-
أثر الإسلام في اللغة والأدب :
-
•كان لمجيء أنوار الإسلام على جزيرة العرب آثاراً عظيمة في شتى مجالات الحياة بمختلف أطيافها ،إذ أنّه أبطل كثير من العادات والممارسات والعقائد والمفاهيم ،وأجرى التعديل على كثيرٍ من القيم والأخلاق الراسخة والأحوال السائدة، وأبقى منها على ما يوافق تعاليمه ومنهجه القويم ،واستحدث أخرى هي أرقى وأتقى . -
•ومن الآثار التي أحدثها الإسلام في ميدان اللغة والأدب :
-
-فمن جهة الشعر ومكانة الشاعر ،إذ كان الشاعر آنذاك يُمثِّل عَلَم القبيلة وأهدافها وتوجهاتها ورسولها إلى من حولها من القبائل يعلي من شأنها ويذود عنها أذى أعدائها ،ومع مجيء الإسلام ورسوخ قدمه استُعيض عنه بالخطابة، وتصدّر الخطيب مجلس الشاعر ومكانته في الأهمية والرقيّ ؛وذلك لحاجة المسلمين الماسّة إليه في الفتوح والحروب والغزوات لاستنهاض الهمم وجمع النفوس على وحدة الهدف وإنزال الخوف والرعب في قلوب الأعداء . - -ومن هنا ارتقت مكانة الخطابة وحملت رونقاً دينياً ،إذ لم يكن في الإسلام والقرآن ما يُنفرّ منها كما جاء في وصف القرآن الكريم للشعر والشعراء : "والشعراء يتّبعهم الغاوون ألم ترَ أنّهم في كلّ وادٍ يهيمون وأنّهم يقولون مالا يفعلون ".
- -كان للقرآن الكريم الأثر الكبير في الارتقاء بالخطابة والرفع من قيمتها البلاغية واللغوية ،إذ تأثر الخطباء بلغة القرآن الكريم وأسلوبه الحكيم في العرض والتقديم ،فرصّعوا حديثهم وخطبهم من حُسن معانيه وألفاظه اللطيفة واستشهدوا بآياته في مواطن كثيرة ، كالرحمة والثواب والعقاب والتذكير والتنبيه والتحذير ، حتى لبست الخطابة من حُلل الفخامة والرزانة والوقار ما يعظُم أثره في النفوس ويرفع مستوى الأذواق ويُهذِّب الملكات .
- -أما بالنسبة للشعر ،فقد كان له عهدٌ جديد في حضرة الإسلام ورسوله الكريم ،مغايراً لما سبق فيه القول والنظم إذ كان يحمل الشعر إذكاءً لريح العصبية القبلية والتفاخر بالأحساب والأنساب وذكر لفحش القول ومافيه من شرك ووثنية ،فكان يرى النبي عليه الصلاة والسلام أنّ في الشعر تفرقة وانقسام للنفوس وتشتيت للأذهان عن الدين وفروضه وتعاليمه ، ومع ذلك فإنّه لم يُقبِّح من شأنه كُليّاً ،بل أثنى على ما يحمل منه نفحات الحكمة والخير ونصرة للحق والدين وإعلاء من همم المسلمين ،فقال عليه الصلاة والسلام للإنصار : "ما يمنع الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم " ؛فبات لقول الشعر في وجود الإسلام معانٍ أسمى وأهدافٍ أرقى وأنبل تدور في فلك تقوى الله وحبّ رسوله .
-
-أثّر القرآن على الأسلوب اللغوي والإنشائي
-
فقد أبدى المسلمين إعجاباً بالغاً للغة القرآن وألفاظه وتعابيره ،وتشرّبت أرواحهم لعمق المعاني؛ فهذّب ذلك من قريحة الكاتب وغيّر أساليبه بما يتكيف مع ظاهر القول وجديده على الساحة الإسلامية ولاسيما في ميداني الشعر والنثر . - -وانقسم التغيير إلى قسمين :
- ١). تغيير في الأسلوب : فإننا نلحظ بوناً شاسعاً وتمايزاً كبيراً إذا ما قارنّا بين أسلوب أهل الجاهلية وبين أسلوب أهل الإسلام ،وظهر ذلك جلياً في كلام الخطباء والقوّاد والأوامر والتبليغات الرسمية والسياسية المتبادلة .
٢). تغيير في الألفاظ : فقد دخلت الألفاظ ذات المحمولات الدينية وغيّرت من مسار الألفاظ وحوّلت معانيها بما يقتضيه تغيّر الحال تحت مظلة التأصيل الشرعي له ،فعلى سبيل المثال : كلمة مؤمن كانت تدلّ على الأمان أو الإيمان وهو التصديق ، أما مع وجود الإسلام فقد تحوّل معناها ليصبح نقيض الكفر ،وغير ذلك من الألفاظ التي كانت موجودة بلفظها ومن ثمّ تحوّلت وتجددت بمعناها.