- لم يكن عهد الصديق طويلاً ، وكان مليئاً بالأحداث الجسام التي كادت تعصف بالدولة ، وقد شغل الارتداد جزءاً منه ، وكانت السمة العامة للمجتمع الإسلامي عندما يحكمه شرعه مساواة تامة ، لا مساواة شعارات ، أو مساواة نسبية حسب مراكز السلطة ومقامات الأفراد ، وإنما هي مطلقة .
-
- مهام الخليفة في المجتمع الإسلامي زمن الفاروق عمر :
-
لا يختلف رأس السلطة الذي هو الخليفة عن أدنى رجل في المجتمع حتى أهل الكتاب من الذمة ، فهو فرد من المجتمع ، وقد سلمته الأمة قيادتها ، ليحافظ عليها ، وكان عمر يشعر بالمسؤولية التامة ، ويحس بالعبء الثقيل الملقى على عاتقه ، لذا كان دائم التفكير بالرعية ، يخشى على نفسه من التقصير بواجباته فيكون حسابه عسيراً أمام الله . - قال الأحنف بن قيس :
- " كنت مع عمر بن الخطاب فلقيه رجل فقال :
- ( يا أمير المؤمنين ، انطلق فأعدني على فلان فإنه قد ظلمني ) ،فرفع عمر الدرة فخفق بها رأس الرجل وقال :
- ( تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه : أعدني أعدني ) ! فانصرف الرجل وهو يتذمر ، فقال عمر : علي بالرجل : فألقى إليه المخفقة وقال : امتثل
- ( اضربني كما ضربتك ) ، فقال الرجل :
- ( لا والله ولكن أدعها الله ولك ) . قال عمر :
- ( ليس هكذا ، إما أن تدعها الله إرادة ما عنده ، أو تدعها لي فأعلم ذلك ) ، قال :
- ( أدعها الله ) ، فانصرف ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه ، فصلى ركعتين وجلس فقال :
- ( يا ابن الخطاب ! كنت وضيعاً فرفعك الله ، وكنت ضالاً فهداك الله ، وكنت ذليلا فأعزك الله ، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته ، ما تقول لربك غداً إذا أتيته ؟ ) ، فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض .
-
- اختيار الفاروق للولاة في المجتمع الإسلامي زمن الفاروق :
-
كان عمر بن الخطاب مع الولاة يختار :
- 1 -القوي الأمين منهم فليس المهم أن يكون الوالي صالحاً فقط .
- كان يقول :
- " إني لأتحرج أن استعمل الرجل وأنا أجد أقوى منه " . 2 - كان يشترط على الولاة حين يستعملهم بأن لا يظلموا أحداً في جسمه ولا في ماله .
- 3 - ألا يستغل منصبه في فائدة خاصة أو مصلحة له أو لأهل بيته .
- 4 - كان يسأل الناس عن ولاتهم ، وتمسكهم بالشرع ، وحكمهم بالعدل ، ويستمع إلى شكوى الناس على أمرائهم .
-
- الفاروق مع الرعية في المجتمع الإسلامي زمن الفاروق :
-
كان عمر مع الرعية خير أمير ، وإليكم صور من واقعه تشهد بصدق غخلاقه : -
- الصورة الأولى :
- كان يمر على النساء اللواتي ذهب رجالهن إلى الجهاد ، ويطلب منهن أن يذكرن حاجاتهن في البيع والشراء ، ويسير إلى السوق ووراءه أولادهن وجواريهن ، ويؤمن لكل صاحبة بيت طلبها .
-
- الصورة الثانية :
- إذا جاء البريد من الثغور أوصل الرسائل إلى أصحابها ، وطلب من يقرأ هذه الرسائل لمن لا تعرف القراءة أو قرأها بنفسه إن أرادت صاحبة العلاقة ، وقبل أن ينصرف يخبرهن بسير البريد ، ويحدد لهن الوقت إن كن يردن الكتابة لأزواجهن .
-
- الصورة الثالثة :
- كان مع قوم في سفر تأخر عنهم يفتش عما نسوه ، ويساعد من أبطأت به دابته ، أو من أصابه حادث .
-
- الصورة الرابعة :
- كان ينزل بالليل يتفقد من ينزل حول المدينة ، ويحرس القوافل ، ويسأل أصحاب الحاجات ، فيؤمن طلبات ذوي الاستحقاق وما يجد في طريقه ، وإذا دعا الأمر عاد إلى بيته فأخذ زوجته لتدخل على النساء اللواتي تستدعي حالتهن مهمة نسائية .
-
- الصورة الخامسة :
- كان عمر يطوف بالأسواق ، ويقضي بين الناس حيث أدركه الخصوم .
-
- الصورة السادسة :
- كان يصلي الصلاة ثم يقعد ، فيكلمه من يشاء ، وليس علی داره باب ولا حجاب .
-
- الصورة السابعة :
- كان مع الجند نعم القائد فهو القائد العام للقوات الإسلامية ، يعين القائد من الصحابة ، ويختاره على هذا الأساس ، وقد يعزل القائد فيصبح جندياً عادياً في الجيش ، ويرقي الجندي فيصبح قائداً كبيراً ، وما ذلك إلا لتقدير الشجاعة والإقدام ، وحتى لا يطمع القائد في منصبه ، ولا يضعف الجندي لمركزه .
-
- الصورة الثامنة :
- كان يفك أسرى المسلمين من بيت المال ، ويقول :
- " لأن استنقذ رجلاً من المسلمين من أيدي الكفار أحب إلي من جزيرة العرب " .
-
- الصورة التاسعة :
- كان مع الذميين نعم الحاكم العادل ، كان يفرض على الذميين ألا يتشبهوا بالمسلمين في لباسهم ، وركوبهم ، وما عدا ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم إلا في أمور قليلة معروفة ، وكان إذا أسلم الذمي سقطت عنه الجزية ، وإذا ثبت أن عليه دين يستغرق ماله كله ، يعفى من العشر ومن الجزية .
-
- حال الصحابة في المجتمع الإسلامي زمن الفاروق :
-
كان كبار الصحابة يعيشون في المدينة ، لا يسمح لهم الخليفة بالخروج منها وحتى للجهاد ، فقد كفاهـم جـهـادهـم مع رسول الله ﷺ ، يستشيرهم في القضايا ، ويستفتيهم في المشكلات التي تقع له وللمسلمين ، كما يريد منهم أن يكونوا قدوة يحتذى بها في الوسط الذي يعيشون به ، وكان الصحابة ينصحون الخليفة ، ويعيشون معه قضايا الدولة ، كما يوجهون الناس ويفقهونهم في الدين ، والصحابة كلهم إخوة محبتهم بعضهم لبعض فوق مستوى محبة الأشقاء . -
- حال الرعية زمن الفاروق عمر في المجتمع الإسلامي :
-
كان الناس كتلة واحدة متراصة يشعر كل من بقي في مقره أنه المسؤول عن أسر المجاهدين الذين في الغزو ، وبخاصة أنه يرى الخليفة بنفسه يقوم بهذه المسؤولية ، ويتحمل التبعات ، وتشعر الأسر بالترابط والمودة ما دام يجمعها جامع العقيدة ويربطها رابط الموقف الواحد وهو أن الرجال في الجبهات وعلى الثغور يعملون لإعلاء كلمة الله الأبناء والأمهات ، والمسنون ينتظرون نتائج المعارك وحوادث الجهاد ، ويرعون الرعاية التامة من خليفتهم وأمرائهم فيقلدون ، والإيمان يدفعهم إلى ذلك ، والإسلام يحثهم على المودة والرحمة : - « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر البدن بالسهر والحمى ».
- فما من حادثة تحدث في المجتمع إلا ويشارك فيها جميعه .
-
- عام المجاعة في المجتمع الإسلامي زمن الفاروق :
-
عام المجاعة الذي عرف بعام الرمادة وهو عام 18 هـ قد جاع الناس جميعاً ، فاشتركوا بالضراء ، وتناولوا ما عند بعضهم جميعاً ، وعندما بدأت تصل الأقوات من الأمصار بدأت توزع على الأفراد في المناطق التي أصابها البلاء ، وعمها الضر بلا استثناء ، فكل بيت يناله ما ينال جواره بغض النظر عن الأسبقية في الإسلام والأفضلية وبغض النظر عن العقيدة التي يدين بها أبناؤه ، فالمسلمون والذميون على حد سواء ، ينال الجميع الخير كما أصاب الجميع الضر . -
وفي الختام نقول :
- هكذا كان المجتمع سعيداً بكل أفراده ، في زمن الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، مجتمعآ فاضلاً بكل سلوكه ، متماسكاً بكل لبناته ، تسوده المساواة ، وتنطلق فيه الحرية ، وتعشعش فيه المودة ، وتعيش فيه الرحمة .
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.
- الرئيسية
-
التصنيفات
-
مثال على الأدب العربي
- مثال على الأدب في العصر الجاهلي
- مثال على الأدب في العصر الأموي وصدر الإسلام
- مثال على الأدب في العصر العصر العباسي
- مثال على الأدب في العصر الأندلسي
- مثال على الأدب في العصور المتتابعة
- مثال على أدب البلدان
- مثال على الأدب في العصر الحديث و المعاصر
- مثال على النقد الأدبي
- مثال على الأدب المسرحي
- مثال على الخطابة
- مثال على الكتابة الأدبية
- مثال على أدب الأطفال
- مثال على الفروقات
- مثال على معاني المفردات و الكلمات
- مثال على منوعات في الأدب العربي
- مثال على القصص و الروايات
- مثال على الشعر العربي
- مثال على قواعد اللغة العربية
- مثال على مؤلفات وكتب
- مثال على التاريخ والحضارة
-
مثال على الإسلام والأديان
- مثال على علوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف
- الأدعية و الأذكار
- مثال على التفسير و التجويد
- الأخلاق و العبادات وتزكية النفس
- مثال على السيرة النبوية
- رمضان و الصوم
- الجنة و النار واليوم الآخر
- مثال على الفرق و المذاهب و الأديان
- مثال على علامات الساعة وعذاب القبر
- مثال على الفتاوى الإسلامية
- شبهات ومعتقدات خاطئة عن الإسلام
- مثال على العقيدة الإسلامية
- أحكام فقهية وشرعية
- معلومات دينية عامة
- معلومات دينية للأطفال
- الحج و العمرة
- مثال على تراجم القرّاء
-
مثال على المأكولات
- مثال على الأطباق الرئيسة
- مثال على أطباق منوعة من حول العالم
- مثال على أطباق سهلة وسريعة
- مثال على أطباق جانبية /مقبلات
- مثال على أطباق بالمكرونة
- مثال على أطباق للرجيم
- مثال على الحلويات
- مثال على السلطات
- مثال على المخبوزات /الفطائر
- مثال على المشروبات والعصائر
- مثال على أطباق بدون فرن
- مثال على الأطباق النباتية
- مثال على أطباق صحية
- مثال على الأطباق الغريبة
- مثال على ساندويتشات
- مثال على الشوربات
- مثال على أسئلة وأجوبة في المطبخ
- مثال على الطب و الصحة و الجمال
- مثال على العلوم
- المزيد...
-
مثال على الأدب العربي
- نبذة عنا
- سياسة الخصوصية
- الدخول إلى الحساب