- كما هو شائع أن لكل أمة نظام تسير على هداه ، يحدد صلاحية المسؤول ، ويبين واجباته ، ويعين أسلوب الحكم وقواعد السلطة ، كما أن لكل أمة منهجاً اجتماعياً يسود بين أفرادها ، وغالباً ما ينبع من عقيدتها ، كما لها منهاجاً اقتصادياً تختاره لنفسها ، سواء أكان من وضع أبنائها أم مستورداً من غيرها أم مجموعاً من هذا المنهج ومن ذاك فهو مزيج .
-
- المنهج والنظام في مقومات الحكم في التاريخ الإسلامي :
-
غالباً ما يختلف المنهج عن النظام ، وليس هناك من رابط يجمع بينهما ، سواء أكان من حيث الأصل أم في طريقة الوضع ، وغالباً أيضاً ما يكون كلاهما من وضع البشر ، لذا فالنظام والمنهج على حد سواء يتغيران باستمرار لأنهما وضعا وفق مصالح المشرعين وحسب أهوائهم ، فإذا ما تغير المشرعون أو تبدل الموجهون ، كان لزاماً تغيير القوانين والأنظمة والمناهج ، ومن هنا فالقوانين الوضعية متبدلة باستمرار . -
- الحكم والعقيدة في مقومات الحكم في التاريخ الإسلامي :
-
إن قوانين الحكم الوضعية لا توجد فيها أية اتصالات بينها وبين عقيدة الشعب ، فقد تحرم العقيدة الزنا لكن ليس هناك ما يمنع أصحاب السلطة من ممارسة ما حرمته العقيدة من زنا أو كذب أو غش أو قتل أو .... ويتخذون الجملة الرائجة الباطلة قاعدة لهم :« دع ما لقيصر لقيصر ومالله الله » ، ويقصدون بقيصر الحياة الاجتماعية ، ويقصدون بـ ( الله ) العبادة أو الكنيسة ، ففي الكنيسة أو المعبد يتعبد المرء ما يشاء ، وخارج الكنيسة يفعل الإنسان ما يريد . - أو يقولون : "الدين لله والوطن للجميع " ، وهي جملة باطلة ورائجة أيضاً ، ويكاد يكون معناها معنى الجملة السابقة نفسه ، تتعبد الله كما تشاء ، أما الوطن فلا علاقة له بعبادتك وتشترك ومن يعيش فيه لخدمته ـ على زعمهم - ، ويمكن للناس فيه أن يعبدوا صنماً أو عجلاً ، أو يفسدوا عقائد غيرهم بالإغراء ، والمال والشهوة ، أو يتكلموا بالكفر أو يكتبوا كفراً ، ولا يمكنك أن تفعل شيئاً باسم الحرية ، وباسم الدين لله والوطن للجميع .
-
- الأمة الإسلامية في مقومات الحكم في التاريخ الإسلامي :
-
تختلف الأمة المسلمة عن غيرها من الأمم في دستورها أو نظام حكمها ومنهجها الذي تسير عليه ، فهو منبثق من عقيدتها التي نظمت حياة الفرد والجماعة تنظيماً دقيقاً ، وبحثت كل نقطة فيها منذ أن يولد الفرد حتى ينتقل في الدنيا ، ومن خلوته بنفسه أو مع أهله أكثر القضايا تعقيداً من الحياة ، ودرست أمور الجماعة من التقاء الفرد مع أخيه حتى أصعب جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية . -
- صفات نظام الأمة الإسلامية في مقومات الحكم في التاريخ الإسلامي :
-
إن نظام الأمة المسلمة هو من عند الله ، ومعنى ذلك أنه هو : - 1- بعيد عن الأهواء والشهوات ومحاباة فرد ، أو جماعة ، أو فئة ، أو تنظيم ، أو شعب ، أو لون ، أو عنصر ...
- 2 - ثابت لا يتغير بتبدل الزمن أو البيئة .
- 3 - واحد لا اختلاف ولا تناقض فيه .
- 4 - صالح للبشر لأن :الذي خلق الخلق وفطرهم بطبيعتهم التي هم عليها ، هو الذي أنزل لهم ما يصلح لهم ، فهو الخبير بشؤونهم ، العليم بفطرتهم ، الحكيم بطبعهم الرحيم بهم ، بل لا يصلح للبشر غير ما أنزل الله ، لأنه يكون من وضع المخلوقين المختلفين بطباعهم .
- 5 - متكامل يتمم كل جانب بقية الجوانب .
- 6 - مترابط لا يمكن الفصل بين جانب وآخر ، إذ لا يمكن أن نقول : " هذا للدين وهذا للدنيا ، فالدنيا تقابلها الآخرة لا يقابلها الدين ، إذ الدين للدنيا والآخرة " .
- ولا نقول : " هذا أمر تعبدي وذاك أمر اجتماعي أو اقتصادي فكل خطوة يخطوها المؤمن نوع من العبادة إذ في الطعام عبادة مادام المرء يقصد به التقوي على طاعة الله ومرضاته " .
- 7 - إيماني : ما دام المسلم مؤمناً بالله ، ويعتقد أن القرآن من عند الله وأن ما فيه من آيات وأحكام يجب تطبيقها ، فهي لم تنزل عبثاً ولا لهواً ، ولا للتعبد في تلاوتها فقط ، وإنما للعمل بموجبها والتقيد بأحكامها ، كما يؤمن أن محمداً رسول الله ، وأن ما يقوله وما يأمر به ليس من عنده ، يقول تعالى :( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿3﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿4﴾ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ )[ النجم : 3 - 5 ] .
- هذا إيمان يقيني عند المسلم ، ومن هذا الإيمان أن تركه أو الإعراض عنه كفر ، وأن أخذ جزء وترك جزء كفر .
-
- عقيدة المسلم في مقومات الحكم في التاريخ الإسلامي :
-
- يؤمن المسلم أن :
- - العبادة ركن أساسي من الإسلام ، وليست وحدها هي الإسلام .
- - أن إقامة الحدود جزء من الحكم الإسلامي وليست وحدها هي الحكم الإسلامي .
-
- في ختام هذا الموضوع نقول :
- إن الحكم الإسلامي هو تطبيق منهج الإسلام في الإجتماع ، والاقتصاد ، والسياسة ، والصلات المسلمين خارج ديارهم ، ومع الأعداء ، وما يترتب على ذلك من نظم ، ومواثيق ، ومعاهدات ، وجهاد ، وإقامة الحدود ، وتنفيذ أسلوب الحكم ..
- وإن إقامة أي جانب مهما كان مهماً لايعني تطبيق الإسلام ، وإن إهمال أي جانب مهما كان صغيراً يعني الإخلال بالنظام والمس به ، وهذا يعني عدم تطبيق منهج الإسلام ، فالتطبيق يجب أن يكون كاملاً .
-
- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
ودمتم بكل خير.