اعلن هنا

حصن الثقافة ( القرويين ) بين التعريب والتغريب

حصن الثقافة ( القرويين ) بين التعريب والتغريب

  • مقدمة :


  •  الصراع الذي يدور رحاه في المغرب ، بين التعريب والتغريب ، من فوق صومعة جامع القرويين نرصد أطرافها ، بعد أن وقف الجامع والجامعة في مواجهة المشروع الإستعماري الذي كان يهدف للقضاء على الثقافة الوطنية ، وشهدت أروقته جميع القيادات التي قاومت هذا المشروع .
  • * الوقوف في وجه الإستعمار : 


  • تصدى جامع القرويين في المغرب والجامع الأزهر في مصر وجامع الزيتونة في تونس ، لمحاولة الهيمنة الثقافية الإستعمارية ، والتي كانت تهدف ليس فقط
  • لطرد المغاربة إلى الزوايا والنخيل والإبل فحسب ، بل والوصول إلى الإنسان الذي لا ثقافة له والذي يسهل احتواؤه ، وأمامهم قول ابن خلدون : ( أن المغلوب مجبول على تقليد الغالب في كل شيء ) ..
  • * ادخال المستعمر لثقافة مغايرة :


  • سعى الإستعمار الفرنسي إلى خلق ثقافة جديدة مقطوعة الصلة بالثقافة الوطنية ، فأنشأ مؤسساته التعليمية التي كانت على رأسها مدرسة الإدارة لإعداد الأطر التي يعتمد عليها ، كما سعت سلطات الحماية لإقامة ( الكلية البربرية ) لتخريج أبناء زعماء البربر ، على أمل استخلاصهم من جذورهم ، وصمدت في وجه ذلك جامعة القرويين واستمر الطلاب يتدفقون عليها لكل من يخشى على ابنه الانحراف .. ! .
  • ولكن هذه المؤسسات التعليمية الجديدة كانت بداية قیام ازدواجية ثقافية ، وأصبح من الصعب أن تلتقي وجهات نظر عالم من جامعة القرويين مع وجهة نظر معلم عصري تلقی ثقافة عربية ، وعاش المواطن العادي حيرة مدمرة .
  • * معركه الهوية في المغرب العربي :


  •  إن معركة الهوية ما زالت قائمة ، تلمحها في معركة التعريب التي ما تزال في بدايتها ، فقد تم تعريب السنوات الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية ، بسبب نقص المدرسين الأكفاء ، وبخاصة الذين يدرسون العلوم منهم ، بالإضافة إلى العقبات السياسية والإجتماعية ...
  • ومن عوارض معركة الهوية أيضاً :
  • _ المطالبة بأن تكون الإجازة يوم الجمعة بدلاً من يوم الأحد ، ومظاهر أخرى متفرقة لصراع ثقافي يشبه ذلك الصراع الذي سبق وعاشه المشرق العربي الذي يرمز إليه بالصراع بين المعممين والمطربشین ، والذي دار بين خريجي المعاهد الدينية وخريجي المدارس الحديثة ..
  • وورثت المغرب وضعاً يبرز فيه تكافؤ الضدين وأخذت تتأرجح بين ماض راسخ ومستقبل ما زالت معالمه في طيات الغيب ، وبقي عدد كبير من المثقفين تائهاً في الأرض الحرام بين ماض موروث وعصرية كاسحة .. 
  • * صيحات لتقليد الغرب :


  • وشهدت المغرب كما يحدث في كثير من أرجاء الوطن العربي ،البعض الذين ينادون تصريحاً أو تلميحاً إلى تقليد الغرب كطريق للخروج من التخلف ، بتأثير الأفكار الغربية ، وعلى أمل اختزال التطور وربح الوقت والبدء من حيث انتهى الأخرون ، وأصبح التقدم لدى هؤلاء يعادله الالتحاق بركب الغرب ، وهو المنطق الذي يصل بصاحبه إلى إبدال اللغة العربية بلغة ..
  • ويتساءل هؤلاء : 
  • ماذا يفيدنا طب ابن سینا مثلاً، وهل هو قادر على علاج مریض ؟
  • وعلى الجانب الآخر : وصلت الغيرة على استقلال البلاد ، أن طالب بعض العلماء بإغلاق الباب أمام كل ما هو قادم من الغرب والمحافظة على كل ما هو موروث ..
  • أما الإتجاه الذي يكسب كل يوم أرضاً جديدة فهو الذي يقول :
  • إذا كان قد لحق الفكر الموروث بعض من رکود ، فقد كان هذا الركود انعكاساً للظروف المحلية والعالمية التي فرضت نفسها ، ولم يكن هذا الفكر الموروث سبب التخلف وخاصة بعد أن كشفت جهود الأحياء المعاصرة لجوانب هذا الفكر المختلفة ، وأن ما حدث من ركود كان عندما دهمنا الإستعمار الأوروبي مع مدارسه الحديثة وبعثاته ووسائل إعلامه ، وزرع هذا الفكر مدارسه المختلفة المحافظة أو الليبرالية أو الماركسية ، فأدى هذا الوضع إلى ازدواجية واضحة ، تشكل عقبة أمام نمو وازدهار ( المشروع العربي ) ، ازدواجية بين المثقفين من جانب وأخرى بين الشعب والنخبة .. 
  • * الوصول لصيغة موفقة :


  • وقد توصل معظم المغاربة إلى صيغة توفيقية ، فنجدهم يتبعون الأساليب الغربية في عملهم ، وفي نفس الوقت يعيشون حياتهم الخاصة ، وداخل بيوتهم على ذات الطريقة التي ورثوها ، واستمرت الشخصية القومية عميقة الجذور ، في بلد متعلق تعلقاً شديداً بتراثه ، وظلت مكانة علماء القرويين في المحل الأول لدى المواطن المغربي وأصبح مطروحاً برنامجان يتفقان في الغاية : 
  • 1_ أحدهما : الأصالة بالمحافظة على الموروث وإقامة المشروع العربي . 
  • 2_ والثاني : الالتحاق بالغرب واللحاق بحضارته . واستمر التأرجح بين المدرستين ، وأصبح تجاهل هذه الازدواجية أول طريق الخطأ في فهم الواقع الراهن ، ولعل النظرة وحيدة الجانب التي سادت بين الفريقين ، هي سبب تلك الغربة المظلمة التي تسيطر على كل فريق تجاه الآخر ، وتمتد إلى المواطن المغربي العادي ، مما يبعد احتمالات التقارب والحوار .
  • في الختام نقول :

  •  تعيش المغرب اليوم مرحلة البحث عن صيغة تطلق خلالها إمكانيات شعبها وتأخذ بأسباب التقدم في إطار حاجتها الخاصة ، وهي مؤهلة بحكم تجربتها الطويلة في أتون الصراع ، وما يكشفه إنجازاتها وعمارتها وخزائن مکتباتها على أن تقدم تجربة خصبة ، تحقق خلالها ( المعادلة المفقودة ) ،بين الأصالة والمعاصرة . 
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.