وإعطاء القيمة الحقيقية للمعاني والأثر الكبير للنتائج حتى نستطيع أن نوجد ذلك المجتمع ثم نقيم دعائم الشورى والحكم الإسلامي .
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.